آيات من القرآن الكريم

وَكَذَٰلِكَ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ ۚ فَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ ۖ وَمِنْ هَٰؤُلَاءِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ ۚ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الْكَافِرُونَ
ﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂ

٤٧ - وقوله: ﴿وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ﴾ أي: وكما أنزلنا الكتاب عليهم أنزلنا عليك الكتاب ﴿فَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ﴾ يعني مؤمني أهل الكتاب (١)
﴿وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ﴾ يعني مسلمي أهل مكة (٢). وقال ابن جرير: ﴿فَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ﴾ يعني: كانوا قبل عصر النبي -صلى الله عليه وسلم- من اليهود والنصارى كانوا مؤمنين بمحمد -صلى الله عليه وسلم- ﴿وَمِنْ هَؤُلَاءِ﴾ يعني: الذين محمد بين أظهرهم، من أهل الكتاب ﴿مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ﴾ وهم مؤمنو أهل الكتاب (٣). وهذا معنى قول ابن عباس في رواية عطاء (٤).
ثم قال: ﴿وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا﴾ أي: بعد المعرفة (٥) ﴿إِلَّا الْكَافِرُونَ﴾ من اليهود، وذلك أنهم عرفوا أن محمدًا نبي، والقرآنَ حق (٦)، فجحدوا وأنكروا ولم يقروا، وكفروا بذلك الجحود.
٤٨ - قوله تعالى: ﴿وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ﴾ أي: ما كنت تقرأ قبل القرآن كتابًا، أي: ما كنت قارئًا قبل الوحي ولا كاتبًا، وهو قوله: ﴿وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ﴾ أي: ولا تخط الآن بيمينك كتابًا. وكذلك صفة النبي -عليه السلام- في التوراة والإنجيل: أنه أُمِّي لا يقرأ ولا يكتب (٧).

(١) "تفسير الثعلبي" ٨/ ١٦١ ب، وزاد: عبد الله بن سلام، وأصحابه.
(٢) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٣١٧. و"تفسير الثعلبي" ٨/ ١٦١ ب.
(٣) تفسير ابن جرير ٢١/ ٤، بمعناه.
(٤) وهو قول مقاتل، "تفسير مقاتل" ٧٤ أ.
(٥) أخرج ابن جرير ٢١/ ٤، وابن أبي حاتم ٩/ ٣٠٧٠، عن قتادة. وذكره عنه الثعلبي ٨/ ١٦١ ب.
(٦) "تفسير مقاتل" ٧٤ أ.
(٧) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ١٧١، بمعناه.

صفحة رقم 539

قال مجاهد: كان أهل الكتاب يجدون في كتبهم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يخط بيمينه، ولا يقرأ كتابًا، فنزلت هذه الآية (١).
وقوله: ﴿إِذًا﴾ قال الفراء: ولو كنت تتلو ﴿لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ﴾ (٢) قال ابن عباس: لشك الكافرون (٣). قال مجاهد يعني: قريشًا (٤). وهو قول قتادة (٥). ومعنى الآية: لو كنت تكتب وتقرأ الكتب قبل الوحي إذًا لشكوا؛ وقالوا هذا شيء تعلَّمه محمد وكتبه (٦).
وقال مقاتل: يعني: كفار اليهود يقول: إذًا لشكوا فيكَ، وقالوا: إن الذي نجدُ في التوراة نعتَه هو: أمي لا يقرأ الكتاب، ولا يكتب، ولا يخطه بيمينه (٧).
وهذا هو القول؛ لأن أهل الكتاب كانوا يعرفون النبي -صلى الله عليه وسلم- بنعته وصفته حقًا يقينًا، وإنما يجحدون نبوتَه بعد اليقين، ويكفرون بالجحد، فلو كان النبي -صلى الله عليه وسلم- كاتبًا قارئًا لكان بغير النعت الذي يعرفوه، وكانوا يشكون. وأما الكفار فإنهم ما عرفوه بالنبوة، وكانوا شاكين مع كونه أميًّا، وإذا كان كذلك

(١) أخرج ابن جرير ٢١/ ٥، وابن أبي حاتم ٩/ ٣٠٧١. كلاهما بالإثبات: كان أهل الكتاب يجدون، وفي النسختين بالنفي: كان أهل الكتاب لا يجدون. والأقرب الإثبات؛ لما فيه من إقامة الحجة عليهم بما في كتبهم. والله أعلم.
(٢) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٣١٧.
(٣) "تنوير المقباس" ٣٣٦.
(٤) أخرج ابن جرير ٢١/ ٥، وابن أبي حاتم ٩/ ٣٠٧١. واقتصر على هذا القول الزجاج ٤/ ١٧١، ولم ينسبه.
(٥) ذكره عنه الماوردي، بلفظ: مشركو العرب. "النكت والعيون" ٤/ ٢٨٧.
(٦) "غريب القرآن" لابن قتيبة ٣٣٨. و"تفسير الثعلبي" ٨/ ١٦١ ب.
(٧) "تفسير مقاتل" ٧٤ أ.

صفحة رقم 540
التفسير البسيط
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي، النيسابوري، الشافعي
الناشر
عمادة البحث العلمي - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
سنة النشر
1430
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية