آيات من القرآن الكريم

وَعَادًا وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَسَاكِنِهِمْ ۖ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ
ﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓ ﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛ ﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭ

القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الآخِرَ وَلا تَعْثَوْا فِي الأرْضِ مُفْسِدِينَ (٣٦) ﴾
يقول تعالى ذكره: وأرسلت إلى مَدْين أخاهم شعيبا، فقال لهم: (يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ) وحده، وذِلُّوا له بالطاعة، واخضعوا له بالعبادة (وَارْجُوا الْيَوْمَ الآخِرَ) يقول: وارجوا بعبادتكم إياي جزاءَ اليوم الآخر، وذلك يوم القيامة (وَلا تَعْثَوْا فِي الأرْضِ مُفْسِدِينَ) يقول: ولا تكثِروا في الأرض معصية الله، ولا تقيموا عليها، ولكن توبوا إلى الله منها وأنيبوا.
وقد كان بعض أهل العلم بكلام العرب يتأوّل قوله: (وَارْجُوا الْيَوْمَ الآخِرَ) بمعنى: واخشَوا اليوم الآخر، وكان غيره من أهل العلم بالعربية يُنكر ذلك ويقول: لم نجد الرجاء بمعنى الخوف في كلام العرب إلا إذا قارنه الجَحْد.
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ (٣٧) ﴾
يقول تعالى ذكره: فكذّب أهل مَدينَ شعيبا فيما أتاهم به عن الله من الرسالة، فأخذتهم رَجْفة العَذاب (فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ) جُثوما، بعضُهم على بعض مَوْتَى.
كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة (فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ) : أي ميتين.
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَعَادًا وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَسَاكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ (٣٨) ﴾
يقول تعالى ذكره: واذكروا أيها القوم عادا وثمود، (وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَسَاكِنِهِمْ) خرابها وخلاؤُها منهم بوقائعنا بهم، وحلول سَطْوتنا بجميعهم (وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ) يقول: وحسَّن لهم الشيطان كفرهم بالله، وتكذيبَهم رسله (فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ) يقول: فردّهم بتزيينه لهم، ما زيَّن لهم من الكفر عن سبيل الله، التي هي الإيمان

صفحة رقم 34

به ورسله، وما جاءوهم به من عند ربهم (وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ) يقول: وكانوا مستبصرين في ضلالتهم، مُعْجبين بها، يحسبون أنهم على هدى وصواب، وهم على الضلال.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ) يقول: كانوا مستبصرين في دينهم.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد (وكانُوا مُسْتَبْصِرِينَ) في الضلالة.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة (وكانُوا مسْتَبْصِرِينَ) في ضلالتهم مُعْجَبين بها.
حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول، في قوله: (وكانُوا مُسْتَبْصِرينَ) يقول: في دينهم.

صفحة رقم 35
جامع البيان في تأويل آي القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد الطبري
تحقيق
أحمد شاكر
الناشر
مؤسسة الرسالة
الطبعة
الأولى، 1420 ه - 2000 م
عدد الأجزاء
24
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية