آيات من القرآن الكريم

وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ۖ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ
ﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚ

(ولقد فتنا الذين من قبلهم) أي هذه سنة الله في عباده قديمة، جارية في الأمم كلها، وأنه يختبر مؤمني هذه الأمة كما اختبر من قبلهم من الأمم كما جاء في غير موضع من قصص الأنبياء، وما وقع لهم من قومهم من المحن، وما اختبر الله به أتباعهم، ومن آمن بهم، من تلك الأمور التي نزلت بهم، فمنهم من نشر بالمنشار، ومنهم من قتل، ومنهم من ألقي في النار ومنهم من مشط بأمشاط الحديد، ما يصرفه ذلك عن دينه، وابتلي بنو إسرائيل بفرعون فكان يسومهم العذاب، والمقصود التنبيه على خطئهم في هذا الحسبان، والمعنى: أحسبوا ذلك؟ وقد علموا أنه خلاف سنة الله، ولن تجد لسنة الله تحويلاً.
(فليعلمن الله الذين صدقوا) في قولهم: آمنا، علم مشاهدة (وليعلمن الكاذبين) منهم في ذلك، أي ليظهر الله الصادق والكاذب في قولهم، ويميز بينهم، وقرئ بضم الياء وكسر اللام، والمعنى أنه يعلم

صفحة رقم 165

الطائفتين في الآخرة بمنازلهم، أو يعلم الناس بصدق من صدق، ويفضح الكاذبين بكذبهم، أو يضع لكل طائفة علامة تشتهر بها وتتميز عن غيرها. وقيل: إن علم صفة يظهر فيها كل ما يقع، وما هو واقع، إلا أن قبل التكليف يعلم أن زيداً مثلاً سيطيع وعمراً سيعصي، ثم بعد التكليف يعلم أنه مطيع، والآخر عاص، ولا يتغير علمه في شيء من الأحوال، وإنما المتغير هو المعلوم، وأتى بصيغة الفعل في (صدقوا) وباسم الفاعل في (الكاذبين). لأن اسم الفاعل يدل على ثبوت المصدر في الفاعل، ورسوخه فيه، والفعل الماضي لا يدل عليه لأن وقت نزول الآية كانت الحكاية عن قوم قريبي العهد بالإسلام، وعن قوم مستمرين على الكفر، فعبر في حق الأولين بلفظ الفعل، وفي حق الآخرين بالصيغة الدالة على الثبات: قاله زاده.

صفحة رقم 166
فتح البيان في مقاصد القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الطيب محمد صديق خان بن حسن بن علي ابن لطف الله الحسيني البخاري القِنَّوجي
راجعه
عبد الله بن إبراهيم الأنصاري
الناشر
المَكتبة العصريَّة للطبَاعة والنّشْر
سنة النشر
1412
عدد الأجزاء
15
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية