آيات من القرآن الكريم

فَخَرَجَ عَلَىٰ قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ ۖ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ
ﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄ ﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖ ﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨ

[سورة القصص (٢٨) : آية ٧٩]

فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا يا لَيْتَ لَنا مِثْلَ ما أُوتِيَ قارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (٧٩)
فِي زِينَتِهِ قال الحسن: في الحمرة والصفرة. وقيل: خرج على بغلة شهباء عليها الأرجوان «١» وعليها سرج من ذهب، ومعه أربعة آلاف على زيه. وقيل: عليهم وعلى خيولهم الديباج الأحمر، وعن يمينه ثلاثمائة غلام، وعن يساره ثلاثمائة جارية، بيض عليهنّ الحلي والديباج. وقيل في تسعين ألفا عليهم المعصفرات، وهو أوّل يوم رئي فيه المعصفر: كان المتمنون قوما مسلمين وإنما تمنوه على سبيل الرغبة في اليسار والاستغناء كما هو عادة البشر. وعن قتادة: تمنوه ليتقربوا به إلى الله وينفقوه في سبل الخير. وقيل: كانوا قوما كفارا. الغابط: هو الذي يتمنى مثل نعمة صاحبه من غير أن تزول عنه. والحاسد: هو الذي يتمنى أن تكون نعمة صاحبه له دونه فمن الغبطة قوله تعالى يا لَيْتَ لَنا مِثْلَ ما أُوتِيَ قارُونُ ومن الحسد قوله وَلا تَتَمَنَّوْا ما فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ وقيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: هل يضر الغبط؟ فقال «٢» :
«لا إلا كما يضر العضاه الخبط «٣» » والحظ: الجدّ، وهو البخت والدولة: وصفوه بأنه رجل مجدود مبخوت، يقال: فلان ذو حظ، وحظيظ، ومحظوظ، وما الدنيا إلا أحاظ وجدود.
[سورة القصص (٢٨) : الآيات ٨٠ الى ٨١]
وَقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً وَلا يُلَقَّاها إِلاَّ الصَّابِرُونَ (٨٠) فَخَسَفْنا بِهِ وَبِدارِهِ الْأَرْضَ فَما كانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَما كانَ مِنَ المُنْتَصِرِينَ (٨١)
ويلك: أصله الدعاء بالهلاك، ثم استعمل في الزجر والردع والبعث على ترك ما لا يرتضى، كما استعمل: لا أبا لك. وأصله الدعاء على الرجل بالإقراف «٤» في الحث على الفعل. والراجع
(١). قوله «بغلة شهباء عليها الأرجوان» في الصحاح: قطيفة حمراء أرجوان. وفيه أيضا: الأرجوان صبغ أحمر شديد الحمرة، ويقال: هو بالفارسية أرغوان، وهو شجر له نور أحمر أحسن ما يكون. (ع)
(٢). ذكره ثابت السر قسطي في الغريب هكذا بغير إسناد. وأخرجه إبراهيم الحربي في الغريب من طريق ابن أبى حسين «أن سائلا سأل النبي ﷺ أيضر الناس الغبط؟ قال: نعم كما يضر العضاه الخبط» بهذا اللفظ أخرجه الطبراني من رواية أم الدرداء قالت: قلت يا رسول الله. فذكره، لكن قال «الشجر» بدل العضاه.
قال الحربي الغبط إرادة السعة. وقال ثابت: الغبط الحسد.
(٣). قوله «إلا كما يضر العضاه الخبط» في الصحاح «العضاه» : كل شجر يعظم وله شوك. وفيه «الخبط» :
ضرب الشجرة بالعصا ليسقط ورقها. (ع)
(٤). قوله «الدعاء على الرجل بالإقراف» أى بفساد الأب. أفاده الصحاح. (ع)

صفحة رقم 432

في وَلا يُلَقَّاها للكلمة التي تكلم بها العلماء، أو للثواب، لأنه في معنى المثوبة أو الجنة، أو للسيرة والطريقة، وهي الإيمان والعمل الصالح الصَّابِرُونَ على الطاعات وعن الشهوات وعلى ما قسم الله من القليل عن الكثير. كان قارون يؤذى نبى الله موسى عليه السلام كل وقت، وهو يداريه للقرابة التي بينهما، حتى نزلت الزكاة فصالحه عن كل ألف دينار على دينار، وعن كل ألف درهم على درهم، فحسبه فاستكثره فشحت به نفسه، فجمع بنى إسرائيل وقال: إنّ موسى أرادكم على كل شيء، وهو يريد أن يأخذ أموالكم، فقالوا: أنت كبيرنا وسيدنا، فمر بما شئت، قال:
نبرطل فلانة البغىّ حتى ترميه بنفسها فيرفضه بنو إسرائيل، فجعل لها ألف دينار. وقيل: طستا من ذهب. وقيل: طستا من ذهب مملوءة ذهبا. وقيل: حكمها فلما كان يوم عيد قام موسى فقال:
يا بنى إسرائيل، من سرق قطعناه، ومن افترى جلدناه، ومن زنى وهو غير محصن جلدناه، وإن أحصن رجمناه، فقال قارون: وإن كنت أنت؟ قال: وإن كنت أنا، قال: فإنّ بنى إسرائيل يزعمون أنك فجرت بفلانة، فأحضرت، فناشدها موسى بالذي فلق البحر، وأنزل التوراة أن تصدق، فتداركها الله فقالت: كذبوا، بل جعل لي قارون جعلا على أن أقذفك لنفسي، فخرّ موسى ساجدا يبكى وقال: يا رب، إن كنت رسولك فاغضب لي. فأوحى إليه:
أن مر الأرض بما شئت، فإنها مطيعة لك. فقال: يا بنى إسرائيل، إنّ الله بعثني إلى قارون كما بعثني إلى فرعون، فمن كان معه فليلزم مكانه، ومن كان معنى فليعتزل، فاعتزلوا جميعا غير رجلين ثم قال: يا أرض خذيهم، فأخذتهم إلى الركب، ثم قال: خذيهم، فأخذتهم إلى الأوساط، ثم قال: خذيهم، فأخذتهم إلى الأعناق، وقارون وأصحابه يتضرعون إلى موسى عليه السلام ويناشدونه بالله والرحم، وموسى لا يلتفت اليهم لشدّة غضبه، ثم قال: خذيهم، فانطبقت عليهم «١». وأوحى الله إلى موسى: ما أفظك: استغاثوا بك مرارا فلم ترحمهم، أما وعزتي لو إياى دعوا مرة واحدة لوجدوني قريبا مجيبا، فأصبحت بنو إسرائيل يتناجون بينهم: إنما دعا موسى على قارون ليستبد بداره وكنوزه، فدعا الله حتى خسف بداره وأمواله مِنَ المُنْتَصِرِينَ من المنتقمين من موسى عليه السلام، أو من الممتنعين من عذاب الله. يقال: نصره من عدوه فانتصر، أى: منعه منه فامتنع.

(١). أخرجه عبد الرزاق والطبراني. من رواية على بن زيد عن عبد الله بن الحارث بن نوفل الهاشمي. قال، فذكره موقوفا. ووصله الحاكم بذكر ابن عباس. قال «لما أتى موسى قومه أمرهم بالزكاة فجمعهم قارون. فذكره باختصار. قوله وفي الأخبار والآثار ما يدل عليه، يعنى وقوع الرعب في قلوب جميع الناس يوم الموقف يمكن أن يستدل له بحديث الشفاعة الطويل. ففي المتفق عليه عن أبى هريرة في حديث الشفاعة قال «يجمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد فيبصرهم الناظر ويسمعهم الداعي وتدنو منهم الشمس، فيبلغ الناس من الغم والكرب ما لا يطيقون ولا يحتملون. وفيه قول آدم وغيره: نفسي نفسي» وانفقا عليه من حديث أنس كذلك

صفحة رقم 433
الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل
عرض الكتاب
المؤلف
محمود بن عمر بن محمد بن أحمد الخوارزمي الزمخشريّ، جار الله، أبو القاسم
الناشر
دار الكتاب العربي - بيروت
الطبعة
الثالثة - 1407 ه
عدد الأجزاء
4
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية