
يعني من البطر والأشر. وقال ابن قتيبة وغيره: أراد: لا تأشر؛ لأن السرور غير مكروه (١).
وهذا نحو قوله: ﴿إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ﴾ (٢) [هود: ١٠] وقد مر (٣).
﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ﴾ يعني: الأشرين البطرين، الذين لا يشكرون الله على ما أعطاهم. قاله مجاهد ومقاتل (٤).
وقال عطاء عن ابن عباس: يريد: المستهزئين (٥). وهو معنى وليس بتفسيرة وذلك أن الاستهزاء من علامات البطر.
٧٧ - وقال أبو إسحاق: أراد لا تفرح بكثرة المال في الدنيا، لأن الذي يفرح بالمال يصرفه في غير أمر الآخرة. والدليل على أنهم أرادوا لا تفرح بالمال في الدنيا، قوله تعالى: ﴿وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ﴾ (٦) واطلب فيما أعطاك الله من المال (٧) والخير والنعمة والسعة:
(٢) "تفسير الثعلبي" ٨/ ١٥١ ب.
(٣) قال الواحدي في تفسير هذه الآية: قال ابن عباس: يفاخر أوليائي بما وسعت عليه. وهذا بيان عما يوجبه بطر النعمة من تناسي حالة الشدة، وترك الاعتراف بنعمة الله وحمده على ما صرف عنه من الضر مع المرح والتكبر على عباد الله.
(٤) أخرجه ابن جرير ٢٠/ ١١١، وابن أبي حاتم ٩/ ٣٠٠٩، عن مجاهد، و"تفسير مقاتل" ٦٨ ب. و"تفسير الثعلبي" ٨/ ١٥٢ أ، ولم ينسبه.
(٥) ذكر البخاري عن ابن عباس، معلقًا بصغية الجزم: ﴿الْفَرِحِينَ﴾ المرحين. "فتح الباري" ٨/ ٥٠٦. وكذا أخرجه ابن جرير ٢٠/ ١١١، وابن أبي حاتم ٩/ ٣٠١٠، ولم أجد فيهما الرواية التي ذكرها الواحدي.
(٦) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ١٥٥.
(٧) في نسخة (أ): الأموال. والمناسب الإفراد؛ لإفراد ما بعده.

الجنة. قاله ابن عباس ومقاتل (١).
والمعنى: اطلب فيما أنعم الله به عليك الجنة، وهو: أن يشكر الله، وينفق مما أوتي في رضا الله، يدل عليه قوله: ﴿وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا﴾ قال ابن عباس في رواية عطاء: يريد: العمل لله فيها بما يحب ويرضى.
وقال في رواية الأعمش: أي: تعمل فيها لآخرتك (٢).
وهو قول مقاتل ومجاهد وابن زيد؛ قالوا: لا تترك أن تعمل لآخرتك (٣)؛ لأن حقيقة نصيب الإنسان من الدنيا الذي يعمل به لآخرته (٤). ونحو هذا روى الوالبي عن ابن عباس (٥). وهو معنى ما روي عن علي: لا تنس صحتك وشبابك وغناك أن تطلب بها الآخرة (٦).
وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: العمل بطاعة الله نصيبه من الدنيا، الذي يثاب عليه في الآخرة (٧).
وقال قتادة: لا تنس الحلال من الدنيا؛ ابتغ الحلال (٨). والمعنى على
(٢) أخرجه ابن جرير ٢٠/ ١١٢، وابن أبي حاتم ٩/ ٣٠١٠، من طريق الأعمش.
(٣) أخرجه ابن جرير ٢٠/ ١١٢، وابن أبي حاتم ٩/ ٣٠١٠، عن مجاهد وابن زيد. وذكره عنهما الثعلبي ٨/ ١٥٢ أ. و"تفسير مقاتل" ٦٩ أ.
(٤) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ١٥٥.
(٥) ذكره الثعلبي ٨/ ١٥٢ أ، من طريق الوالبي، علي بن أبي طلحة.
(٦) ذكره عنه الثعلبي ٨/ ١٥٢ أ.
(٧) أخرجه ابن جرير ٢٠/ ١١٢، وابن أبي حاتم ٩/ ٣٠١٠، عن مجاهد من طريق ابن أبي نجيح.
(٨) أخرجه ابن جرير ٢٠/ ١١٣، وابن أبي حاتم ٩/ ٣٠١١.