آيات من القرآن الكريم

قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَٰهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ ۖ أَفَلَا تَسْمَعُونَ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤ ﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻ ﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉ ﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒ ﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤ ﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦ ﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅ

(١٠٨٠) وقال مقاتل: نزلت في الوليد بن المغيرة حين قال: لَوْلا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ «١».
والمعنى أنَّه لا تُبْعَث الرسل باختيارهم. قال الزّجّاج: والوقف الجيد على قوله تعالى: «ويختار» وتكون «ما» نفياً والمعنى: ليس لهم أن يختاروا على الله تعالى ويجوز أن تكون «ما» بمعنى «الذي»، فيكون المعنى: ويختار الذي لهم فيه الخِيَرة ممَّا يتعبَّدهم به ويدعوهم إِليه قال الفراء: والعرب تقول لِمَا تختاره: أعطِني الخِيْرَة والخِيَرة والخَيْرة، قال ثعلب: كلها لغات.
قوله تعالى: ما تُكِنُّ صُدُورُهُمْ أي: ما تُخفي من الكفر والعداوة وَما يُعْلِنُونَ بألسنتهم. قوله تعالى: لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولى وَالْآخِرَةِ أي: يَحْمَدُه أولياؤُه في الدنيا ويَحْمَدونه في الجنة وَلَهُ الْحُكْمُ وهو الفصل بين الخلائق. والسّرمد: الدّائم.
[سورة القصص (٢٨) : الآيات ٧١ الى ٧٥]
قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِياءٍ أَفَلا تَسْمَعُونَ (٧١) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهارَ سَرْمَداً إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلا تُبْصِرُونَ (٧٢) وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٧٣) وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (٧٤) وَنَزَعْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً فَقُلْنا هاتُوا بُرْهانَكُمْ فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ (٧٥)
قوله تعالى: أَفَلا تَسْمَعُونَ أي: سماع فَهْم وقَبول فتستدلُّوا بذلك على وحدانية الله تعالى؟! ومعنى تَسْكُنُونَ فِيهِ: تستريحون من الحركة والنَّصَب أَفَلا تُبْصِرُونَ ما أنتم عليه من الخطأ والضلالة؟! ثم أخبر أن اللَّيل والنهار رحمة منه. وقوله تعالى: لِتَسْكُنُوا فِيهِ يعني في الليل وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ أي: لتلتمسوا من رزقه بالمعاش في النهار وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ الذي أنْعَم عليكم بهما.
قوله تعالى: وَنَزَعْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً أي: أخرْجنا من كل أُمَّة رسولها الذي يشهد عليها بالتبليغ فَقُلْنا هاتُوا بُرْهانَكُمْ أي: حُجَّتكم على ما كنتم تعبُدون من دوني فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ أي: عَلِموا أنَّه لا إِله إِلا هو وَضَلَّ عَنْهُمْ أي: بَطَل في الآخرة ما كانُوا يَفْتَرُونَ في الدنيا من الشّركاء.
[سورة القصص (٢٨) : الآيات ٧٦ الى ٧٧]
إِنَّ قارُونَ كانَ مِنْ قَوْمِ مُوسى فَبَغى عَلَيْهِمْ وَآتَيْناهُ مِنَ الْكُنُوزِ ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ (٧٦) وَابْتَغِ فِيما آتاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا وَأَحْسِنْ كَما أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (٧٧)

ذكره الواحدي في «أسباب النزول» ٦٦٥ بدون إسناد، بقوله: قال أهل التفسير.
__________
(١) الزخرف: ٣١.

صفحة رقم 391

قوله تعالى: إِنَّ قارُونَ كانَ مِنْ قَوْمِ مُوسى أي: من عشيرته وفي نسبه إِلى موسى ثلاثة أقوال «١» : أحدها: أنه كان ابن عمه، رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس، وبه قال عبد الله بن الحارث، وإِبراهيم، وابن جريج. والثاني: ابن خالته، رواه عطاء عن ابن عباس. والثالث: أنه كان عمَّ موسى، قاله ابن إِسحاق. قال الزجاج: «قارون» اسم أعجمي لا ينصرف، ولو كان «فاعولاً» من العربية من «قرنتُ الشيء» لانصرف.
قوله تعالى: فَبَغى عَلَيْهِمْ فيه خمسة أقوال: أحدها: أنه جعل لِبَغِيٍّ جُعْلاً على أن تقذف موسى بنفسها، ففعلت، فاستحلفها موسى على ما قالت، فأخبرته بقصتها، فكان هذا بغيه، قاله ابن عباس.
والثاني: أنه بغى بالكفر بالله تعالى، قاله الضحاك. والثالث: بالكِبْر، قاله قتادة. والرابع: أنه زاد في طول ثيابه شِبراً، قاله عطاء الخراساني، وشهر بن حوشب. والخامس: أنه كان يخدم فرعون فتعدَّى على بني إِسرائيل وظلمهم، حكاه الماوردي.
وفي المراد بمفاتحه قولان: أحدهما: أنها مفاتيح الخزائن التي تفتح بها الأبواب، قاله مجاهد، وقتادة. وروى الأعمش عن خيثمة قال: كانت مفاتيح قارون وِقْر ستين بغلاً، وكانت من جلود، كل مفتاح مثل الأصبع. والثاني: أنها خزائنه، قاله السدي، وأبو صالح، والضحاك. قال الزجاج: وهذا الأشبه أن تكون مفاتحه خزائن ماله وإِلى نحو هذا ذهب ابن قتيبة. قال أبو صالح: كانت خزائنه تُحمل على أربعين بغلاً.
قوله تعالى: لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أي: تُثقلهم وتُميلهم. ومعنى الكلام: لَتُنِيءُ العصبةَ، فلمَّا دخلت الباءُ في «العُصْبة» انفتحت التاء، كما تقول: هذا يَذْهَبُ بالأبصارِ، وهذا يُذْهِبُ الأبصارَ، وهذا اختيار الفراء وابن قتيبة والزجَّاج في آخرين. وقال بعضهم: هذا من المقلوب، وتقديره: ما إِن العُصْبة لَتَنُوء بمفاتحه، كما يقال: إِنها لَتَنُوء بها عجيزُتها، أي: هي تَنْوء بعجيزتها، وأنشدوا:

فَدَيْتُ بِنَفْسِهِ نَفِسْي ومَالي ومَا آلُوكَ إِلاَّ مَا أُطِيقُ
أي: فديت بنفسي وبمالي نفسه، وهذا اختيار أبي عبيدة، والأخفش. وقد بيَّنَّا معنى العُصْبة في سورة يوسف «٢»، وفي المراد بها ها هنا ستة أقوال: أحدها: أربعون رجلاً، رواه العوفي عن ابن عباس. والثاني: ما بين الثلاثة إِلى العشرة، رواه الضحاك عن ابن عباس. والثالث: خمسة عشر، قاله مجاهد. والرابع: فوق العشرة إِلى الأربعين، قاله قتادة. والخامس: سبعون رجلاً، قاله أبو صالح.
والسادس: ما بين الخمسة عشر إِلى الأربعين، حكاه الزجاج.
قوله تعالى: إِذْ قالَ لَهُ قَوْمُهُ في القائل له قولان: أحدهما: أنهم المؤمنون من قومه، قاله السدي. والثاني: أنه قول موسى له، حكاه الماوردي.
قوله تعالى: لا تَفْرَحْ قال ابن قتيبة: المعنى: لا تأشَرْ ولا تَبطَرْ، قال الشاعر:
ولستُ بِمِفْراحٍ إِذا الدَّهرُ سَرَّني ولا جازع من صرفه المتحوّل «٣»
(١) قال ابن كثير في «تفسيره» ٣/ ٤٩٢: قال ابن جرير: وأكثر أهل العلم على أنه كان ابن عمه.
(٢) يوسف: ٨.
(٣) البيت لهدبة بن خشرم العذري، وهو في «حماسة البحتري» ١٢٠.

صفحة رقم 392
زاد المسير في علم التفسير
عرض الكتاب
المؤلف
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي
تحقيق
عبد الرزاق المهدي
الناشر
دار الكتاب العربي - بيروت
سنة النشر
1422
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية