آيات من القرآن الكريم

وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ
ﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡ ﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳ ﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼ ﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑ ﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠ ﰿ ﮢﮣﮤﮥﮦﮧ ﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯ

وحق مواليه، ورجل كانت له أمة فأعتقها وتزوّجها «١» بِما صَبَرُوا يعني صبرهم على إذاية قومهم لهم لما أسلموا، ٧ أو غير ذلك من أنواع الصبر وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أي يدفعون، ويحتمل أن يريد بالسيئة ما يقال لهم من الكلام القبيح، وبالحسنة ما يجاوبون به من الكلام الحسن، أو يريد سيئات أعمالهم وحسناتها كقوله: إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ [هود: ١١٤] وَإِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ يعني ساقط الكلام لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ هذا على وجه التبري والبعد من القائلين للغو سَلامٌ عَلَيْكُمْ معناه هنا، المتاركة والمباعدة لا التحية، أو كأنه سلام الانصراف والبعد لا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ أي لا نطلبهم للجدال والمراجعة في الكلام إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ نزلت في أبي طالب إذ دعاه النبي صلّى الله عليه وسلّم أن يقول عند موته: لا إله إلا الله فقال: لولا أن يعايرني بها قريش لأقررت بها عينك ومات على الكفر، ولفظ الآية مع ذلك على عمومه وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ لفظ عام، وقيل: أراد به العباس بن عبد المطلب.
وَقالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنا القائلون لذلك قريش، وروي أن الذي قالها منهم: الحارث بن عامر بن نوفل، والهدى هو الإسلام، ومعناه الهدى على زعمك، وقيل: إنهم قالوا قد علمنا أن الذي تقول حق، ولكن إن اتبعناك تخطفتنا العرب:
أي أهلكونا بالقتال لمخالفة دينهم أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً هذا ردّ عليهم فيما اعتذروا به من تخطف الناس لهم، والمعنى أن الحرم لا تتعرض له العرب بقتال، ولا يمكن الله أحدا من إهلاك أهله، فقد كانت العرب يغير بعضهم على بعض، وأهل الحرم آمنون من ذلك يُجْبى إِلَيْهِ ثَمَراتُ كُلِّ شَيْءٍ أي تجلب إليه الأرزاق مع أنه واد غير ذي زرع بَطِرَتْ مَعِيشَتَها معنى بطرت طغت وسفهت، ومعيشتها: نصب على التفسير مثل: سفه نفسه، أو على إسقاط حرف الجرّ تقديره: بطرت في معيشتها أو يتضمن معنى بطرت:
كفرت إِلَّا قَلِيلًا يعني: قليلا من السكنى، أو قليلا من الساكنين: أي لم يسكنها بعد إهلاكها إلا مارّا على الطريق ساعة.
وَما كانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّها رَسُولًا أم القرى مكة لأنها أول ما

(١). رواه المناوي في التيسير بألفاظ مقاربة وعزاه للشيخين وأحمد والترمذي والنسائي عن أبي موسى الأشعري.

صفحة رقم 116

خلق الله في الأرض، ولأن فيها بيت الله، والمعنى أن الله أقام الحجة على أهل القرى بأن بعث سيدنا محمدا صلّى الله عليه وسلّم في أم القرى، فإن كفروا أهلكهم بظلمهم بعد البيان لهم، وإقامة الحجة عليهم وَما أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ الآية: تحقير للدنيا وتزهيد فيها وترغيب في الآخرة أَفَمَنْ وَعَدْناهُ الآية: إيضاح لما قبلها من البون بين الدنيا والآخرة، والمراد بمن وعدناه للمؤمنين، وبمن متعناه الكافرين، وقيل: سيدنا محمدا صلى الله عليه وآله وسلم وأبو جهل، وقيل حمزة وأبو جهل، والعموم أحسن لفظا، ومعنى من المحضرين أي من المحضرين في العذاب وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ العامل في الظرف مضمر، وفاعل ينادي: الله تعالى، ويحتمل أن يكون نداؤه بواسطة أو بغير واسطة، والمفعول به المشركون أَيْنَ شُرَكائِيَ توبيخ للمشركين ونسبهم إلى نفسه على زعمهم، ولذلك قال: الذين كنتم تزعمون، فحذف المفعول وتقديره: تزعمون أنهم شركاء لي أو تزعمون أنهم شفعاء لكم.
قالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ رَبَّنا هؤُلاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنا معنى حق عليهم القول: وجب عليهم العذاب، والمراد بذلك رؤساء المشركين وكبراؤهم، والإشارة بقولهم: هؤلاء الذين أغوينا: إلى أتباعهم من الضعفاء، فإن قيل: كيف الجمع بين قولهم أغوينا وبين قولهم: تبرأنا إليك، فإنهم اعترفوا بإغوائهم، وتبرأوا مع ذلك منهم؟ فالجواب أن إغواءهم لهم هو أمرهم لهم بالشرك، والمعنى أنا حملناهم على الشرك كما حملنا أنفسنا عليه، ولكن لم يكونوا يعبدوننا إنما كانوا يعبدون غيرنا، من الأصنام وغيرها فتبرأنا إليك من عبادتهم لنا، فتحصل من كلام هؤلاء الرؤساء أنهم اعترفوا أنهم أغووا الضعفاء، وتبرأوا من أن يكونوا هم آلهتهم فلا تناقض في الكلام، وقد قيل في معنى الآية غير هذا مما هو تكلف بعيد لَوْ أَنَّهُمْ كانُوا يَهْتَدُونَ فيه أربعة أوجه: الأول أن المعنى لو أنهم كانوا يهتدون في الدنيا لم يعبدوا الأصنام، والثاني لو أنهم كانوا يهتدون لم يعذبوا والثالث لو أنهم كانوا يهتدون في الآخرة لحيلة يدفعون بها العذاب لفعلوا، فلو على هذه الأقوال حرف امتناع وجوابها محذوف، والرابع أن يكون لو للتمني: أي تمنوا لو كانوا مهتدين.
ماذا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ أي هل صدقتم المرسلين أو كذبتموهم؟ فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْباءُ يَوْمَئِذٍ عميت عبارة عن حيرتهم، والأنباء الأخبار أي أظلمت عليهم الأمور، فلم يعرفوا ما يقولون فَهُمْ لا يَتَساءَلُونَ أي لا يسأل بعضهم بعضا عن الأنباء لأنهم قد تساووا

صفحة رقم 117
التسهيل لعلوم التنزيل
عرض الكتاب
المؤلف
أبو القاسم، محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله، ابن جزي الكلبي الغرناطي
تحقيق
عبد الله الخالدي
الناشر
شركة دار الأرقم بن أبي الأرقم - بيروت
سنة النشر
1416
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية