آيات من القرآن الكريم

وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَىٰ حَتَّىٰ يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا ۚ وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَىٰ إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ
ﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂ

إِلا قَلِيلا) يقول: فتلك دور القوم الذين أهلكناهم بكفرهم بربهم، ومنازلهم لم تسكن من بعدهم إلا قليلا يقول: خربت من بعدهم، فلم يعمر منها إلا أقلها، وأكثرها خراب. ولفظ الكلام وإن كان خارجا على أن مساكنهم قد سُكِنت قليلا فإن معناه: فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم إلا قليلا منها، كما يقال: قضيت حقك إلا قليلا منه.
وقوله: (وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ) يقول: ولم يكن لما خرّبنا من مساكنهم منهم وإرث، وعادت كما كانت قبل سُكناهم فيها، لا مالك لها إلا الله، الذي له ميراث السماوات والأرض.
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ (٥٩) ﴾
يقول تعالى ذكره: (وَمَا كَانَ رَبُّكَ) يا محمد (مُهْلِكَ الْقُرَى) التي حوالي مكة في زمانك وعصرك (حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولا) يقول: حتى يبعث في مكة رسولا وهي أمّ القرى، يتلو عليهم آيات كتابنا، والرسول: محمد صلى الله عليه وسلم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة (حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولا) وأمّ القرى مكة، وبعث الله إليهم رسولا محمدا صلى الله عليه وسلم.
وقوله: (وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ) يقول: ولم نكن لنهلك قرية وهي بالله مؤمنة إنما نهلكها بظلمها أنفسها بكفرها بالله، وإنما أهلكنا أهل مكة بكفرهم بربهم وظلم أنفسهم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثنا أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ) قال: الله لم يهلك قرية بإيمان، ولكنه يهلك القرى بظلم إذا ظلم أهلها، ولو كانت قرية آمنت لم يهلكوا

صفحة رقم 603

مع من هلك، ولكنهم كذّبوا وظلموا، فبذلك أُهلكوا.

صفحة رقم 604
جامع البيان في تأويل آي القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد الطبري
تحقيق
أحمد شاكر
الناشر
مؤسسة الرسالة
الطبعة
الأولى، 1420 ه - 2000 م
عدد الأجزاء
24
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية