آيات من القرآن الكريم

أُولَٰئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ
ﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗ ﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥ ﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗ ﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠ ﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰ ﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽ

رسنده] بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ اى بما اقترفوا من الكفر والمعاصي وأسند التقديم الى الأيدي لانها أقوى ما يزال به الأعمال واكثر ما يستعان به فى الافعال فَيَقُولُوا عطف على تصيبهم داخل فى حيز لولا الامتناعية على ان مدار امتناع ما يجاب به هو امتناعه لا امتناع المعطوف عليه وانما ذكر فى حيزها للايذان بانه السبب الملجئ لهم الى قولهم رَبَّنا [اى پروردگار ما] لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا [چرا نفرستادى بسوى ما] فلولا تحضيضية بمعنى هلا رَسُولًا مؤيدا من عندك بالآيات فَنَتَّبِعَ آياتِكَ الظاهرة على يده وهو جواب لولا الثانية وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ بها وجواب لولا الاولى محذوف ثقة بدلالة الحال عليه. والمعنى لولا قولهم هذا عند إصابة عقوبة جناياتهم التي قدموها ما أرسلناك لكن لما كان قولهم ذلك محققا لا محيد عنه أرسلناك قطعا لمعاذيرهم بالكلية وإلزاما للحجة عليهم فَلَمَّا جاءَهُمُ اى اهل مكة وكفار العرب الْحَقُّ اى القرآن لقوله فى سورة الرحمن (حَتَّى جاءَهُمُ الْحَقُّ وَرَسُولٌ مُبِينٌ) مِنْ عِنْدِنا اى بامرنا ووحينا كما فى كشف الاسرار وقال ابن عباس رضى الله عنهما فلما جاءهم محمد وفيه اشارة الى انه عليه السلام انما بعث بعد وصوله الى مقام العندية واستحقاقه ان يسميه الله الحق وهو اسمه تعالى وتقدس وفيه اشارة الى كمال فنائه عن انانيته وبقائه بهوية الحق تعالى وله مسلم ان يقول انا الحق وان صدرت هذه الكلمة عن بعض متابعيه فلا غرو ان يكون من كمال صفاء مرآة قلبه فى قبول انعكاس أنوار ولاية النبوة إذا كانت محاذية لمرآة قلبه عليه السلام وكان منبع ماء هذه الحقيقة قلب محمد عليه السلام ومظهره لسان هذا القائل بتبعيته لقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة كذا فى التأويلات النجمية قالُوا تعنتا واقتراحا قال بعضهم قاله قريش بتعليم اليهود لَوْلا هلا أُوتِيَ محمد مِثْلَ ما أُوتِيَ مُوسى من الكتاب جملة لا مفرقا قال بعض الكبار احتجبوا بكفرهم عن رؤية كماليته عليه السلام والا لقالوا لولا اوتى موسى مثل ما اوتى محمد من الكمالات أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِما أُوتِيَ مُوسى مِنْ قَبْلُ اى أو لم يكفروا من قبل هذا بما اوتى موسى من الكتاب كما كفروا بهذا الحق ثم بين كيفية كفرهم فقال قالُوا هما اى ما اوتى محمد وما اوتى موسى عليهما السلام سِحْرانِ تَظاهَرا اى تعاونا بتصديق كل واحد منهما الآخر وذلك ان قريشا بعثوا رهطا منهم الى رؤساء اليهود فى عيد لهم فسألوهم عن شأنه عليه السلام فقالوا انا نجده فى التوراة بنعته وصفته فلما رجع الرهط واخبروهم بما قالت اليهود قالوا ذلك وَقالُوا إِنَّا بِكُلٍّ اى بكل واحد من الكتابين كافِرُونَ وقال بعضهم المعنى أو لم يكفر أبناء جنسهم فى الرأى والمذهب وهم القبط بما اوتى موسى من قبل القرآن قالوا ان موسى وهرون سحران اى ساحران تظاهرا وقالوا انا بكل كافرون يقول الفقير انه وان صح اسناد الكفر الى أبناء الجنس من حيث ان ملل الكفر واحدة فى الحقيقة فكفر ملة واحدة بشىء فى حكم كفر الملل الآخر به كما أسند افعال الآباء الى الأبناء من حيث رضاهم بما فعلوا لكن يلزم على هذا ان يخص ما اوتى موسى بما عدا

صفحة رقم 411

أحد من اسر الهوى بمجرد العقل فلا تكون عبادته مقبولة إذ هى مشوبة بالهوى ولا يهتدى أحد الى الله بغير هدى من الله كما ان نبينا عليه السلام مع كمال قدره فى النبوة والرسالة احتاج فى الاهتداء الى متابعة الأنبياء كما قال (أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ) ولهذا السر بعثت الأنبياء واحتاج المريد للشيخ المهتدى الى الله بهدى من الله وهو المتابعة ومنها ان الظالمين هم الذين وضعوا متابعة الهوى فى موضع متابعة الأنبياء وطلبوا الهداية من غير موضعها فاهل الهوى ظالمون قال بعضهم للانسان مع هواه ثلاث احوال. الاولى ان يغلبه الهوى فيتملكه كما قال تعالى (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ). والثانية ان يغالبه فيقهر هواه مرة ويقهره هواه اخرى وإياه قصد بمدح المجاهدين وعناه النبي عليه السلام بقوله عليه السلام (جاهدوا أهواءكم كما تجاهدون أعداءكم) والثالثة ان يغلب هواه كالانبياء عليهم السلام وصفوة الأولياء قدس الله أسرارهم وهذا المعنى قصده تعالى بقوله (وَأَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى) وقصده النبي عليه السلام بقوله (ما من أحد الا وله شيطان وان الله قد أعانني على شيطانى حتى ملكته) فان الشيطان يتسلط على الإنسان بحسب وجود الهوى فيه وينبغى للعاقل ان يكون من اهل الهدى لا من اهل الهوى وإذا عرض له أمران فلم يدر أيهما أصوب فعليه بما يكرهه لا بما يهواه ففى حمل النفس على ما تكرهه مجاهدة واكثر الخير فى الكراهية والعمل بما أشار اليه العقل السليم واللب الخالص: قال الشيخ سعدى قدس سره

هوا وهوس را نماند ستيز چوبيند سر پنجه عقل تيز
وَلَقَدْ وَصَّلْنا لَهُمُ الْقَوْلَ التوصيل مبالغة الوصل وحقيقة الوصل رفع الحائل بين الشيئين اى أكثرنا لقريش القول موصولا بعضه ببعض بان أنزلنا عليهم القرآن آية بعد آية وسورة بعد سورة حسبما تقتضيه الحكمة اى ليتصل التذكير ويكون ادعى لهم لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ فيؤمنون ويطيعون او تابعنا لهم المواعظ والزواجر وبينا لهم ما أهلكنا من القرون قرنا بعد قرن فاخبرناهم انا أهلكنا قوم نوح بكذا وقوم هود بكذا وقوم صالح بكذا لعلهم يتعظون فيخافون ان ينزل بهم ما نزل بمن قبلهم وفى التأويلات النجمية يشير الى توصيل القول فى الظاهر بتفهيم المعنى فى الباطن اى فهمناهم معنى القرآن لعلهم يتذكرون عهد الميثاق إذ آمنوا بجواب قولهم بلى وأقروا بالتوحيد ويجددون الايمان عند سماع القرآن الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ مبتدأ وهم مؤمنوا اهل الكتاب مِنْ قَبْلِهِ اى من قبل إيتاء القرآن هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ اى بالقرآن والجملة خبر المبتدأ ثم بين ما أوجب ايمانهم به بقوله وَإِذا يُتْلى اى القرآن عَلَيْهِمْ قالُوا آمَنَّا بِهِ اى بانه كلام الله تعالى إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنا اى الحق الذي كنا نعرف حقيقته: وبالفارسية [راست ودرست است فرود آمدن بنزديك آفريدگار ما] إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ اى من قبل نزوله مُسْلِمِينَ بيان لكون ايمانهم به ليس مما أحدثوه حينئذ وانما هو امر متقادم العهد لما شاهدوا ذكره فى الكتب المتقدمة وانهم على دين الإسلام قبل نزول القرآن أُولئِكَ الموصوفون بما ذكر من النعوت يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ ثوابهم فى الآخرة

صفحة رقم 413
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية