آيات من القرآن الكريم

وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ ۖ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا ۖ قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّىٰ يُصْدِرَ الرِّعَاءُ ۖ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ
ﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅ ﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔ ﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞ ﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰ ﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳ ﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆ ﰈﰉﰊﰋﰌﰍﰎﰏﰐﰑﰒ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛ ﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺ ﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊ

واسْتَوى معناه: تَكَامَلَ عَقْلُه، وذلك عند الجمهور مع الأربعين. والحكمُ: الحِكْمَةُ، والعلمُ: المَعرِفَةُ بشرعِ إبراهيمَ عليه السلام.
[سورة القصص (٢٨) : الآيات ١٥ الى ٢٤]
وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِها فَوَجَدَ فِيها رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هذا مِنْ شِيعَتِهِ وَهذا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسى فَقَضى عَلَيْهِ قالَ هذا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ (١٥) قالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (١٦) قالَ رَبِّ بِما أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ (١٧) فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خائِفاً يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ قالَ لَهُ مُوسى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ (١٨) فَلَمَّا أَنْ أَرادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُما قالَ يا مُوسى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَما قَتَلْتَ نَفْساً بِالْأَمْسِ إِنْ تُرِيدُ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ جَبَّاراً فِي الْأَرْضِ وَما تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ (١٩)
وَجاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعى قالَ يا مُوسى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ (٢٠) فَخَرَجَ مِنْها خائِفاً يَتَرَقَّبُ قالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٢١) وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقاءَ مَدْيَنَ قالَ عَسى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَواءَ السَّبِيلِ (٢٢) وَلَمَّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودانِ قالَ ما خَطْبُكُما قالَتا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعاءُ وَأَبُونا شَيْخٌ كَبِيرٌ (٢٣) فَسَقى لَهُما ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقالَ رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ (٢٤)
وقوله تعالى: وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِها.
قال السدي: كان موسى في وقتِ هذه القصةِ على رَسْمِ التعلُّقِ بفرْعَونَ، وكان يَرْكَبُ مَرَاكِبَه حتى إنه كان يُدْعَى مُوسَى بنَ فِرْعَوْنَ «١»، فركب فرعونُ يوماً وسارَ إلى مدينةٍ من مدائنِ مِصْرَ، فركبَ مُوسَى بَعْدَه ولَحِق بتلكَ المدينَةِ في وقتِ القائِلة، وهو حينُ الغَفْلَة قاله ابن عباس «٢»، وقال أيضاً: هو بين العِشَاء والعَتَمَة، وقيل غيرُ هذا «٣».
وقوله تعالى: هذا مِنْ شِيعَتِهِ أي من بني إسرائيل، وعَدُوِّهِ هم القِبْطُ، و «الوَكْزُ» : الضَّرْبُ باليدِ مجموعةً، وقرأ ابن مسعود «٤» :«فَلَكَزَهْ» والمعنى: واحد إلا أن اللَّكْزَ في اللَّحْيِ، والوَكْزَ علَى القَلْبِ، وفَقَضى عَلَيْهِ معناه: قتله مجهزا، ولم يرد

(١) أخرجه الطبريّ (١٠/ ٤٢) رقم (٢٧٢٥٢)، وذكره البغوي (٣/ ٤٣٨)، وابن عطية (٤/ ٢٨٠)، والسيوطي (٥/ ٢٣١)، وعزاه لابن جرير، وابن أبي حاتم عن السدي.
(٢) ذكره ابن عطية (٤/ ٢٨٠). [.....]
(٣) ذكره ابن عطية (٤/ ٢٨٠).
(٤) ينظر: «الشواذ» ص ١١٤، و «الكشاف» (٣/ ٤٩٨)، و «المحرر الوجيز» (٤/ ٢٨٠)، و «البحر المحيط» (٧/ ١٠٥)، و «الدر المصون» (٥/ ٣٣٥).

صفحة رقم 266

- عَلَيْهِ السلامُ- قَتَلَ القِبْطِيِّ، لَكِنْ وَافَقَتْ وَكْزَتُهُ الأجل فندم، ورأى أنّ ذلك من نزغ الشيطان في يده، ثم إن نَدَامَةَ موسى عليه السلام حَمَلَتْهُ على الخُضُوعِ لربِّه والاسْتِغْفَارِ من ذنبه، فغفر الله له ذلك، ومع ذلك لَم يَزَلْ عليه السلام يُعيد ذلك على نفسه مع علمه أَنه قَد غُفِر له، حتى إنَّهُ في القِيَامِةِ يَقُولُ: «وَقَتَلْتُ نَفْساً لَمْ أُومَرْ بقَتْلِهَا» حَسْبَمَا صَحَّ فِي حدِيثِ الشفاعة، ثم قال موسى- عليه السلام- معاهداً لربه: رَبِّ بنعمتِكَ عليّ وبسبب إحسانِك وغُفْرانِك، فأنا مُلْتَزِمٌ أَلاَّ أكون مُعِيناً للمجرمين هذا أحسن ما تأول.
وقال الطبري «١» : إنه قَسَمٌ أقسم بنعمة اللهِ عندَه.
قال ع «٢» : واحتج أهلُ الفضلِ والعلمِ بهذهِ الآيةِ في مَنْعِ خِدْمَة أهل الجَوْرِ ومَعُونَتِهم في شيء من أمورهم، ورأوا أنها تَتَنَاوَلُ ذلكَ نص عليه عطاء بن أبي رباح وغيره.
قال ابن عباس: ثم إنَّ مُوسَى- عليه السلام- مرَّ وَهُوَ بحالةِ التَّرَقُّبِ وإذا ذلك الإسرائيلي الذي قَاتَلَ القبطيَّ بالأَمسِ يُقاتِلُ آخرَ مِن القِبْطِ «٣»، وكان قَتَلُ القبطيّ قد خفي على الناس واكْتَتَم، فلما رأَى الإسرائيلي موسى، استصرخه، بمعنى صاحَ بهِ مستغيثاً فلما رأى موسى- عليه السلام- قِتَالهُ لآخرَ أعظم ذلكَ وقال له مُعَاتباً ومُؤَنِّباً: إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ وكانت إرادة موسى- عليه السلام- مع ذلك، أن ينصرَ الإسرائيلي، فلما دنا منهما، وحبس الإسرائيلي وفَزَعَ منه، وظن أنه ربما ضَرَبَه، وفزع من قوتِهِ التي رأى بالأمس، فناداه بالفضيحةِ وشهَّر أمرَ المقتُولِ، ولما اشْتَهِرَ أنَّ مُوسَى قَتَل القَتِيلَ، وكان قول الإسرائيلي يَغْلِبُ على النفُوسِ تصديقُه على موسَى، مَعَ ما كانَ لِمُوسَى مِنَ المقدِّمَاتِ أتى رأي فرعون وملئه علَى قَتْلِ مُوسَى، وغَلَبَ على نفسِ فرعون أنه المشارُ إليه بفَسَادِ المَمْلَكَةِ، فأنْفَد فيهِ مَنْ يطلُبه ويأْتي بهِ للقَتْلِ، وألْهَمَ اللهُ رَجُلاً يقالُ إنه مؤمِنٌ مِن آل فرعَونَ أو غيره، فجاء إلى موسَى وبَلَّغَهُ قبلَهُم ويَسْعى / معناه: يسرع في مشيه قاله ٥٦ ب الزجاج «٤» وغيره، وهو دون الجري، فقال: يا مُوسى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ...
الآية.
ت قال الهروي: قوله تعالى: يَأْتَمِرُونَ بِكَ أي: يؤامُرُ بعضهم بعضا في

(١) ينظر: «الطبريّ» (١٠/ ٤٦).
(٢) ينظر: «المحرر» (٤/ ٢٨١).
(٣) أخرجه الطبريّ (١٠/ ٤٧) رقم (٢٧٢٧٧)، وذكره البغوي (٣/ ٤٤٠)، وابن عطية (٤/ ٢٨١).
(٤) ينظر: «معاني القرآن» للزجاج (٤/ ١٣٨).

صفحة رقم 267

قَتلِك، وقال الأزهري: الباءُ في قوله: يَأْتَمِرُونَ بِكَ بمعنى: «في» يقال: ائتَمَرَ القومُ إذا شَاوَرَ بَعْضُهمْ بَعْضاً، انتهى. وعن أبي مجلز- واسمه لاحق بن حميد- قال: من خاف من أمير ظُلُماً فقال: رضيت بالله رَبّاً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد نبيّاً وبالقرآن حَكَماً وإماماً، نجَّاه الله منه رواه ابن أبي شيبة في «مصنفه»، انتهى من «السلاح». وتِلْقاءَ معناه نَاحِيَةَ مدين، وبينَ مِصرَ ومَدْيَنَ مسيرةَ ثَمانِيَةَ أيامٍ، وكانَ مُلْكُ مدين لغير فرعونَ، ولما خَرَجَ عليه السلام فارّاً بنفسهِ منفرداً حافياً لا شيءَ معه ولا زادَ وغيرَ عارفٍ بالطريقِ أسْنَدَ أمرَه إلى اللهِ تعالى وقال: عَسى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَواءَ السَّبِيلِ ومشى- عليه السلامُ- حتى وَرَدَ ماءَ مدينَ، وَوُرُودُهُ المَاءَ، معناه: بلُوغُه، ومدينُ: لا ينْصَرِفُ إذ هو بلدٍ معروفٌ، والأمَّة:
الجمعُ الكثيرُ، ويَسْقُونَ معناه: ماشيتهم، ومِنْ دُونِهِمُ معناه: ناحيةً إلى الجهةِ الَّتي جَاء مِنها، فَوَصَل إلى المرْأَتَيْنِ قَبْلَ وُصُولِهِ إلى الأمّة، وتَذُودانِ معناه: تَمْنعَانِ، وتَحْبِسَانِ غَنَمَهُمَا عَنِ الماءِ خوفاً من السقاة الأقوياء، وأَبُونا شَيْخٌ كَبِيرٌ، أي: لا يستطيعُ لِضَعْفِهِ أن يُبَاشِرَ أمْرَ غَنَمِه.
وقوله تعالى: فَسَقى لَهُما.
قالت فرقة: كانت آبارهم مغطاةً بحجارةٍ كبارٍ، فَعَمَدَ إلى بِئْرٍ، وكان حَجَرُهَا لاَ يرفعُه إلاَّ جَماعَة، فَرَفَعَهُ وسقى للمرأتين. فَعَنْ رَفْعِ الصَّخْرَةِ وصِفتْه إحداهُما بالقوة، وقيل:
وصفَتْه بالقوة لأنه زَحَمَ النَّاسَ وغَلَبَهُمْ عَلى المَاءِ حتى سَقَى لهما.
وقرأ الجمهور «١» «يُصْدِر الرِّعَاء» - على حَذْفِ المفعولِ- تقديرُه: مواشِيَهم، وتَولّى موسى إلى الظلّ وتعرّض لسؤال ما يطعمه بقوله: رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ ولم يُصَرِّحْ بسؤالٍ هكَذا، رَوَى جَمِيعُ المفسرينَ أنَّه طلبَ في هذا الكلامَ ما يأكلُه، قال ابن عباس: وكان قَدْ بَلَغَ به عليه السلام الجوعُ إلى أن اخْضَرَّ لونُه من أكل البَقْل، وَرُئِيَتْ خُضْرة البقْلِ في بَطْنِهِ، وإنه لأَكْرَمُ الخلقِ يومئِذٍ على الله، وفي هذا مُعْتَبَرٌ وحاكمٌ بهَوَانِ الدُّنْيا على «٢» الله تعالى، وعن معاذ بن أنس قال: قال النبي صلى الله عليه وسلّم: «من أكل طعاما، فقال:

(١) وقرأ أبو عمرو وابن عامر «حتى يصدر». وقرأ بها الحسن وأبو جعفر.
ينظر: «المحرر الوجيز» (٤/ ٢٨٣)، و «السبعة» (٤٩٢)، و «الحجة» (٥/ ٤١٢)، و «إعراب القراءات» (٢/ ١٦٩)، و «معاني القراءات» (٢٥٠)، و «العنوان» (١٤٧)، و «حجة القراءات» (٥٤٣)، و «شرح شعلة» (٥٣٣)، و «إتحاف» (٢/ ٣٤١).
(٢) أخرجه الطبريّ (١٠/ ٥٧) رقم (٢٧٣٤٢) بنحوه، وذكره البغوي (٣/ ٤٤١- ٤٤٢)، وابن عطية (٤/ ٢٨٤)، وابن كثير (٣/ ٣٨٣، ٣٨٤)، والسيوطي (٥/ ٢٣٧)، وعزاه لسعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، والضياء في «المختارة» عن ابن عباس.

صفحة رقم 268
الجواهر الحسان في تفسير القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن مخلوف الثعالبي
تحقيق
عادل أحمد عبد الموجود
الناشر
دار إحياء التراث العربي - بيروت
سنة النشر
1418
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية