
فظن الإسرائيلي أنه إياه يريده فأشهره، هذا معنى كلام السدي.
وقال ابن أبي نجيح: أراد الإسرائيلي أن يبطش بالقبطي فنهاه موسى ففرق الإسرائيلي من موسى، فقال: ﴿أَتُرِيدُ أَن تَقْتُلَنِي﴾، الآية. فسعى بها القبطي. وكذلك قال ابن عباس: إن القبطي هو الذي أفشى الخبر على موسى، ورفع الحديث إلى النبي ﷺ.
قوله تعالى: ﴿وَجَآءَ رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَا المدينة يسعى﴾،
أي جاء مخبر لموسى يخبره أن فرعون قد أمر بقتله، وأنهم يطلبونه، وذلك أن قول الإسرائيلي سمعه سامع فأمشاه فأمر فرعون بطلب موسى وقتله.
قال ابن عباس: انطلق الفرعوني الذي كان يقاتل الإسرائيلي إلى قومه فأخبرهم بما سمع من الإسرائيلي حين قال لموسى: ﴿أَتُرِيدُ أَن تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْساً بالأمس﴾ [القصص: ١٨]. فأرسل فرعون الذباحين لقتل موسى، فأخذوا الطريق الأعظم وهم لا

يخافون أن يفوتهم، فكان رجل من شيعة موسى في أقصى المدينة، فاختصر طريقاً قريباً حتى سبقهم إلى موسى، فأخبره الخبر.
قال قتادة: كان الرجل مؤمناً من آل فرعون.
وقيل: كان اسمه شمعون.
وقيل: شمعان.
وقيل: هو حزقيل مؤمن آل فرعون أنذر موسى أن أشراف آل فرعون يطلبونه، فخرج موسى إلى مدين خائف يترقب، وإنما خرج إلى مدين للنسب الذي بينهم وبينه، لأن مدين ولد إبراهيم، وموسى من بني يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم صلى الله عليهم. ومعنى يسعى: تعجل ويسرع من أقصى مدينة فرعون.
وقوله: ﴿قَالَ ياموسى إِنَّ الملأ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ﴾، أي إن قوم فرعون يتآمرون بقتلك، أي يأمر بعضهم بعضاً بذلك.
قال أبو عبيدة: يأتمرون: يتشاورون في قتلك.

وقيل: معناه: يهمون بك وكذلك قوله تعالى: ﴿وَأْتَمِرُواْ بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ﴾ [الطلاق: ٦] أي هموا به وأعزموا عليه.
ثم قال: ﴿فاخرج إِنِّي لَكَ مِنَ الناصحين﴾، أي من الناصحين في مشورتي عليك بالخروج، ﴿فَخَرَجَ مِنْهَا خَآئِفاً يَتَرَقَّبُ﴾، أي خائفاً منقتله النفس أن يقتل به، يترقب: أي ينتظر الطلب أن يدركه.
قال ابن إسحاق: خرج على وجهه خائفاً يترقب لا يدري أي وجه يسلك، وهو يقول: ﴿رَبِّ نَجِّنِي مِنَ القوم الظالمين﴾. وقال: ﴿وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَآءَ مَدْيَنَ﴾، أي ولما جعل موسى وجهه قبل مدين قاصداً إليها ﴿قَالَ عسى ربي أَن يَهْدِيَنِي سَوَآءَ / السبيل﴾، أي قصد الطريق إلى مدين، ولم يكن يعرف الطريق إلى مدين.
قال: ويروى أنه لما دعا الله بذلك، قيض له ملكاً سدده للطريق