آيات من القرآن الكريم

وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَىٰ قَالَ يَا مُوسَىٰ إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ
ﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰ ﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳ ﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆ ﰈﰉﰊﰋﰌﰍﰎﰏﰐﰑﰒ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛ ﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺ ﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊ

أي بما جعلت لي من الجاه والعز والنعمة فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً أَيْ مُعِينًا لِلْمُجْرِمِينَ أَيِ الكافرين بك، المخالفين لأمرك.
[سورة القصص (٢٨) : الآيات ١٨ الى ١٩]
فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خائِفاً يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ قالَ لَهُ مُوسى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ (١٨) فَلَمَّا أَنْ أَرادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُما قالَ يَا مُوسى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَما قَتَلْتَ نَفْساً بِالْأَمْسِ إِنْ تُرِيدُ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ جَبَّاراً فِي الْأَرْضِ وَما تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ (١٩)
يَقُولُ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا قَتَلَ ذَلِكَ الْقِبْطِيَّ إِنَّهُ أَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خائِفاً أَيْ مِنْ مَعَرَّةِ مَا فَعَلَ يَتَرَقَّبُ أَيْ يَتَلَفَّتُ وَيَتَوَقَّعُ مَا يَكُونُ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ فَمَرَّ فِي بَعْضِ الطرق، فإذا ذلك الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ عَلَى ذَلِكَ الْقِبْطِيِّ يُقَاتِلُ آخر، فلما مر عليه مُوسَى اسْتَصْرَخَهُ عَلَى الْآخَرِ، فَقَالَ لَهُ مُوسَى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ أَيْ ظَاهِرُ الْغَوَايَةِ كَثِيرُ الشر، ثم عزم موسى عَلَى الْبَطْشِ بِذَلِكَ الْقِبْطِيِّ، فَاعْتَقَدَ الْإِسْرَائِيلِيُّ لِخَوَرِهِ وَضَعْفِهِ وَذِلَّتِهِ أَنَّ مُوسَى إِنَّمَا يُرِيدُ قَصْدَهُ لَمَّا سَمِعَهُ يَقُولُ ذَلِكَ، فَقَالَ يَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ يَا مُوسى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَما قَتَلْتَ نَفْساً بِالْأَمْسِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ إِلَّا هُوَ وَمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَلَمَّا سَمِعَهَا ذَلِكَ الْقِبْطِيُّ لَقَفَهَا مِنْ فَمِهِ، ثُمَّ ذهب بها إلى باب فرعون وألقاها عنده، فعلم فرعون بِذَلِكَ، فَاشْتَدَّ حَنَقُهُ، وَعَزَمَ عَلَى قَتْلِ مُوسَى، فطلبوه فبعثوا وراءه ليحضروه لذلك.
[سورة القصص (٢٨) : آية ٢٠]
وَجاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعى قالَ يَا مُوسى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ (٢٠)
قَالَ تَعَالَى: وَجاءَ رَجُلٌ وَصَفَهُ بِالرُّجُولِيَّةِ، لِأَنَّهُ خَالَفَ الطَّرِيقَ، فَسَلَكَ طَرِيقًا أَقْرَبَ مِنْ طَرِيقِ الَّذِينَ بُعِثُوا وَرَاءَهُ، فَسَبَقَ إِلَى مُوسَى، فَقَالَ لَهُ: يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ أَيْ يَتَشَاوَرُونَ فِيكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ أَيْ مِنَ الْبَلَدِ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ.
[سورة القصص (٢٨) : الآيات ٢١ الى ٢٤]
فَخَرَجَ مِنْها خائِفاً يَتَرَقَّبُ قالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٢١) وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقاءَ مَدْيَنَ قالَ عَسى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَواءَ السَّبِيلِ (٢٢) وَلَمَّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودانِ قالَ مَا خَطْبُكُما قالَتا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعاءُ وَأَبُونا شَيْخٌ كَبِيرٌ (٢٣) فَسَقى لَهُما ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقالَ رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ (٢٤)
لما أخبره ذلك الرجل بما تملأ عَلَيْهِ فِرْعَوْنُ وَدَوْلَتُهُ فِي أَمْرِهِ، خَرَجَ مِنْ مصر وحده، ولم يألف ذلك قبله بَلْ كَانَ فِي رَفَاهِيَةٍ وَنِعْمَةٍ وَرِئَاسَةٍ فَخَرَجَ مِنْها خائِفاً يَتَرَقَّبُ أَيْ يَتَلَفَّتُ قالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ أَيْ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ، فَذَكَرُوا أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بَعَثَ إليه مَلَكًا عَلَى فَرَسٍ، فَأَرْشَدَهُ إِلَى الطَّرِيقِ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقاءَ مَدْيَنَ أَيْ أَخَذَ طَرِيقًا سَالِكًا مَهْيَعًا، فَرِحَ بِذَلِكَ قالَ عَسى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَواءَ السَّبِيلِ أي الطريق الأقوم،

صفحة رقم 203

فَفَعَلَ اللَّهُ بِهِ ذَلِكَ وَهُدَاهُ إِلَى الصِّرَاطِ المستقيم في الدنيا والآخرة، فجعله هَادِيًا مَهْدِيًّا.
وَلَمَّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ أَيْ لما وَصَلَ إِلَى مَدْيَنَ وَوَرَدَ مَاءَهَا، وَكَانَ لَهَا بئر يرده رِعَاءُ الشَّاءِ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ أَيْ جَمَاعَةً يَسْقُونَ، وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودانِ أَيْ تُكَفْكِفَانِ غَنَمَهُمَا أَنْ تَرِدَ مَعَ غَنَمِ أُولَئِكَ الرِّعَاءِ لِئَلَّا يُؤْذَيَا، فَلَمَّا رَآهُمَا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ رَقَّ لَهُمَا وَرَحِمَهُمَا قالَ مَا خَطْبُكُما؟ أَيْ مَا خَبَرُكُمَا لَا تَرِدَانِ مَعَ هَؤُلَاءِ؟ قالَتا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعاءُ أَيْ لَا يَحْصُلُ لَنَا سَقْيٌ إِلَّا بَعْدَ فَرَاغِ هَؤُلَاءِ وَأَبُونا شَيْخٌ كَبِيرٌ أَيْ فَهَذَا الْحَالُ الْمُلْجِئُ لَنَا إِلَى مَا تَرَى، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فَسَقى لَهُما.
قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَنْبَأَنَا إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ الْأَوْدِيِّ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنْ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ، وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ قَالَ: فَلَمَّا فَرَغُوا أَعَادُوا الصَّخْرَةَ عَلَى الْبِئْرِ، وَلَا يُطِيقُ رَفْعَهَا إِلَّا عَشَرَةُ رِجَالٍ، فَإِذَا هُوَ بِامْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ: مَا خَطْبُكُمَا؟ فَحَدَّثَتَاهُ، فَأَتَى الْحَجَرَ فَرَفَعَهُ، ثُمَّ لَمْ يَسْتَقِ إِلَّا ذَنُوبًا وَاحِدًا حَتَّى رَوِيَتِ الغنم، إسناد صحيح.
وقوله تعالى: ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقالَ رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: سَارَ مُوسَى مِنْ مِصْرَ إِلَى مَدْيَنَ لَيْسَ لَهُ طَعَامٌ إِلَّا الْبَقْلُ وَوَرَقُ الشجر، وكان حافيا، فما وصل إلى مدين حتى سقطت نعل قدميه، وَجَلَسَ فِي الظِّلِّ وَهُوَ صَفْوَةُ اللَّهِ مِنْ خلقه، وإن بطنه للاصق بِظَهْرِهِ مِنَ الْجُوعِ، وَإِنَّ خُضْرَةَ الْبَقْلِ لَتُرَى مِنْ دَاخِلِ جَوْفِهِ، وَإِنَّهُ لَمُحْتَاجٌ إِلَى شِقِّ تَمْرَةٍ، وَقَوْلُهُ إِلَى الظِّلِّ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَالسُّدِّيُّ: جَلَسَ تَحْتَ شَجَرَةٍ.
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ «١» : حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَمْرٍو الْعَنْقَزِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ- هُوَ ابْنُ مَسْعُودٍ- قَالَ: حَثَثْتُ عَلَى جَمَلٍ لَيْلَتَيْنِ حَتَّى صَبَّحْتُ مَدْيَنَ، فَسَأَلْتُ عَنِ الشَّجَرَةِ التي أوى إليها موسى، فإذا هي شَجَرَةٌ خَضْرَاءُ تَرِفُّ، فَأَهْوَى إِلَيْهَا جَمَلِي وَكَانَ جَائِعًا فَأَخَذَهَا جَمَلِي فَعَالَجَهَا سَاعَةً ثُمَّ لَفِظَهَا، فَدَعَوْتُ اللَّهَ لِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ ثُمَّ انْصَرَفْتُ. وَفِي رِوَايَةٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ ذَهَبَ إلى الشجرة التي كلم الله منها موسى، كما سيأتي إن شاء الله، فالله أعلم. وقال السدي، كانت الشجرة مِنْ شَجَرِ السَّمُرِ.
وَقَالَ عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ لَمَّا قَالَ مُوسَى رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ أسمع المرأة «٢».

(١) تفسير الطبري ١٠/ ٥٦، ٥٧.
(٢) انظر تفسير الطبري ١٠/ ٥٧.

صفحة رقم 204
تفسير القرآن العظيم
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي
تحقيق
محمد حسين شمس الدين
الناشر
دار الكتب العلمية، منشورات محمد علي بيضون - بيروت
الطبعة
الأولى - 1419 ه
عدد الأجزاء
1
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية