آيات من القرآن الكريم

۞ وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ
ﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕ ﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡ ﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯ ﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙ ﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪ

وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بِمَا ظَلَمُوا فَهُمْ لا يَنْطِقُونَ (٨٥) أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِراً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٨٦)
شرح الكلمات:
وقع القول عليهم: أي حق عليهم العذاب.
دابة من الأرض: حيوان يدب على الأرض لم يرد وصفها في حديث صحيح يعول عليه ويقال به (١).
تكلم الناس: بلسان يفهمونه لأنها آية من الآيات.
أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون: أي بسب أن الناس أصبحوا لا يؤمنو بآيات الله وشرائعه أي كفروا فيبلون بهذه الدابة.
ويوم نحشر: أي اذكر يوم نحشر أي نجمع.
من كل أمة فوجا: أي طائفة وهم الرؤساء المتبوعون في الدنيا.
فهم يوزعون: أي يجمعون برد أولهم على آخرهم.
حتى إذا جاءوا: أي الموقف مكان الحساب.
وقع القول عليهم: أي حق عليهم العذاب.
بما ظلموا: أي بسبب الظلم الذي هو شركهم بالله تعالى.
فهم لا ينطقون: أي لا حجة لهم.
والنهار مبصرا: أي يبصر فيه من أجل التصرف في الأعمال.
معنى الآيات:
قوله تعالى ﴿وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ﴾ أي حق العذاب على الكافرين حيث لم يبق في

١- مثل تلك الأحاديث: حديث حذافة ونصه: كما رواه أبو داود الطيالسي قال: (ذكر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدابة فقال لها ثلاث خرجات من الدهر فتخرج في أقصى البادية ولا يدخل ذكرها القرية - مكة- ثم تكمن زمانا ثم تخرج خرجة أخرى دون ذلك فيفشوا ذكرها في البادية ويدخل ذكرها القرية يعني مكة. قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثم بينا الناس في أعظم المساجد على الله حرمة خيرها وأكرمها على الله المسجد الحرام لم يرعهم إلا وهي ترغو بين الركن والمقام تنفض عن رأسها التراب فارفض الناس منها شتى ومعاً وثبتت عصابة من المؤمنين وعرفوا أنهم لن يعجزوا الله فبدأت بهم فجلت وجوهم حتى جعلتها كأنها الكوكب الدري، وولت في الأرض لا يدركها طالب ولا ينجو منها هارب حتى إن الرجل ليعوذ منها بالصلاة فتأتيه من خلفه فتقول: يا فلان الآن تصلى فتقبل عليه فتسمُه في وجهه ثم تنطلق فتميّز الكافر من المؤمن).

صفحة رقم 44

الأرض من يأمر بمعروف ولا من ينهى عن منكر ﴿أَخْرَجْنَا لَهُمْ﴾ لفتنتهم ﴿دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ﴾ أي حيوان أرضي ليس بسماوي ﴿تُكَلِّمُهُمْ﴾ أي بلسان يفهمونه، ﴿أَنَّ النَّاسَ (١) كَانُوا بِآياتِنَا لا يُوقِنُونَ﴾ هذه علة تكليمهم وهي بأن الناس كفروا وما أصبحو يوقنون بآيات الله وشرائعه فيخرج الله تعالى هذه الدابة لِحِكَمٍ منها: أن بها يتميز المؤمن من الكافر. وقوله تعالى: ﴿وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً﴾ أي واذكر يا رسولنا ﴿يَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ﴾ من الأمم البشرية ﴿فَوْجاً﴾ أي جماعة ﴿مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ﴾ بأن يرد أولهم على آخرهم لينتظم سيرهم ﴿حَتَّى إِذَا جَاءُوا﴾ الموقف موضع الحساب يقول الله تعالى لهم: ﴿أَكَذَّبْتُمْ بِآياتِي﴾ وما اشتملت عليه من أدلة وحجج وشرائع وأحكام ﴿وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْماً﴾، وهذا تقريع لهم وتوبيخ. إذ كون الإنسان لم يحط علما بشيء لا يجوز له أن يكذب به لمجرد أنه ما عرفه. وقوله: ﴿أَمَّاذَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ أي ما الذي كنتم تعملون في آياتي من تصديق وتكذيب. قال تعالى: ﴿وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ﴾ أي وجب العذاب ﴿بِمَا ظَلَمُوا﴾ أي بسبب ظلمهم (٢) ﴿فَهُمْ لا يَنْطِقُونَ﴾. أي بعجزهم عن الدفاع عن أنفسهم لأنهم ظَلَمةٌ مشركون. وقوله تعالى: ﴿أَلَمْ (٣) يَرَوْا﴾ أي ألم يبصر أولئك المشركون المكذبون بالبعث والجزاء أن الله تعالى جعل ﴿اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ﴾ وسكونهم هو موتهم على فرشهم بالنوم فيه ﴿وَالنَّهَارَ﴾ أي وجعل ﴿النَّهَارَ مُبْصِراً﴾ أي يبصر فيه لينصرفوا فيه بالعمل لحياتهم، فنوم الليل شبيه بالموت وانبعاث النهار شبيه بالحياة، فهي عملية موت وحياة متكررة طوال الدهر فكيف ينكر العقلاء البعث الآخر وله صورة متكررة طوال الحياة، ولذا قال تعالى: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ﴾ أي في ذلك العمل المتكرر للموت والحياة كل يوم وليلة ﴿لَآياتٍ﴾ أي براهين وحجج قاطعة على وجود بعث وحياة بعد هذا الموت والحياة. وخص المؤمنون بالذكر وبالحصول على البرهان المطلوب من عملية الليل والنهار لأن المؤمنين أحياء يسمعون ويبصرون ويفكرون والكافرين أموات والميت لا يسمع ولا يبصر ولا يعي ولا يفكر.

١- قرأ نافع بكسر إنّ، والجملة تعليلية لما قبلها، وقرأ حفص بفتحها على تقدير حرف جرٍّ قبلها بأن أو لأن للسببية أو التعليل.
٢- أي: بشركهم إذ الشرك أعظم أنواع الظلم وهو الموجب لدخول النار والخلود فيها.
٣- الاستفهام هنا للتعجب من حالهم كيف لا يبصرون آيات الله في الكون فتهديهم إلى توحيد الله تعالى.

صفحة رقم 45
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير
عرض الكتاب
المؤلف
جابر بن موسى بن عبد القادر بن جابر أبو بكر الجزائري
الناشر
مكتبة العلوم والحكم بالمدينة المنورة
سنة النشر
1424
الطبعة
الخامسة
عدد الأجزاء
5
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية