آيات من القرآن الكريم

وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ
ﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚ ﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤ ﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯ ﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸ ﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃ ﰅﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌﰍﰎﰏﰐ ﭑﭒﭓﭔ ﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞ ﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧ ﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳ

أَإِنَّا لَمُخْرَجُونَ»
٦٧ أحياء من القبور كما كنا، هو كالبيان لجهلهم بالآخرة وعماهم عنها لأنهم يريدون بهذا عدم التصديق بها والإصرار على جحودها ويؤيده قولهم أيضا «لَقَدْ وُعِدْنا هذا» الإخراج من القبور بعد الموت «نَحْنُ» من قبل محمد ابن عبد الله الذي هو في عصرنا «وَآباؤُنا» أيضا وعدوا من قبله «مِنْ قَبْلُ» وجودنا من قبل أنبيائهم، وإنا نقول كما قال أسلافنا «إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ» ٦٨ وخرافاتهم يتناقلها الواحد بعد الآخر لا حقيقة لها. ونظير هذه الآية الآية ٨٤ من سورة المؤمنين في ج ٢، «قُلْ» لهم يا سيد الرسل «سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ» ٦٩ من أمثالكم وانظروا أطلال ديارهم واسمعوا بقايا أخبارهم تنبئكم عن فظاعة ما حل بهم بسبب تكذيبهم رسلهم. ثم التفت إلى حبيبه فقال «وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ» إذا حلّ بهم عذابي الذي لا دافع له «وَلا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ» وحرج في صدرك مما تسمعه من التكذيب وتراه من الإعراض «مِمَّا يَمْكُرُونَ» ٧٠ ولا تهتم لما يكيدونه لك، فإني حافظك منهم ومن يعصمه الله لا يصل إليه مكر الخلق. وقرأ ابن كثير بكسر ضاد ضيق خلافا لسائر القراء، نزلت هذه الآية في المستهزئين الذين اقتسموا عقاب مكة، وأوقفوا على أبواب طرقها رجالا يقولون للداخلين والخارجين أن عندنا رجلا منا يدعى محمدا جاء بدين مخالف لدين آبائنا، وهو رجل ساحر فلا تصدقوه.
راجع الآية ٩٤ من سورة الحجر في ج ٢ والآية ٨٥ من الأعراف المارة
«وَيَقُولُونَ» هؤلاء الماكرون «مَتى هذَا الْوَعْدُ» الذي توعدنا به من إنزال العذاب «إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ ٧١ أنت وأصحابك وتهددنا به ليل نهار «قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ» دنا وقرب، لأن من أردفته خلفك فقد قربته منك أو حضر «لَكُمْ بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ» ٧٢ به، لأن تغاليكم بالكفر وتكالبكم على عبادة الأوثان يستدعيان نزول العذاب بكم «وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ» ومنهم أهل مكة إذ لم يعجل عقوبتهم كرامة لرسولهم، ولأن العذاب إذا حل عمّ وان في علمه من يؤمن منهم كثير، لذلك أمهلهم بفضله وكرمه «وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ» من أهل مكة شأن غيرهم لأن الأكثر دائما هو الضال والقليل المهتدي.

صفحة رقم 339

مطلب اختلاف أهل الكتابين والقليل هم الشاكرون:
قال تعالى (وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ) الآية ١٣ من سورة سبأ في ج ٢، وهكذا الأقل هو الشاكر والأكثر «لا يَشْكُرُونَ» ٧٣ نعم الله التي من جملتها تأخير نزول العذاب «وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ ما تُكِنُّ صُدُورُهُمْ»
من عداوتك وتخفيه من مناوأتك «وَما يُعْلِنُونَ» ٧٤ منها وهو يكفيك ذلك «وَما مِنْ غائِبَةٍ فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ» مهما كانت غامضة متغمضة في الخفاء «إِلَّا» قد علمها الله وأحاط بها من قبل وأثبتها «فِي كِتابٍ مُبِينٍ» ٧٥ لمن له حق النظر فيه وهو على ظهوره فيه كل شيء مكتوم عن غير الله، وهو مصدر كل الكتب الإلهية «إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ» المدون ذلك الكتاب المنزل عليك يا محمد «يَقُصُّ عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ» أهل الكتابين التوراة والإنجيل الذين يستفتونهم أهل مكة في أمرك «أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ» ٧٦ من أمر دينهم ودنياهم، لأنهم أنفسهم اختلفوا بعضهم مع بعض، فمنهم من يقول المسيح هو الله ومنهم من يقول ابنه، ومنهم من يقول ثالث ثلاثه، ومنهم من يقول نبي كسائر الأنبياء وهو الصحيح، ومنهم من ينسبه وحاشاه إلى الكذب في دعواه وأمه إلى ما هي براء منه وهي العذراء التقية المصونة المفضلة على نساء زمانها، وان اليهود عليهم غضب الله كذبوه وقصدوا إهانته فأنجاه الله منهم ورفعه إليه، وقالوا عزير ابن الله، وقالوا على الله بالبداء أي أنه يفعل الشيء مما يقع في كونه ثم يندم على فعله فيفعل غيره، وحاشاه تعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا، واختلفوا في أمر النبي المبشر به في التوراة فمنهم من يقول يوشع، ومنهم من يقول عيسى، ومنهم من يقول لمّا يأت ولم يحن زمانه، ومنهم من يقول هو محمد وهو الصحيح، ولهم اختلافات في أمر دينهم ودنياهم لا تدخل تحت الحصر، وقد أنزل الله هذا القرآن على محمد بين فيه ما اختلفوا فيه بيانا كافيا شافيا مما يوجب إيمانهم لو تأملوا وأنصفوا، ولكنهم لم يفعلوا مكابرة، ولذلك كذبوه كما فعل المشركون من قومه أو قالوا فيه ساحر وكاهن وناقل ومتعلم، وأن القرآن سحر وكهانة وأساطير الأولين، فقد كذبوا، وصفه أنه كلام الله عز وجل «وَإِنَّهُ لَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ» ٧٧

صفحة رقم 340
بيان المعاني
عرض الكتاب
المؤلف
عبد القادر بن ملّا حويش السيد محمود آل غازي العاني
الناشر
مطبعة الترقي - دمشق
الطبعة
الأولى، 1382 ه - 1965 م
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية