آيات من القرآن الكريم

اذْهَبْ بِكِتَابِي هَٰذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ
ﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏ ﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛ ﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤ ﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭ ﮯﮰﮱﯓﯔ

(أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ ما تُخْفُونَ وَما تُعْلِنُونَ) أي فصدهم عن السبيل حتى لا يهتدوا ويسجدوا لله الذي يظهر المخبوء فى السموات والأرض كالمطر والنبات والمعادن المخبوءة فى الأرض، ويعلم ما يخفيه العباد وما يعلنونه من الأقوال والأفعال كما قال: «سَواءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ، وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسارِبٌ بِالنَّهارِ».
ولما بين أن كل العوالم مفتقرة إليه ومحتاجة إلى تدبيره، ذكر ما هو كالدليل على ذلك، فأبان أن أعظمها قدرا، وهو العرش الذي هو مركز تدبير شئون العالم هو الخالق له وهو محتاج إليه فقال:
(اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) أي هو الله الذي لا تصلح العبادة إلا له وهو رب العرش العظيم، فكل عرش وإن عظم فهو دونه، فأفردوه بالطاعة ولا تشركوا به شيئا.
[سورة النمل (٢٧) : الآيات ٢٧ الى ٣١]
قالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكاذِبِينَ (٢٧) اذْهَبْ بِكِتابِي هذا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ ماذا يَرْجِعُونَ (٢٨) قالَتْ يا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ (٢٩) إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (٣٠) أَلاَّ تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (٣١)
تفسير المفردات
تولّ عنهم: أي تنح عنهم إلى مكان قريب تتوارى فيه، ليكون ما يقولونه بمسمع منك، فانظر: أي تأمل وفكّر، يرجعون: أي يرجع بعضهم إلى بعض من القول ويدور بينهم بشأنه، والملأ: أشراف القوم وخاصة الملك، ألا تعلوا علىّ:
أي ألا تتكبروا ولا تنقادوا للنفس والهوى، مسلمين: أي منقادين خاضعين.

صفحة رقم 133

المعنى الجملي
بعد أن ذكر أن الهدهد أبدى المعاذير لتبرئة نفسه- أردف ذلك إجابة سليمن عن مقالة الهدهد، ثم أمره بتبليغ كتاب منه إلى ملكة سبأ، والتنحي جانبا ليستمع ما يدور من الحديث بينها وبين خاصتها بشأنه.
الإيضاح
(قالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكاذِبِينَ؟) أي قال سنختبر مقالك، ونتعرف حقيقته بالامتحان، أصادق أنت فيما تقول، أم كاذب فيه لتتخلص من الوعيد؟
وفى التعبير بقوله: كنت من الكاذبين، دون أن يقول أم كذبت، إيذان بأن تلفيق الأقوال المنمّقة، واختيار الأسلوب الذي يستهوى السامع إلى قبولها من غير أن يكون لها حقيقة تعبر عنها- لا يصدر إلا ممّن مرن على الكذب وصار سجيّة له حتى لا يجد وسيلة للبعد عنه، وهذا يفيد أنه كاذب على أتم وجه، ومن كان كذلك لا يوثق به.
ثم شرع يفعل ما يختبره به فكتب له كتابا موجزا وأمره بتبليغه إلى ملكة سبأ فقال:
(اذْهَبْ بِكِتابِي هذا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ ماذا يَرْجِعُونَ) أي اذهب بهذا الكتاب فألقه إليهم، ثم تنح عنهم وكن قريبا منهم، واستمع مراجعة الملكة أهل مملكتها، وما بعد ذلك من مراجعة بعضهم بعضا ونقاشهم فيه.
ثم فصل ما دار بينهم بشأنه فقال:
(قالَتْ يا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ) أي وبعد أن ذهب الهدهد بالكتاب ألقاه إلى الملكة ففضّت خاتمه وقرأته، وجمعت أشراف قومها ومستشاريها

صفحة رقم 134
تفسير المراغي
عرض الكتاب
المؤلف
أحمد بن مصطفى المراغي
الناشر
شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابى الحلبي وأولاده بمصر
الطبعة
الأولى، 1365 ه - 1946 م
عدد الأجزاء
30
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية