آيات من القرآن الكريم

فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ
ﯕﯖﯗﯘﯙ ﯛﯜﯝ ﯟﯠﯡﯢﯣﯤ

يقول إبراهيم عليه السلام: لا تلقوا بالمسألة على الآباء، وتُعلِّقوا عليهم أخطاءكم، ثم يعلنها صريحة متحدية كأنه يقول لهم: الحمرة في خيلكم اركبوها.
﴿فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لي﴾ [الشعراء: ٧٧] وكلمة عدو جاءت مفردة مع أنها مسبوقة بضمير جمع وتعود على جمع ﴿فَإِنَّهُمْ﴾ [الشعراء: ٧٧] ومع ذلك لم يقل: أعداء لي. قالوا: لأن العداوة في أمر الدين واحدة على خلاف العداوة في أمر الدنيا؛ لأنها متعددة الأسباب، كما جاء في قوله تعالى: ﴿واذكروا نِعْمَتَ الله عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَآءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ﴾ [آل عمران: ١٠٣].
فجاءت: ﴿أَعْدَآءً﴾ [آل عمران: ١٠٣] هنا جمع؛ لأنها تعود على

صفحة رقم 10591

عداوة الدنيا، وهي متعددة الأسباب، أمّا العداوة في الدين فواحدة على قلب رجل واحد.
ومن ذلك ما قلناه في سورة النور عند قوله تعالى: ﴿لَّيْسَ عَلَى الأعمى حَرَجٌ وَلاَ عَلَى الأعرج حَرَجٌ وَلاَ عَلَى المريض حَرَجٌ وَلاَ على أَنفُسِكُمْ أَن تَأْكُلُواْ مِن بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَآئِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ﴾ [النور: ٦١].
كلها بصيغة الجمع إلا في ﴿صَدِيقِكُمْ﴾ [النور: ٦١] جاءت بصغية المفرد؛ لأن الصداقة الحقة هي ما كانت لله غير متعددة الأغراض، فهي إذن لا تتعدد.
وفي إعلان إبراهيم لعداوته لهذه الأصنام تحدٍّ لهم: فها أنا ذا أعلن عداوتي لهم، فإنْ كانوا يقدرون على مضرّتي فليفعلوا. وبعد أن أعلن إبراهيم عليه السلام عداوته للأصنام نجحت دعوته، وظل إبراهيم هو إبراهيم لم يُصبْه شيء.

صفحة رقم 10592
تفسير الشعراوي
عرض الكتاب
المؤلف
محمد متولي الشعراوي
الناشر
مطابع أخبار اليوم
سنة النشر
1991
عدد الأجزاء
20
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية