آيات من القرآن الكريم

قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ
ﮏﮐﮑﮒ ﮔﮕﮖﮗﮘﮙ ﮛﮜﮝﮞﮟﮠ ﮢﮣﮤﮥﮦ ﮨﮩﮪﮫ ﮭﮮﮯﮰﮱﯓ ﯕﯖﯗﯘﯙ ﯛﯜﯝ ﯟﯠﯡﯢﯣﯤ ﯦﯧﯨﯩ ﯫﯬﯭﯮ ﯰﯱﯲﯳ ﯵﯶﯷﯸ ﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁ

القصة الثانية قصة إبراهيم عليه السلام
- ١- التنديد بعبادة الأصنام وبيان صفات الرّب المستحق للعبادة
[سورة الشعراء (٢٦) : الآيات ٦٩ الى ٨٢]
وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْراهِيمَ (٦٩) إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ ما تَعْبُدُونَ (٧٠) قالُوا نَعْبُدُ أَصْناماً فَنَظَلُّ لَها عاكِفِينَ (٧١) قالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ (٧٢) أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ (٧٣)
قالُوا بَلْ وَجَدْنا آباءَنا كَذلِكَ يَفْعَلُونَ (٧٤) قالَ أَفَرَأَيْتُمْ ما كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (٧٥) أَنْتُمْ وَآباؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ (٧٦) فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلاَّ رَبَّ الْعالَمِينَ (٧٧) الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (٧٨)
وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (٧٩) وَإِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (٨٠) وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ (٨١) وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ (٨٢)
الإعراب:
إِذْ قالَ بدل من قوله نَبَأَ إِبْراهِيمَ.
هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ فيه مضاف محذوف، أي هل يسمعون دعاءكم إذ تدعون.
فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعالَمِينَ عَدُوٌّ: اسم مفرد يؤدي معنى الجمع. ورَبَّ الْعالَمِينَ: منصوب على الاستثناء المنقطع لأنه سبحانه ليس من أعداء إبراهيم.
الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ الَّذِي مبتدأ، وفَهُوَ يَهْدِينِ خبره، والفاء للسببية.

صفحة رقم 164

وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ عطف على الَّذِي المتقدم، وخبره محذوف.
وتقديره: والذي هو يطعمني ويسقيني، فهو يهدين. وكذلك كل ما جاء بعدها من الَّذِي إلى قوله: وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي... خبره: «فهو يهدين» مقدرا.
البلاغة:
يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ بينهما طباق، وكذلك بين يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ.
وَإِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ أسند المرض لنفسه مراعاة للأدب تأدبا مع الله لأن الشر لا ينسب إليه تعالى أدبا، وإن كان المرض والشفاء كلاهما من الله، فلم يقل: أمرضني.
المفردات اللغوية:
وَاتْلُ عَلَيْهِمْ على مشركي العرب ومنهم كفار مكة وأمثالهم. نَبَأَ خبر مهم.
ما تَعْبُدُونَ؟ سألهم ليريهم أن ما يعبدونه لا يستحق العبادة. نَعْبُدُ أَصْناماً صرحوا بالفعل. فَنَظَلُّ لَها عاكِفِينَ أي: ندوم مقيمين على عبادتها، وزادوا هذا الجواب على قولهم:
نَعْبُدُ تبجحا وافتخارا به، وإظهارا لما في نفوسهم من الابتهاج. إِذْ تَدْعُونَ حين تدعون.
أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ حين تعبدونهم. أَوْ يَضُرُّونَ أي يضرونكم إن لم تعبدوهم. ومجيئه مضارعا مع إِذْ على حكاية الحال الماضية استحضارا لها. كَذلِكَ يَفْعَلُونَ مثل فعلنا، لم يجدوا جوابا إلا التمسك بالتقليد. وَآباؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ التقدم لا يدل على الصحة، ولا ينقلب به الباطل حقا.
عَدُوٌّ لِي لا أعبدهم، والمراد أنهم أعداء لعابديهم لأنهم يتضررون من جهتهم، لكنه صوّر الأمر في نفسه تعريضا لهم، فإنه أنفع في النصح من التصريح، وإشعارا بأنها نصيحة بدأ بها نفسه، ليكون أدعى إلى القبول. وإفراد لفظ العدو لأنه في الأصل مصدر أو بمعنى النسب أي عدوي، أجراه على النسب. إِلَّا رَبَّ الْعالَمِينَ لكن ربّ العالمين فإني أعبده، استثناء منقطع.
فَهُوَ يَهْدِينِ إلى الدين لأنه يهدي كل مخلوق لما خلق له من أمور المعاش والمعاد، هداية مطردة من مبدأ إيجاده إلى منتهى أجله، يتمكن بها من جلب المنافع ودفع المضارّ، كما قال تعالى: وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدى [الأعلى ٨٧/ ٣] وتبدأ الهداية في الإنسان من وقت هداية الجنين إلى امتصاص دم الطمث من الرحم، وتنتهي إلى طريق الجنة والتنعم بلذائذها. أَطْمَعُ أرجو. يَوْمَ الدِّينِ الجزاء.
المناسبة:
بعد أن ذكر الله تعالى في أول السورة شدة حزن محمد صلّى الله عليه وسلم بسبب كفر

صفحة رقم 165

قومه، ذكر قصة موسى عليه السلام ليعرف محمد أن مثل تلك المحنة حصلت لموسى فيكون ذلك تسلية له، ثم ذكر عقبها قصة إبراهيم عليه السلام ليعرف محمد أيضا أن حزن إبراهيم كان أشد من حزنه لأنه يرى أباه وقومه في النار، وهو لا يتمكن من إنقاذهم، وكل ذلك إشارة إلى أن معارضة الرسل من أقوامهم أمر قديم ومستمر، فلا داعي للغم والحزن.
التفسير والبيان:
هذا هو الفصل الأول من قصة إبراهيم إمام الحنفاء عليه السلام مع قومه، موضوعه الإنكار على قومه عبادة الأصنام مع الله عزّ وجلّ، وتبيان صفات الربّ الذي يجب أن يعبد، فقال تعالى:
وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْراهِيمَ، إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ ما تَعْبُدُونَ أي واتل يا محمد على أمتك خبر إبراهيم عليه السلام، ليقتدوا به في الإخلاص والتوكل على الله، وعبادته وحده لا شريك له، والتبري من الشرك وأهله، فإن الله تعالى آتى إبراهيم رشده من صغره إلى كبره، ولما شبّ أنكر على قومه عبادة الأصنام، وقال لأبيه وقومه: ما الذي تعبدونه؟ ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون؟ ليلفت نظرهم إلى أن ما يعبدونه لا يستحق العبادة في شرع ولا عقل.
فأجابوه مقرين بعبادة الأصنام، ومظهرين لما في نفوسهم من الابتهاج والافتخار بها: قالُوا: نَعْبُدُ أَصْناماً فَنَظَلُّ لَها عاكِفِينَ أي قال قوم إبراهيم:
نعبد هذه الأصنام، وندوم مقيمين على عبادتها في الليل والنهار.
فناقشهم في جدوى تلك العبادة متعجبا من فعلهم:
قالَ: هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ، أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ؟ أي قال إبراهيم: هل يسمعون دعاءكم حين تدعونهم، وهل يجلبون لكم نفعا أو يدفعون

صفحة رقم 166

عنكم ضررا؟ إذ ما الفائدة من عبادة لا هدف لها؟ فهل تفكرون قليلا، وتتأملون كثيرا فيما تفعلون؟ وكيف تستجيزون أن تعبدوا ما هذا وصفه؟
قالُوا: بَلْ وَجَدْنا آباءَنا كَذلِكَ يَفْعَلُونَ لم يجدوا جوابا مقنعا يرد حجة إبراهيم إلا التمسك بالتقليد الأعمى للآباء والأجداد، وليس لهم حجة مقبولة لتسويغ عبادتها وتقديسها. وهذا من أقوى الأدلة على فساد التقليد في العقائد ووجوب الاعتماد على الاستدلال العقلي المقنع لأن الله أورد ذلك ذما لطريقة الكفار وإنكارا لمنهجهم.
فتقوّى إبراهيم في تقريعهم وتوبيخهم وتحديهم، فسألهم:
أَفَرَأَيْتُمْ ما كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ، أَنْتُمْ وَآباؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ، فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعالَمِينَ أخبروني عن حال ما تعبدونه، أنتم وآباؤكم وأجدادكم الغابرون من قديم الزمان إلى الآن، هل حققت هذه العبادة شيئا، وهل استحقت تلك الأصنام الجمادات التي لا تسمع ولا تنطق عبادة العابدين؟ فإن كان لهذه الأصنام تأثير، فلتجلب إليّ الإساءة والأذى، فإني عدو لها لا أعبدها، ولا أبالي بها، ولا أفكر فيها. وهذا استهزاء منه بعبدة الأصنام، وتحد صارخ لصحة ما يعبدون.
لكن ربّ العالمين الذي خلقني ورزقني، وهو وليي في الدنيا والآخرة هو الذي أعبده وأنحني إجلالا لعظمته وعزته، فعبادتي للأصنام عبادة للعدو، لذا اجتنبتها، وآثرت عبادة من بيده الخير كله. وهذا نصيحة لنفسه، فيكون ذلك أدعى لهم إلى القبول، وأبعث على الاستماع منه.
وهذا نظير قول نوح عليه السلام: فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ، ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً، ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِ [يونس ١٠/ ٧١] وقول هود عليه السلام: إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ، مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعاً، ثُمَّ لا تُنْظِرُونِ، إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ، ما مِنْ دَابَّةٍ

صفحة رقم 167

إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها، إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ
[هود ١١/ ٥٤- ٥٦].
ثم أكد إبراهيم أنه لا يعبد إلا المتصف بهذه الأوصاف الخمسة وهي:
١- الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ أي هو الخالق المبدع الموجد الذي خلقني وغيري من المخلوقات، وهو الذي يهديني دائما لما فيه الخير في الدنيا والآخرة، كما قال: الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى، وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدى [الأعلى ٨٧/ ٢- ٣] أي الخالق الذي قدر قدرا، وسوى المخلوق في أحسن تقويم، وهدى الخلائق إليه، فكلّ يجري على ما قدر له، فبالخلق والهداية يحصل جميع المنافع لكل منتفع.
٢- وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ أي هو خالقي ورازقي بما يسّر من الأسباب السماوية والأرضية، فأنزل الماء، وأحيى به الأرض، وأخرج به من الثمرات المختلفة رزقا للعباد، وأوجد الأنعام وغيرها، فوفر للإنسان الطعام والشراب وغيرهما من كل ما يتصل بالرزق.
٣- وَإِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ أي وإذا طرأ علي مرض، فهو تعالى الذي ينعم علي بالشفاء منه. ويلاحظ أنه نسب المرض إلى نفسه ولم يقل:
أمرضني، تأدبا مع الله، وإن كان المرض والشفاء من الله عزّ وجلّ جميعا وكلاهما يحدث بقدر الله وقضائه، كما قال تعالى آمرا المصلي أن يقول: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ [الفاتحة ١/ ٦] ثم قال: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ..
[الفاتحة ١/ ٧] أسند الإنعام والهداية إلى الله تعالى، وحذف فاعل الغضب أدبا وأسند الضلال إلى البشر، وكما قال فتى موسى: وَما أَنْسانِيهُ إِلَّا الشَّيْطانُ [الكهف ١٨/ ٦٣]، وكما قالت الجن: وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً [الجن ٧٢/ ١٠]. وهنا أضاف إبراهيم المرض إليه، أي إذا وقعت في مرض، فإنه لا يقدر على شفائي أحد غير الله بما يقدر من الأسباب الموصلة إليه.

صفحة رقم 168

٤- وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ أي وهو الذي يحيي ويميت، لا يقدر على ذلك أحد سواه، فإنه هو الذي يبدئ ويعيد، والمراد منه الإماتة في الدنيا، والإعادة والبعث في الآخرة، بدليل عطفه ب ثُمَّ.
٥- وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ أي وهو الذي أرجو أن يستر ذنبي يوم القيامة، فإنه لا يقدر على غفران الذنوب في الدنيا والآخرة إلا هو، كما قال: وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ؟ [آل عمران ٣/ ١٣٥]. وإنما قال أَطْمَعُ مع أنه صلّى الله عليه وسلم كان قاطعا بذلك لأنه لا يجب على الله لأحد شيء، فاستعمال الرجاء والظن للدلالة على أن الثواب ورفع العذاب فضل من الله ونعمة.
وأسند إلى نفسه الخطيئة، مع أن الأنبياء منزهون عن الخطايا قطعا، مريدا بذلك تسمية ما صدر عنه من عمل هو خلاف الأولى خطيئة، استعظاما له. وعلّق مغفرة الخطيئة بيوم الدين، وإنما تغفر في الدنيا لأن أثرها يظهر يوم الدين.
وقال: لِي في قوله: أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي لبيان أن غفرانه لي ولأجلي، لا لأجل أمر عائد إليه البتة. والخلاصة: أن هذا من إبراهيم عليه السلام إظهار للعبودية، وإن كان يعلم أنه مغفور له.
جاء في صحيح مسلم عن عائشة: «قلت: يا رسول الله، ابن جدعان كان في الجاهلية يصل الرحم، ويطعم المسكين، فهل ذلك نافعه؟ قال: لا ينفعه، إنه لم يقل يوما: ربّ اغفر لي خطيئتي يوم الدين».
ويوم الدين: هو يوم الجزاء حيث يجازي العباد بأعمالهم.

صفحة رقم 169

فقه الحياة أو الأحكام:
إن إيراد قصة إبراهيم عليه السلام هنا كان لتنبيه المشركين على فرط جهلهم إذا رغبوا عن اعتقاد إبراهيم ودينه، وهو أبوهم، وليسرّى «١» عن النبي صلّى الله عليه وسلم مما وقع فيه من همّ وغم وحزن لإعراض قومه عن الإيمان برسالته.
وتتضمن القصة نقاشا حادا بين سيدنا إبراهيم الخليل عليه السلام وبين أبيه وقومه في فائدة عبادة الأصنام، حرصا على عدم إضاعة جهودهم سدى، فإن العبادة تكون عادة لفائدة، ويدرك كل عاقل أن هذه الأصنام الجمادات لا تأتي بخير أو رزق، ولا تملك لأحد خيرا، كما لا تدفع عنه ضرا إن عصيت، فإذا لم ينفعوكم أيها الوثنيون ولم يضروا، فما معنى عبادتكم لها؟
ولما وجدوا هذه الحجة مقنعة وقاطعة في الإفهام وإثبات المراد، لجؤوا إلى التمسك بالتقليد للآباء والأجداد من غير حجة ولا دليل. وفي هذا دلالة كافية على ذم التقليد وفساده في شأن العقائد، وأنه لا بد في تكوينه وإثباته من الاعتماد على الدليل المقنع المنطقي.
فأكد إبراهيم الخليل قوله السابق، وأفهم هؤلاء القوم الجهلة بأن عبادة هذه الأصنام ضرر محض لعابديها، وأنه لا تنبغي العبادة إلا لله ربّ العالمين من الإنس والجن والملائكة، فمن عبده انتفع ودفع الضرر عن نفسه في الدنيا والآخرة، ومن أنعم وجب أن يطاع ولا يعصى.
ثم إن صفات هذا المعبود بحق تستوجب عبادته والتقرب إليه، فهو الخالق الهادي المرشد إلى الدين الحق، وهو الذي يرزق الطعام والشراب وغيرهما من المنافع، لا غيره، وهو الشافي المعافي، وهو المميت والمحيي، أي الموجد من العدم،

(١) سرّي عنه، وانسرى عنه الهم: انكشف.

صفحة رقم 170
التفسير المنير
عرض الكتاب
المؤلف
وهبة بن مصطفى الزحيلي الدمشقي
الناشر
دار الفكر المعاصر - دمشق
سنة النشر
1418
الطبعة
الثانية
عدد الأجزاء
30
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية