
﴿قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَهَا شِرْبٌ وَلكم شرب يَوْم مَعْلُوم﴾ كَانَتْ تَشْرَبُ الْمَاءَ يَوْمًا وَيَشْرَبُونَهُ يَوْمًا؛ حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمُ شِرْبِهَا شَرِبَتْ مَاءَهُمْ كُلَّهُ، وَإِذَا كَانَ يَوْمُ شِرْبِهِمْ كَانَ لِأَنْفُسِهِمْ وَمَوَاشِيهِمْ وَأَرْضِهِمْ، وَكَانَ سَبَبُ عَقْرِهِمْ إِيَّاهَا: كَانَتْ تَضُرُّ بِمَوَاشِيهِمْ كَانَتِ الْمَوَاشِي إِذَا رَأَتْهَا هَرَبَتْ مِنْهَا؛ فَإِذَا كَانَ الصَّيْفُ صَافَتِ النَّاقَةُ بِظَهْرِ الْوَادِي فِي بَرْدِهِ وَخَصْبِهِ، وَهَبَطَتْ مَوَاشِيهِمْ إِلَى بَطْنِ الْوَادِي فِي جَدْبِهِ
صفحة رقم 283
وَحَرِّهِ، وَإِذَا كَانَ الشِّتَاءُ شَتَّتِ النَّاقَةُ فِي بَطْنِ الْوَادِي فِي دِفْئِهِ وَخَصْبِهِ، وَصَعَدَتْ مَوَاشِيهِمْ إِلَى ظَهْرِ الْوَادِي فِي جَدْبِهِ وَبَرْدِهِ؛ حَتَّى أَضَرَّ ذَلِكَ بِمَوَاشِيهِمْ لِلْأَمْرِ الَّذِي أَرَادَ اللَّهُ، فَبَيْنَمَا قَوْمٌ مِنْهُمْ يَوْمًا يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ، فَفَنِيَ الْمَاءُ الَّذِي يَمْزِجُونَ بِهِ، فَبَعَثُوا رَجُلًا؛ لِيَأْتِيَهُمْ بِالْمَاءِ، وَكَانَ يَوْمُ شِرْبِ النَّاقَةِ فَرَجَعَ إِلَيْهِمْ بِغَيْرِ مَاءٍ، وَقَالَ: حَالَتِ النَّاقَةُ بَيْنِي وَبَيْنَ الْمَاءِ ﴿ثُمَّ بَعَثُوا آخَرَ؛ فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ. فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: مَا تَنْتَظِرُونَ؛ فَقَدْ أَضَرَّتْ بِنَا وَبِمَوَاشِينَا؟﴾ فَانْبَعَثَ أَشْقَاهَا فَقَتَلَهَا، وَتَصَايَحُوا وَقَالُوا: عَلَيْكُمُ الْفَصِيلَ. وَصَعَدَ الْفَصِيلُ الْجَبَلَ فَقَالَ لَهُمْ صَالِحٌ: ﴿تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ﴾.
قَالَ قَتَادَة: ذكر لنا أَن صَالِحًا حِينَ أَخْبَرَهُمْ أَنَّ الْعَذَابَ يَأْتِيهِمْ لَبِسُوا الْأَنْطَاعَ وَالْأَكْسِيَةَ وَاطَّلَوْا، وَقَالَ لَهُمْ: آيَةُ ذَلِكَ أَنْ تَصْفَرَّ وُجُوهُكُمْ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ، وَتَحْمَرَّ فِي الثَّانِي، وَتَسْوَدَّ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ. فَلَمَّا كَانَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ اسْتَقْبَلَ الْفَصِيلُ الْقِبْلَةَ، فَقَالَ: يَا رَبِّ، أُمِّي ﴿يَا رَبِّ، أُمِّي﴾ يَا رَبِّ، أُمِّي! فَأَرْسَلَ اللَّهُ عَلَيْهُمُ الْعَذَابَ عِنْدَ ذَلِك.
سُورَة الشُّعَرَاء من (آيَة ١٦٠ آيَة ١٧٥).