
الحروب إلا عادة آبائنا الأولين ورثناها عنهم، وما نحن بمعذبين أبدا لأنه ليس الأمر كما تقول.
وكانت النتيجة أنهم كذبوه في كل ما أتى به، فأهلكناهم بريح صرصر عاتية سخرها عليهم سبع ليال، وثمانية أيام حسوما. فترى القوم فيها صرعى، كأنهم أعجاز نخل خاوية.
إن في ذلك لآية: وأى آية أقوى وأشد أثرا وأبعد مغزى من هذه؟
فمنها نعرف الموقف النبيل الذي وقفه هود من قومه حينما رموه بالسفاهة والجنون فقال لهم: يا قوم ليس بي سفاهة، ولست أنا مجنونا.
ومنها نعرف كيف يتلطف الداعي فيذكر النعم التي منّ الله بها والتي تقتضي الشكر لله، والإيمان به.
وفي هذه القصة نرى كيف أهلك الله من عصى رسوله ولم يؤمن به فاحذروا يا آل مكة من عصيانكم وتكذيبكم، وها أنت يا محمد- وأنت الرسول الصادق الأمين- ترى ما فعله أخوك، وما حل بالقوم الكافرين، ومع هذا كله فما كان أكثرهم مؤمنين، وإن ربك لهو العزيز الذي لا يغلبه أحد، الرحيم بمن آمن به...
قصة صالح مع قومه ثمود [سورة الشعراء (٢٦) : الآيات ١٤١ الى ١٥٩]
كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ (١٤١) إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صالِحٌ أَلا تَتَّقُونَ (١٤٢) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (١٤٣) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (١٤٤) وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ (١٤٥)
أَتُتْرَكُونَ فِي ما هاهُنا آمِنِينَ (١٤٦) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (١٤٧) وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُها هَضِيمٌ (١٤٨) وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً فارِهِينَ (١٤٩) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (١٥٠)
وَلا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ (١٥١) الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ (١٥٢) قالُوا إِنَّما أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ (١٥٣) ما أَنْتَ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُنا فَأْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (١٥٤) قالَ هذِهِ ناقَةٌ لَها شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (١٥٥)
وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٥٦) فَعَقَرُوها فَأَصْبَحُوا نادِمِينَ (١٥٧) فَأَخَذَهُمُ الْعَذابُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (١٥٨) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (١٥٩)

المفردات:
طَلْعُها أول ما يطلع من ثمرة النخل، وهو كنصل السيف في جوفه شماريخ القنو هَضِيمٌ لين متكسر من هضم الغلام يهضم خمص بطنه ولطف كشحه فهو أهضم وهضماء وهضيم. أما هضم يهضم فمعناه كسر أو ظلم فارِهِينَ بطرين أو أشرين أو حاذقين مأخوذ من الفراهة وهي النشاط الْمُسَحَّرِينَ الذين سحروا كثيرا حتى غلب السحر على عقولهم شِرْبٌ نصيب من الماء تشربه فَعَقَرُوها ذبحوها.
المعنى:
أرسل الله إلى قبيلة ثمود أخاهم صالحا من أوسطهم نسبا وأكرمهم خلقا، فقال لهم: ألا تتقون. دعاهم إلى عبادة الله وترك الأصنام، وقال لهم: إنى لكم رسول أمين، فاتقوا الله حق تقواه، وأطيعونى حيث إنى رسول رب العالمين إليكم وما أسألكم على ذلك أجرا، ولا أطلب منكم مالا، ولا أريد جاها ولا رئاسة.
وما أجرى إلا على رب العالمين | ومن الواضح أن صالحا كغيره أيدت دعواه |