آيات من القرآن الكريم

كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ
ﮡﮢﮣ

١٢٣ - وقوله: ﴿كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ﴾ التأنيث بمعنى القبيلة والجماعة. ومضى الكلام في معنى جمع المرسلين في قصة نوح.
والباقي [١٢٤ - ١٢٧] مفسر فيما سبق إلى قوله:
١٢٨ - ﴿أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ﴾ قال ابن السكيت: الرِّيع: المكان المرتفع، وذَكَرَ الآية. قال: وقال عُمارة: الرِّيع: الجبل (١).
وقال أبو عبيدة: الريع: الارتفاع، جمع: رِيعة (٢). ونحو هذا قال المبرد، وابن قتيبة، وأنشدوا (٣) لذي الرمة فقال:

طِرَاقُ الخوافي واقعٌ فوقَ رِيعةٍ ندى لَيله في ريشه يترقرقُ (٤)
وقال الكسائي، والفراء: رِيع ورَيع بالكسر والفتح، لغتان؛ الواحدة: رِيعة ورَيعة، مثل: الرِّير والرَّيْر، وهو المكان المرتفع (٥).
(١) "تهذيب اللغة" ٣/ ١٧٩ (راع).
(٢) "مجاز القرآن" ٢/ ٨٨، وفيه: والجميع أرياع، وريعة.
(٣) في نسخة (ب): وأنشدوا قول ذي الرمة فقال.
(٤) أنشده أبو عبيدة، "مجاز القرآن" ٢/ ٨٨، وفيه: مشرف، بدل: واقع. وهو كذلك عند ابن جرير ١٩/ ٩٢، ونسباه لذي الرمة. وأنشده ابن قتيبة، "غريب القرآن" ٣١٨، ونسبه لذي الرمة، وفيه: مشرفاً، بدل: واقع. يصف ذي الرمة نظره كنظر البازي -نوع من الطيور- ومعنى: طراق: بعضه على بعض، والخوافي: ما دون القوادم من جناح الطائر، والرَّيعة: المكان المرتفع، ويترقق: يجيء ويذهب. "ديوان ذي الرمة" ١٧٥.
(٥) "معاني القرآن" للفراء٢/ ٢٨١، ولفظه: "رِيع ورَيع، لغتان مثل: الريرِ، والرار، وهو: المخ الرديء". الرار، هكذا وردت. وما نقله عنه الأزهري، في "التهذيب" ٣/ ١٨٠، موافق لما عند الواحدي. ولم ينسب الأزهري هذا القول للكسائي.

صفحة رقم 91

وقال الزجاج: هي في اللغة: الموضع من الأرض المرتفع. ومن ذلك: كم رَيْعُ أرضك؟ أي: كم ارتفاع أرضك (١).
وقال ابن الأعرابي: الريع: مسيل الوادي من كل مكان مشرف، وجمعه: أرياع وريوع (٢).
قال ابن قتيبة: والريع، أيضًا: الطريق (٣)، وأنشد للمسَيَّب بن عَلَس (٤)، وذكر ظُعُنًا، فقال:

في الآلِ يخفضها ويرفعها رِيعٌ يلوحُ كأنه سَحْل (٥)
شبه الطريق بالثوب الأبيض (٦).
هذا كلام أهل اللغة في تفسير الرِّيع. وأما أهل التفسير فقال الوالبي عن ابن عباس: يعني: بكل شرف (٧).
وقال قتادة: بكل طريق (٨). وهو لفظ مقاتل، والكلبي، والضحاك،
(١) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ٩٦.
(٢) "تهذيب اللغة" ٣/ ١٨٠ (راع).
(٣) نسبه الماوردي ٤/ ١٨٠، للسدي.
(٤) راجع ترجمته في "جمهرة أشعار العرب" ١١١، و"الخزانة" ٣/ ٢٤٠، والأعلام ٧/ ٢٢٥.
(٥) أنشده ابن قتيبة، "غريب القرآن" ٣١٨، وأنشده الماوردي ٤/ ١٨٠، ثم قال: "السحل: الثوب الأبيض، شبه الطريق به". وأنشده الزمخشري ٣/ ٣١٦، منسوبًا للمسيب. وهو كذلك في "لسان العرب" ١١/ ٣٢٨ (سحل). والألَلةُ: الهودج الصغير. "لسان العرب" ١١/ ٢٧ (ألل).
(٦) "غريب القرآن" لابن قتيبة ٣١٨.
(٧) أخرجه ابن جرير ١٩/ ٩٤، وابن أبي حاتم ٩/ ٢٧٩٣. من طريق علي بن أبي طلحة. وأخرجه ابن جرير أيضًا عن مجاهد. واقتصر عليه في الوجيز ٢/ ٧٩٣، ولم ينسبه.
(٨) أخرجه بسنده، عبد الرزاق ٢/ ٧٤، وابن جرير ١٩/ ٩٤. وابن أبي حاتم ٩/ ٢٧٩٣.

صفحة رقم 92

وابن عباس، في رواية عطية (١)، وقال في رواية عطاء: بكل موضع. وهؤلاء الذين فسروا الريع بالطريق، والموضع، أرادوا الطريق والموضع المرتفع. وروى ابن أبي نجيح، وابن جريج، عن مجاهد: ﴿بِكُلِّ رِيعٍ﴾ قال: بكل فَجٍّ (٢).
قال الزجاج: والفج: الطريق المنفرج في الجبل (٣).
وقال عكرمة: بكل واد (٤). وهذا موافق لقول ابن الأعرابي (٥).
قوله: ﴿آيَةً﴾ قال مقاتل، والكلبي: عَلمًا (٦).
وعن ابن عباس: بنيانًا علمًا (٧).
﴿تَعْبَثُونَ﴾ قال عطاء، عن ابن عباس: يريد: تبنون ما لا تسكنون (٨). فعلى هذا أنكر هودٌ عليهم بناءهم ما يستغنون عنه، ولا يسكنونه، وجعل

(١) نسبه لهؤلاء الثعلبي ٨/ ١١٤ ب. وأخرجه ابن جرير ١٩/ ٩٤، عن ابن عباس، والضحاك. وهو في "تفسير مقاتل" ٥٢ ب. و"تنوير المقباس" ٣١١. وذكر الماوردي ٤/ ١٨٠، عن الكلبي، أنه فسر الريع بالسوق.
(٢) "تفسير مجاهد" ٢/ ٤٦٣، من طريق ابن أبي نجيح. وهو كذلك عند ابن أبي حاتم ٩/ ٢٧٩٣. وأخرجه ابن جرير ١٩/ ٩٤، عنه من طريق ابن جريج، وابن أبي نجيح.
(٣) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ٩٦.
(٤) "تفسير الثعلبي" ٨/ ١١٤ ب.
(٥) الذي سبق ذكره، ولفطه: مسيل الوادي..
(٦) "تفسير مقاتل" ٥٢ ب. و"تنوير المقباس" ٣١١، ولفظه: بكل طريق علامة. و"تفسير هود الهواري" ٣/ ٢٣٤، ولم ينسبه. وأخرجه ابن جرير ١٩/ ٩٤، عن ابن عباس.
(٧) اقتصر عليه في "تفسير الوسيط" ٣/ ٣٥٨، ولم ينسبه. أخرج ابن جرير ١٩/ ٩٥، وابن أبي حاتم ٩/ ٢٧٩٤، عن مجاهد: ﴿ءَايَةٍ﴾ بنيان.
(٨) "تفسير الوسيط" ٣/ ٣٥٨. وزاد المسير ٦/ ١٣٤. وذكره السمرقندي، في "تفسيره" ٢/ ٤٧٩، وصدَّره بقوله: وروي عن ابن عباس.

صفحة رقم 93
التفسير البسيط
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي، النيسابوري، الشافعي
عدد الأجزاء
1