آيات من القرآن الكريم

وَإِذَا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَٰذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا
ﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙ

النشور، أي البعث أحياء من القبور يوم القيامة، فكفرهم إنما أوجبه فساد معتقدهم في أمر الآخرة، وأنهم لا يرجون البعث، ولا يخافونه.
إن هذه الزواجر وأخبار العذاب كفيلة بردع الظالمين المشركين لو تأملوا وتفكروا واتعظوا.
استهزاء المشركين بالنبي صلّى الله عليه وسلّم
على الرغم من إنذارات المشركين العرب بتعرضهم لسخط الله تبارك وتعالى، ورؤيتهم العبرة من تدمير مدينة قوم لوط، وهي سدوم بالشام، فإن هؤلاء المشركين تابعوا استهزاءهم بالنبي محمد صلّى الله عليه وسلّم واحتقارهم له إذا رأوه، واستبعدوا أن يبعثه الله تعالى رسولا، وأصروا على الوثنية، وتعدد الآلهة، وغالوا في ذلك حتى سموا دعوته إضلالا، وتابعوا تحذيرهم من تأثير دعوته الجديدة وآيات القرآن التي كادت تؤثر فيهم وتجرفهم إلى الإيمان، وترك عبادة الأوثان، قال الله تعالى مصوّرا هذه المواقف:
[سورة الفرقان (٢٥) : الآيات ٤١ الى ٤٤]
وَإِذا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُواً أَهذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولاً (٤١) إِنْ كادَ لَيُضِلُّنا عَنْ آلِهَتِنا لَوْلا أَنْ صَبَرْنا عَلَيْها وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلاً (٤٢) أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً (٤٣) أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً (٤٤)
«١» «٢» [الفرقان:
٢٥/ ٤١- ٤٤].
نزلت الآية الأولى: وَإِذا رَأَوْكَ.. في أبي جهل، فإنه كان إذا مرّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مع صحبه، قال مستهزئا: أَهذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا.

(١) أخبرني.
(٢) حفيظا من عباده. [.....]

صفحة رقم 1800

إن مواقف التصدي والتحدي والمعارضة لدعوة النبي صلّى الله عليه وسلّم كثيرة، منها: إذا رآك أيها النبي المشركون الكافرون بالله ورسوله، ما يتخذونك إلا موضع هزء وسخرية.
ويقولون على سبيل الازدراء: أهذا هو المبعوث من عند الله رسولا إلينا؟! قبحهم الله، فلم يكن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلا المثل الأعلى للأنبياء، والصفوة المختارة من البشر، وأول عظماء التاريخ في أحواله وأخلاقه الخاصة، وفي معاملاته الاجتماعية، وفي تضحيته بأغلى ما لديه لإعلاء كلمة الله، وفي رحمته بقومه وبالبشرية قاطبة، وفي قيادته الناجحة نجاحا باهرا، فهو حريص على هداية قومه وإسعادهم.
ومن مواقفهم المهينة: أنهم قالوا: قارب محمد أن يثنينا عن عبادة الأصنام، وترك ديننا إلى دين الإسلام، لولا أن صبرنا على تلك العبادة الموروثة، فردّ الله تعالى عليهم من نواح ثلاث:
الأولى: وعيد وتهديد شديد لهم، إنهم حين يشاهدون العذاب المنتظر الذي لا مفر لهم منه، يدركون من أخطأ الطريق، أهم أم المؤمنون مع نبيهم وقائدهم؟! الثانية: تنبيه على عدم الجدوى من دعوتهم إلى الدين الحق، فإنهم اتخذوا أهواءهم آلهة، فأطاعوهم، واستولى عليهم التقليد، أفأنت أيها النبي تكون عليهم وكيلا يتولى أمورهم، ويحفظ شؤونهم، وهم غارقون في الضلال؟! فإن من جعل إلهه هواه برأيه المحض، لن ينفع معه نصح ولا إرشاد، كما لا ينفع شيئا من جعل هواه مطاعا فصار كالإله، والهوى قائد إلى كل فساد، والنفس أمّارة بالسوء، وإنما الصلاح إذا ائتمرت النفوس العقل، وأصغت إلى الهدى بوعي، والوكيل: القائم على الأمر الناهض به.
الثالثة: بل (وهي للإضراب عما سبقه من الكلام من اللفظ دون المعنى) أي أتظن أن أكثرهم يسمعون سماع تدبر وفهم، أو يتعقلون ويفكرون فيما تتلو عليهم، وترشدهم إليه من الفضائل والأخلاق الحميدة، فتجهد نفسك في إقناعهم بصدق

صفحة رقم 1801
التفسير الوسيط
عرض الكتاب
المؤلف
وهبة بن مصطفى الزحيلي الدمشقي
الناشر
دار الفكر - دمشق
سنة النشر
1422
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية