
تعالى عليه وآله وسلم، أو اسم جنس على العموم
لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلًا روي أن عقبة جنح إلى الإسلام فنهاه أبيّ بن خلف وأمية بن خلف فهو فلان، وقيل: إن عقبة نهى أبيّ بن خلف عن الإسلام، فالظالم على هذا أبيّ وفلان عقبة، وإن كان الظالم على العموم ففلانا على العموم أي خليل كل كافر وَكانَ الشَّيْطانُ لِلْإِنْسانِ خَذُولًا يحتمل أن يكون هذا من قول الظالم، أو ابتداء إخبار من قول الله تعالى، ويحتمل أن يريد بالشيطان إبليس أو الخليل المذكور وَقالَ الرَّسُولُ قيل: إن هذا حكاية قوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم في الدنيا، وقيل: في الآخرة مَهْجُوراً من الهجر بمعنى البعد والترك وقيل: من الهجر بضم الهاء، أي قالوا فيه الهجر حين قالوا: إنه شعر وسحر والأول أظهر.
وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا العدو هنا جمع، والمراد تسلية النبي ﷺ بالتأسي بغيره من الأنبياء وَكَفى بِرَبِّكَ هادِياً وَنَصِيراً وعد لمحمد صلى الله تعالى عليه وآله وسلم بالهدى والنصرة وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً هذا من اعتراضات قريش لأنهم قالوا لو كان القرآن من عند الله لنزل جملة واحدة كما نزلت التوراة والإنجيل كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ هذا جواب لهم تقديره: أنزلناه كذلك مفرقا لنثبت به فؤاد محمد ﷺ لحفظه: ولو نزل جملة واحدة لتعذر عليه حفظه لأنه أمي لا يقرأ، فحفظ المفرق عليه أسهل، وأيضا فإنه نزل بأسباب مختلفة تقتضي أن ينزل كل جزء منه عند حدوث سببه، وأيضا منه ناسخ ومنسوخ، ولا يتأتى ذلك فيما ينزل جملة واحدة وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلًا أي فرقناه تفريقا فإنه نزل بطول عشرين سنة. وهذا الفعل معطوف على الفعل المقدر، الذي يتعلق به كذلك وبه يتعلق لنثبت وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ الآية معناه لا يوردون عليك سؤالا أو اعتراضا، إلا أتيناك في جوابه بالحق، والتفسير الحسن الذي يذهب اعتراضهم ويبطل شبهتهم الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلى وُجُوهِهِمْ يعني الكفار، وحشرهم على وجوههم حقيقة لأنه جاء في الحديث قيل يا رسول الله: كيف يحشر الكافر على وجهه: قال أليس الذي أمشاه في الدنيا على رجليه قادرا على أن يمشيه في الآخرة على وجهه «١» شَرٌّ مَكاناً يحتمل أن يريد بالمكان المنزلة والشرف أو الدار والمسكن في الآخرة وَزِيراً معينا
إِلَى الْقَوْمِ يعني فرعون وقومه،

وفي الكلام حذف تقديره: فذهبا إليهم فكذبوهما فدمرناهم كَذَّبُوا الرُّسُلَ تأويله كما ذكر في قوله في هود فعصوا رسله وَأَعْتَدْنا لِلظَّالِمِينَ يحتمل أن يريد بالظالمين من تقدم ووضع هذا الاسم الظاهر موضع المضمر لقصد وصفهم بالظلم، أو يريد الظالمين على العموم وَأَصْحابَ الرَّسِّ معنى الرس في اللغة: البئر، واختلف في أصحاب الرس: فقيل هم من بقية ثمود وقيل: من أهل اليمامة، وقيل من أهل أنطاكية، وهم أصحاب يس، واختلف في قصتهم فقيل بعث الله إليهم نبيا فرموه في بئر فأهلكهم الله، وقيل: كانوا حول بئر لهم فانهارت بهم فهلكوا وَقُرُوناً بَيْنَ ذلِكَ كَثِيراً يقتضي التكثير والإبهام، والإشارة بذلك إلى المذكور قبل من الأمم ضَرَبْنا لَهُ الْأَمْثالَ أي بينا له تَبَّرْنا أي أهلكنا وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الضمير في أتوا لقريش وغيرهم من الكفار، والقرية قرية قوم لوط، ومطر السوء الحجارة ثم سألهم على رؤيتهم لها لأنها في طريقهم إلى الشام، ثم أخبر أن سبب عدم اعتبارهم بها كفرهم بالنشور. ويَرْجُونَ كقوله: يَرْجُونَ لِقاءَنا، وقد ذكر أَهذَا الَّذِي حكاية قولهم على وجه الاستهزاء، فالجملة في موضع مفعول لقول محذوف يدل عليه هذا، وقوله «إِنْ كادَ لَيُضِلُّنا» استئناف جملة أخرى وتم كلامهم، واستأنف كلام الله تعالى في قوله «وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ» الآية على وجه التهديد لهم اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ أي أطاع هواه حتى صار كأنه له إله بَلْ هُمْ أَضَلُّ لأن الأنعام ليس لها عقول، وهؤلاء لهم عقول ضيعوها، ولأن الأنعام تطلب ما ينفعها وتجتنب ما يضرها، وهؤلاء يتركون أنفع الأشياء وهو الثواب، ولا يخافون أضرّ الأشياء وهو العقاب.
أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ أي إلى صنع ربك وقدرته مَدَّ الظِّلَّ قيل: مدّة من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس لأن الظل حينئذ على الأرض كلها، واعترضه ابن عطية لأن ذلك الوقت من الليل، ولا يقال ظل بالليل، واختار أن مدّ الظل من الإسفار إلى طلوع الشمس وبعد مغيبها بيسير، وقيل: معنى مد الظل أي جعله يمتدّ وينبسط وَلَوْ شاءَ لَجَعَلَهُ ساكِناً أي ثابتا غير زائل لكنه جعله يزول بالشمس، وقيل: معنى ساكن غير منبسط على الأرض، بل يلتصق بأصل الحائط والشجرة ونحوها ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا قيل:
معناه أن الناس يستدلون بالشمس وبأحوالها، في سيرها على الظل متى يتسع ومتى ينقبض،