آيات من القرآن الكريم

وَعَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَٰلِكَ كَثِيرًا
ﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮ ﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸ ﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇ ﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐ ﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙ ﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬ

لا يسألون عن شيء إلا أجيبوا عنه، وهذا لا يكون إلا من نبي، فكان ذلك تثبيتا لفؤاده وأفئدتهم. ولو نزل جملة بما فيه من الفرائض لثقل عليهم، ولو نزل جملة واحدة لزال معنى تنبيه الناس إلى ما فيه الخير والحكمة والصواب.
٨- أهل النار وهم الكفار يحشرون إليها على وجوههم إما حقيقة كما تقدم، وإما أن القصد الذل والخزي والهوان، وإما الدلالة على الحيرة في طريق الذهاب. وهم في شر مكان لأنهم في جهنم، وأضل دينا وطريقا.
قصص بعض الأنبياء وعقوبات مكذبيهم
[سورة الفرقان (٢٥) : الآيات ٣٥ الى ٤٠]
وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَجَعَلْنا مَعَهُ أَخاهُ هارُونَ وَزِيراً (٣٥) فَقُلْنَا اذْهَبا إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَدَمَّرْناهُمْ تَدْمِيراً (٣٦) وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْناهُمْ وَجَعَلْناهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً وَأَعْتَدْنا لِلظَّالِمِينَ عَذاباً أَلِيماً (٣٧) وَعاداً وَثَمُودَ وَأَصْحابَ الرَّسِّ وَقُرُوناً بَيْنَ ذلِكَ كَثِيراً (٣٨) وَكُلاًّ ضَرَبْنا لَهُ الْأَمْثالَ وَكُلاًّ تَبَّرْنا تَتْبِيراً (٣٩)
وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَها بَلْ كانُوا لا يَرْجُونَ نُشُوراً (٤٠)
الإعراب:
وَقَوْمَ نُوحٍ قَوْمَ منصوب عطفا على الهاء والميم في فَدَمَّرْناهُمْ أو بتقدير فعل يفسره أَغْرَقْناهُمْ أي أغرقنا قوم نوح لما كذبوا الرسل أغرقناهم، أو بتقدير فعل «اذكر».
وَعاداً وَثَمُودَ منصوبان بالعطف على قَوْمَ نُوحٍ إذا نصب بتقدير «اذكر» أو بالعطف على فَدَمَّرْناهُمْ. ولا يجوز العطف على وَجَعَلْناهُمْ.

صفحة رقم 63

وَكُلًّا ضَرَبْنا كُلًّا منصوب بفعل تقديره: أنذرنا كلا لأن ضرب الأمثال في معنى الإنذار، فجاز أن يكون تفسيرا ل «أنذرنا». وَكُلًّا تَبَّرْنا تَتْبِيراً كُلًّا منصوب بتبرنا، وتَتْبِيراً مصدر مؤكد.
المفردات اللغوية:
وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ أي التوراة وَزِيراً معينا يؤازره في الدعوة إلى الله وإعلاء كلمته، ولا ينافي ذلك مشاركته في النبوة، لتآزرهما في الأمر. والوزير: من يستعان برأيه ويستشار في الأمور، يقال: وزير الملك أو الرئيس لأنه يؤازره ويعينه في أعباء الملك أو الرئاسة إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا هم فرعون وقومه القبط فَدَمَّرْناهُمْ تَدْمِيراً أهلكناهم إهلاكا، وفيه محذوف تقديره: فذهبا إليهم فكذبوهما.
وَقَوْمَ نُوحٍ أي واذكر لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أي نوحا وغيره، أو نوحا وحده لأن تكذيبه تكذيب لباقي الرسل لاشتراكهم في الدعوة إلى التوحيد أَغْرَقْناهُمْ بالطوفان وهو جواب لمّا وَجَعَلْناهُمْ لِلنَّاسِ بعدهم أي جعلنا إغراقهم أو قصتهم للناس آيَةً عبرة وَأَعْتَدْنا لِلظَّالِمِينَ عَذاباً أَلِيماً أعددنا في الآخرة للكافرين عذابا مؤلما، سوى ما يحل بهم في الدنيا. والجملة إما للتعميم، وإما للتخصيص فيكون وضعا للظاهر موضع الضمير.
وَعاداً أي واذكر عادا قوم هود وثمود أو: وثمودا: قوم صالح، فهو إما ممنوع من الصرف على أنه اسم قبيلة، وإما مصروف على أنه الحي أو اسم الأب الأكبر وَأَصْحابَ الرَّسِّ هم قوم كانوا يعبدون الأصنام ولهم آبار ومواش، فبعث الله إليهم شعيبا، وقيل: غيره، فكذبوه، فبينا هم حول الرّس: وهي البئر غير المطوية (غير المبنية) قعودا، انهارت بهم وبمنازلهم، جمع رساس. وَقُرُوناً بَيْنَ ذلِكَ أقواما بين ذلك المذكور، بين عاد وأصحاب الرس. وَكُلًّا ضَرَبْنا لَهُ الْأَمْثالَ في إقامة الحجة عليهم، فلم نهلكهم إلا بعد الإنذار وَكُلًّا تَبَّرْنا تَتْبِيراً أهلكنا إهلاكا بتكذيبهم أنبياءهم.
وَلَقَدْ أَتَوْا أي مرّ كفار مكة أثناء تجارتهم إلى الشام عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ هي سدوم عظمي قرى قوم لوط، فأهلك الله أهلها لفعلهم الفاحشة، بمطر مصحوب بالحجارة. والسوء: مصدر ساء أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَها في أثناء سفرهم إلى الشام، فيعتبروا ويتعظوا بما يرون فيها من آثار عذاب الله. والاستفهام للتقرير. بَلْ كانُوا لا يَرْجُونَ نُشُوراً أي بل كانوا كفرة لا يخافون بعثا، فلا يؤمنون ولا يتعظون.

صفحة رقم 64

المناسبة:
بعد بيان شبهات المشركين حول القرآن والنبوة والبعث، ذكر الله تعالى قصص بعض الأنبياء مع أقوامهم وما نزل بهم من عذاب بسبب تكذيبهم الرسل، ليعتبر هؤلاء المشركون، ويحذروا ما حلّ بمن سبقهم من الأمم الماضية من أليم العقاب، إذا بقوا على كفرهم وعنادهم، وذكر تعالى أربعة قصص هي ما يأتي:
القصة الأولى- قصة موسى وهارون عليهما السلام:
وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَجَعَلْنا مَعَهُ أَخاهُ هارُونَ وَزِيراً بدأ تعالى بذكر موسى، فقال: وتالله لقد آتينا موسى التوراة، وجعلنا معه أخاه هارون وزيرا له، أي نبيا مؤازرا ومعينا وناصرا. ونبوة هارون ثابتة في آية أخرى هي قوله تعالى: وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا [مريم ١٩/ ٥٣] لكنه وإن كان نبيا فالشريعة لموسى عليه السلام، وهو تابع له فيها، لذا أمر الاثنان بتبليغ رسالتهما في قوله تعالى:
فَقُلْنَا: اذْهَبا إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا، فَدَمَّرْناهُمْ تَدْمِيراً أي فقال الله تعالى آمرا موسى وهارون: اذهبا إلى فرعون وقومه لتبليغ الرسالة وهي إعلان الوحدانية والربوبية لله عز وجلّ، فلا إله غيره، ولا معبود سواه، فلما ذهبا كذبهما فرعون وجنوده، كما قال تعالى: اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى، فَقُلْ: هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكَّى، وَأَهْدِيَكَ إِلى رَبِّكَ فَتَخْشى، فَأَراهُ الْآيَةَ الْكُبْرى، فَكَذَّبَ وَعَصى [النازعات ٧٩/ ١٧- ٢١] وقال سبحانه: اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآياتِي، وَلا تَنِيا فِي ذِكْرِي، اذْهَبا إِلى فِرْعَوْنَ، إِنَّهُ طَغى، فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى، قالا: رَبَّنا إِنَّنا نَخافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنا أَوْ أَنْ يَطْغى، قالَ: لا تَخافا إِنَّنِي مَعَكُما أَسْمَعُ وَأَرى [طه ٢٠/ ٤٢- ٤٦].
فلما كذب فرعون وقومه برسالة موسى وأخيه هارون، ولم يعترفوا بوحدانية

صفحة رقم 65

الله تعالى، أهلكهم الله إهلاكا، كما قال: دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكافِرِينَ أَمْثالُها [محمّد ٤٧/ ١٠]. فانظروا يا كفار مكة عاقبة الكفر وتكذيب الرسل.
القصة الثانية- قصة نوح عليه السلام:
وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْناهُمْ، وَجَعَلْناهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً أي واذكر يا محمد لقومك ما فعله قوم نوح حين كذبوا رسولهم نوحا عليه السلام الذي مكث فيهم يدعوهم إلى توحيد الله ويحذرهم من عقابه ونقمته ألف سنة إلا خمسين، فما آمن به إلا قليل، فأغرقناهم بالطوفان، وجعلناهم عبرة وعظة للناس يعتبرون بها، كما قال تعالى: إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ، لِنَجْعَلَها لَكُمْ تَذْكِرَةً، وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ [الحاقة ٦٩/ ١١- ١٢].
وقوله كَذَّبُوا الرُّسُلَ قصد به تكذيب نوح عليه السلام، على أساس أن من كذب رسولا واحدا، فقد كذب بجميع الرسل إذ لا فرق بين رسول ورسول، فدعوتهم إلى توحيد الله ونبذ عبادة الأصنام واحدة، ولو فرض أن الله تعالى بعث إليهم كل رسول، فإنهم كانوا يكذبون.
ثم عمّم تعالى الحكم فقال:
وَأَعْتَدْنا لِلظَّالِمِينَ عَذاباً أَلِيماً أي وأعددنا وهيأنا عذابا مؤلما في الآخرة لكل ظالم كفر بالله، ولم يؤمن برسله، وسلك سبيلهم في تكذيب الرسل. وفي هذا تهديد لكفار قريش أنه سيصيبهم من العذاب مثلما أصاب قوم نوح.
القصة الثالثة- قصة عاد وثمود وأصحاب الرّس:
وَعاداً وَثَمُودَ وَأَصْحابَ الرَّسِّ أي واذكر أيها الرسول أيضا لقومك قصة عاد الذين كذبوا رسولهم هودا، وقصة قبيلة ثمود الذين كذبوا رسولهم صالحا، وقصة أصحاب الرس أي البئر وهم قوم من عبدة الأصنام أصحاب آبار وماشية،

صفحة رقم 66

بعث الله لهم شعيبا وقيل غيره، فدعاهم إلى توحيد الله والإيمان به وبرسالته، فكذّبوه، فبينا هم حول البئر قعود، خسف الله بهم وبمنازلهم. واختار ابن جرير أن المراد بأصحاب الرسّ: هم أصحاب الأخدود الذين ذكروا في سورة البروج.
وَقُرُوناً بَيْنَ ذلِكَ كَثِيراً أي واذكر لهم أمما كثيرة بين قوم نوح وعاد وأصحاب الرس، لما كذبوا الرسل، أهلكناهم جميعا.
وَكُلًّا ضَرَبْنا لَهُ الْأَمْثالَ، وَكُلًّا تَبَّرْنا تَتْبِيراً أي وكل واحد من هؤلاء الأقوام بيّنا لهم الحجج، وأوضحنا لهم الأدلة، وأزحنا الأعذار عنهم، فلم يؤمنوا وإنما كذّبوا، بالرغم من الرد على كل الشبهات والاعتراضات، فأهلكناهم إهلاكا شديدا، كقوله تعالى: وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ [الإسراء ١٧/ ١٧]. والقرن في الأظهر: هو الأمة المتعاصرون في الزمن الواحد، فإذا ذهبوا وخلفهم جيل آخر فهو قرن آخر، كما
ثبت في الصحيحين: «خير القرون قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم».
والتتبير: التفتيت والتكسير.
القصة الرابعة- قصة لوط عليه السلام:
وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ أي ذكّر مشركي مكة بعبرة أخرى، وهي أنهم والله لقد مروا أثناء تجارتهم إلى الشام في رحلة الصيف على سدوم أعظم قرى قوم لوط التي أهلكها الله بالقلب (جعل عاليها سافلها) وبالمطر المصحوب بالحجارة من سجّيل، كما قال تعالى: وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً، فَساءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ [الشعراء ٢٦/ ١٧٣] لارتكابهم الفاحشة.
أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَها، بَلْ كانُوا لا يَرْجُونَ نُشُوراً أي أفلم يروا ما حلّ بتلك القرية من عذاب الله ونكاله، بسبب تكذيبهم بالرسول، وبمخالفتهم أوامر الله، إنهم فعلا يرون ذلك، ولكنهم لم يعتبروا، ومنشأ عدم العظة والعبرة

صفحة رقم 67

وتكذيب النبي محمد صلّى الله عليه وسلم أنهم قوم لا يخافون أو لا يتوقعون نشورا، أي معادا يوم القيامة. وهذا تأكيد لما قال تعالى سابقا في هذه السورة نفسها: بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ
[١١] فإن عدم الخوف من اليوم الآخر وما فيه من الثواب والعقاب هو السبب الجوهري في الإعراض عن دعوة الرسول صلّى الله عليه وسلم.
ورجح الرازي أن الرجاء في قوله تعالى لا يَرْجُونَ نُشُوراً على حقيقته لأن الإنسان لا يتحمل متاعب التكاليف إلا لرجاء ثواب الآخرة، فإذا لم يؤمن بالآخرة لم يرج ثوابها، فلا يتحمل تلك المتاعب.
فقه الحياة أو الأحكام:
الغرض من إيراد هذه القصص هنا واضح، وهو تحذير المشركين من تكذيب النبي صلّى الله عليه وسلم، فيحل بهم من العذاب، كما حلّ بالأمم الماضية المكذبين رسل الله.
فالقصة الأولى- قصة موسى وأخيه هارون عليهما السلام، كان معهما التوراة، وأمرا بالذهاب إلى فرعون وقومه من أقباط مصر لدعوتهم إلى الإيمان بوجود الله، والإقرار بوحدانيته، فكذبوا بآيات الله الدالة على صدق النبوة والتوحيد، فدمرهم الله تدميرا، وأهلكهم إهلاكا شديدا بالإغراق في البحر.
والقصة الثانية- قصة نوح عليه السلام مع قومه الذي مكث يدعوهم إلى توحيد الله ونبذ عبادة الأصنام زمنا هو ألف سنة إلا خمسين، مما لم يمكث فيه نبي مع قومه مثل هذا، فبعد أن كذبوه ويئس من إيمانهم، أغرقهم الله جميعا بالطوفان، وجعلهم للناس آية أي علامة ظاهرة على قدرته، وأعدّ لهؤلاء المشركين من قوم نوح ولكل ظالم عذابا شديد الألم في الآخرة، ونجّى الله الذين آمنوا مع نوح في السفينة.

صفحة رقم 68

وقوله: لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ ذكر الجنس، وأراد به نوحا وحده لأنه لم يكن في ذلك الوقت رسول إليهم إلا نوح وحده، فنوح إنما بعث ب «لا إله إلا الله» وبالإيمان بما ينزل الله تعالى، فلما كذبوه كان في ذلك تكذيب لكل من بعث بعده بهذه الكلمة.
والقصة الثالثة- قصة عاد وثمود وأصحاب الرس وأقوام آخرين مما لا يعلمهم إلا الله بين قوم نوح وعاد وثمود وأصحاب الرس، أنذروا جميعا، وضربت لهم الأمثال الحقة، وبيّنت لهم الحجة، فأبوا الإيمان، وكذبوا الرسل، فأهلكهم الله بالعذاب ودمرهم تدميرا. والرس في كلام العرب: البئر التي تكون غير مطوية.
وأصحاب الرسّ كما عرفنا كانوا قوما من عبدة الأصنام أصحاب آبار ومواش، فبعث الله تعالى إليهم شعيبا عليه السلام، فدعاهم إلى الإسلام، فتمادوا في طغيانهم وفي إيذائه، فبينما هم حول الرس، خسف الله بهم وبدارهم. وقيل:
الرس: قرية باليمامة قتلوا نبيهم، فهلكوا، وهم بقية ثمود.
والقصة الرابعة- قصة لوط عليه السلام مع قومه في قرية سدوم إحدى قرى قوم لوط الخمس، دعاهم إلى الإيمان بالله وترك عبادة الأصنام، والتطهر من الفاحشة، فأصروا على ما هم عليه لأنهم لا يصدقون بالبعث، أو لا يرجون ثواب الآخرة، فأهلكهم الله بمطر السوء، أي بالحجارة من السماء، وكان مشركو مكة يمرون في أسفارهم بتلك المدائن، ومع ذلك لم يعتبروا. قال ابن عباس: كانت قريش في تجارتها إلى الشام تمر بمدائن قوم لوط، كما قال الله تعالى: وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ
[الصافات ٣٧/ ١٣٧] وقال: وَإِنَّهُما لَبِإِمامٍ مُبِينٍ [الحجر ١٥/ ٧٩].
وقد أهلك الله تعالى أربعا من قرى قوم لوط بأهلها، وبقيت واحدة.

صفحة رقم 69
التفسير المنير
عرض الكتاب
المؤلف
وهبة بن مصطفى الزحيلي الدمشقي
الناشر
دار الفكر المعاصر - دمشق
سنة النشر
1418
الطبعة
الثانية
عدد الأجزاء
30
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية