آيات من القرآن الكريم

فَقُلْنَا اذْهَبَا إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَدَمَّرْنَاهُمْ تَدْمِيرًا
ﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮ ﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸ ﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇ ﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐ ﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙ ﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬ

الاقدام وصنف على الوجوه) فقيل يا نبى الله كيف يحشرون على وجوههم فقال (ان الذي أمشاهم على أقدامهم فهو قادر على ان يمشيهم على وجوههم أُوْلئِكَ [آن كروه] شَرٌّ مَكاناً [برتر از روى مكان يعنى مكان ايشان برترست از منازل مؤمنان كه در دنيا داشتند وايشان طعنه مى زدند كه] (أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقاماً وَأَحْسَنُ نَدِيًّا) وقال تعالى (فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكاناً) اى من الفريقين بان يشاهدوا الأمر على عكس ما كانوا يقدرونه فيعلمون انهم شر مكانا لا خير مقاما وَأَضَلُّ سَبِيلًا واخطأ طريقا من كل أحد: وبالفارسية [وكج تر ونا صوابترند از جهت راه چهـ راه ايشان مفضى بآتش دوزخست] والأظهر ان التفضيل للزيادة المطلقة. والمعنى اكثر ضلالا عن الطريق المستقيم وجعل مكانهم شرا ليكون ابلغ من شرارتهم وكذا وصف السبيل بالإضلال من باب الاسناد المجازى للمبالغة واعلم انهم كانوا يضللون المؤمنين ولذا قال تعالى حكاية (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) فاذا افضى طريق المؤمنين الى الجنة وطريقهم الى النار يتبين للكل حال الفريقين: قال الصائب

واقف نميشوند كه كم كرده اند راه تا رهروان براهنمايى نمى رسند
والمميز يوم القيامة هو الله تعالى فانه يقول (وَامْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ) ولما استكبر الكفار واستعلوا حتى لم يخروا لسجدة الله تعالى حشرهم الله تعالى على وجوههم ولما تواضع المؤمنون رفعهم الله على النجائب فمن هرب عن المخالفة واقبل الى الموافقة نجا ومن عكس هلك وأين يهرب العاصي والله تعالى مدركه قال احمد بن ابى الجواري كنت يوما جالسا على غرفة فاذا جارية صغيرة تقرع الباب فقلت من بالباب فقالت جارية تسترشد الطريق فقلت طريق النجاة أم طريق الهرب فقالت يا بطال اسكت فهل للهرب طريق وأينما يهرب العبد فهو فى قبضة مولاه فعلى العاقل ان يهرب فى الدنيا الى خير مكان حتى يتخلص فى الآخرة من شر مكان وخير مكان فى الدنيا هو المساجد ومجالس العلوم النافعة فان فيها النفحات الالهية: قال المولى الجامى قدس سره
ما نداريم مشامى كه توانيم شنيد ور نه هر دم رسد از كلشن وصلت نفحات
نسأل الله نفحات روضات التوحيد وروائح حدائق التفريد وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ اللام جواب لقسم محذوف اى وبالله لقد آتينا موسى التوراة اى أنزلناها عليه بعد إغراق فرعون وقومه وفى الإرشاد والتعرض فى مطلع القصة لايتاء الكتاب مع انه كان بعد مهلك القوم ولم يكن له مدخل فى هلاكهم كسائر الآيات للايذان من أول الأمر ببلوغه عليه السلام غاية الكمال ونيله نهاية الآمال التي هى إنجاء بنى إسرائيل من ملك فرعون وإرشادهم الى طريق الحق بما فى التوراة من الاحكام وَجَعَلْنا مَعَهُ الظرف متعلق بجعلنا أَخاهُ مفعول أول له هارُونَ بدل من أخاه وهو اسم أعجمي ولم يرد فى شىء من كلام العرب وَزِيراً مفعول ثان اى معينا يوازره ويعاونه فى الدعوة وإعلاء الكلمة فان الموازرة المعاونة وفى القاموس الوزر بالكسر الثقل والحمل الثقيل والوزير حبأ الملك الذي يحمل ثقله ويعينه برأيه وحاله الوزارة بالكسر ويفتح والجمع وزراء والحبأ محركة جليس الملك

صفحة رقم 210

وخاصته وقال بعضهم الوزير الذي برجع اليه ويتحصن برأيه من الوزر بالتحريك وهو ما يلتجأ اليه ويعتصم به من الجبل ومنه قوله تعالى (كَلَّا لا وَزَرَ) اى لا ملجأ يوم القيامة والوزر بالكسر الثقل تشبيها بوزر الجبل ويعبر بذلك عن الإثم كما يعبر عنه بالثقل لقوله (لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ) وقوله (لَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالًا مَعَ أَثْقالِهِمْ) والوزير بالفارسية [يار ومددكار وكارساز] فان قلت كون هارون وزيرا كالمنافى لكونه شريكا فى النبوة لانه إذا صار شريكا له خرج عن كونه وزيرا قلت لا ينافى ذلك مشاركته فى النبوة لانه إذا صار شريكا له خرج عن كونه وزيرا قلت لا ينافى ذلك مشاركته فى النبوة لأن المتشاركين فى الأمر متوازران عليه فَقُلْنَا لهما حينئذ اذْهَبا إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا هم فرعون وقومه اى القبط والآيات هى المعجزات التسع المفصلات الظاهرة على يد موسى عليه السلام ولم يوصف القوم عند إرسالهما إليهم بهذا الوصف ضرورة تأخر تكذيب الآيات عن إظهارها المتأخر عن الأمر به بل انما وصفوا بذلك عند الحكاية لرسول الله ﷺ بيانا لعلة استحقاقهم لما يحكى بعده من التدمير ويقال بآياتنا التكوينية اى بالعلامات التي خلق الله فى الدنيا ويقال بالرسل وبكتب الأنبياء الذين قبل موسى كما فى قوله (وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ) فالباء على كل تقدير متعلقة بكذبوا لا باذهبا وان كان الذهاب إليهم بالآيات كما فى قوله فى الشعراء (فَاذْهَبا بِآياتِنا) واما التكذيب فتارة يتعلق بالآيات كما فى قوله فى الأعراف (فَظَلَمُوا بِها) اى بالآيات وقوله فى طه (وَلَقَدْ أَرَيْناهُ آياتِنا) وتارة بموسى وهارون كما فى قوله فى المؤمنين (فَكَذَّبُوهُما) فَدَمَّرْناهُمْ تَدْمِيراً) التدمير إدخال الهلاك على الشيء والدمار الاستئصال بالهلاك والدمور الدخول بالمكروه وتقدير الكلام فذهبا إليهم فارياهم آياتنا كلها فكذبوهما تكذيبا مستمرا فاهلكناهم اثر ذلك التكذيب المستمر إهلاكا عجيبا هائلا لا يدرك كنهه: وبالفارسية [پس هلاك كرديم ايشانرا هلاك كردنى بإغراق درياى قلزم] فاقتصر على حاشيتى القصة اى أولها وآخرها اكتفاء بما هو المقصود منها وهو الزام الحجة ببعثة الرسل والتدمير بالتكذيب والفاء للتعقيب باعتبار نهاية التكذيب اى باعتبار استمراره والا فالتدمير متأخر عن التكذيب بأزمنة متطاولة وَقَوْمَ نُوحٍ منصوب بمضمر يدل عليه فدمرناهم اى ودمرنا قوم نوح لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ اى نوحا ومن قبله من الرسل كشيث وإدريس او نوحا وحده لأن تكذيبه تكذيب للكل لاتفاقهم على التوحيد والإسلام ويقال ان نوحا كان يدعو قومه الى الايمان به وبالرسل الذين بعده فلما كذبوه فقد كذبوا جميع الرسل كما ثبت ان كل نبى أخذ العهد من قومه ان يؤمنوا بخاتم النبيين ان أدركوا زمانه أَغْرَقْناهُمْ بالطوفان. والإغراق [غرقه كردن] والغرق الرسوب فى الماء اى السفول وهو استئناف مبين لكيفية تدميرهم وَجَعَلْناهُمْ اى إغراقهم وقصتهم لِلنَّاسِ آيَةً عظيمة يعتبر بها كل من شاهدها او سمعها: وبالفارسية [نشانى وداستانى] وهو مفعول ثان لجعلنا وللناس ظرف لغوله وَأَعْتَدْنا [وآماده كرديم] اى فى الآخرة لِلظَّالِمِينَ اى لهم اى للمغرقين والإظهار فى موقع الإضمار للتسجيل بظلمهم والإيذان بتجاوزهم الحد فى الكفر والتكذيب عَذاباً أَلِيماً سوى ما حلّ

صفحة رقم 211
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية