آيات من القرآن الكريم

أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥ ﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰ ﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺ ﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂ

طلب المشركين إنزال الملائكة عليهم أو رؤية الله والإخبار بإحباط أعمالهم
[سورة الفرقان (٢٥) : الآيات ٢١ الى ٢٤]
وَقالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَناأُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ أَوْ نَرى رَبَّنا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيراً (٢١) يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ لا بُشْرى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْراً مَحْجُوراً (٢٢) وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً (٢٣) أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلاً (٢٤)
الإعراب:
لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا اللام جواب قسم محذوف.
يَوْمَ يَرَوْنَ يَوْمَ منصوب على الظرف، والعامل فيه فعل مقدر، تقديره: اذكر، أي اذكر يوم يرون الملائكة. ولا يجوز أن يعمل فيه لا بُشْرى لأن ما في حيّز النفي لا يعمل فيما قبله. وأجاز الزمخشري نصب يَوْمَ بما دل عليه لا بُشْرى أي يوم يرون الملائكة يمنعون البشرى أو يعدمونها. ويَوْمَئِذٍ للتكرار.
ولا بُشْرى: إن جعلت بُشْرى مبنية مع لا كان يَوْمَئِذٍ خبرا لها لأنه ظرف زمان، وظروف الزمان تكون أخبارا عن المصادر. ولِلْمُجْرِمِينَ صفة للبشرى. وإن جعلت بُشْرى غير مبنية مع لا أعملت بُشْرى في يَوْمَئِذٍ لأن الظروف يعمل فيها معاني الأفعال، وللمجرمين خبر لا.
البلاغة:
أُنْزِلَهنا بمعنى هلا للترجي.
عَتَوْا عُتُوًّا وحِجْراً مَحْجُوراً جناس الاشتقاق.

صفحة رقم 42

لا بُشْرى يَوْمَئِذٍ مبالغة بنفي الجنس، والمعنى: لا يبشر يومئذ المجرمون، وعدل عنه إلى ذلك للمبالغة.
هَباءً مَنْثُوراً تشبيه بليغ، حذف منه أداة التشبيه ووجه الشبه، أي كالغبار المنثور في الجو في حقارته وعدم نفعه.
المفردات اللغوية:
لا يَرْجُونَ لِقاءَنا أي لا يأملون لقاءنا بالخير لكفرهم بالبعث، أو لا يخافون لقاءنا بالشر، أي لا يخافون البعث، على لغة تهامة، أي أن الرجاء في بعض لغات العرب: الخوف، مثل قوله تعالى: ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً. وأصل اللقاء: الوصول إلى الشيء، ومنه الرؤية، فإنه وصول إلى المرئي، والمراد به: الوصول إلى جزائه، أي لقاء جزائنا.
هلا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ أي أرسلوا إلينا، فيخبروننا بصدق محمد صلّى الله عليه وسلم أَوْ نَرى رَبَّنا فيأمرنا بتصديقه واتباعه لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ أي لقد تكبروا في شأن أنفسهم، حتى أرادوا لها ان تكون أنبياء أو ما هو أعظم من ذلك وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيراً تجاوزوا الحد في الظلم حتى بلغوا أقصى الغاية، بطلبهم رؤية الله تعالى في الدنيا، وكذبوا الرسول الذي جاء بالوحي، ولم يأبهوا بمعجزاته. وعَتَوْا بالواو على أصله، بخلاف «عتي» بالإبدال في سورة مريم في قوله:
وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا [٨].
يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ في جملة الخلائق، وهو يوم القيامة، وهو منصوب بفعل مقدر تقديره: اذكر لا بُشْرى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ أي الكافرين، والمعنى: يمنعون البشرى، بخلاف المؤمنين، فلهم البشرى بالجنة وَيَقُولُونَ: حِجْراً مَحْجُوراً أي ويقول الكفرة حينئذ هذه الكلمة، وهي كلمة تقال عند حصول شدة كلقاء عدو أو حدث خطير، يقصد بها العرب: الاستعاذة من وقوع الخطر، والطلب من الله أن يمنع ذلك الحادث منعا. والحجر لغة: المنع، ومنه الحجر على القاصر أي منعه من التصرف، وسمي العقل حجرا لأنه يمنع صاحبه من بعض الأعمال.
وَقَدِمْنا عمدنا وقصدنا إلى ما عملوا في كفرهم في الدنيا من المكارم كقرى الضيف وصلة الرحم، وإغاثة الملهوف، فأحبطناه لعدم الإيمان فَجَعَلْناهُ هَباءً هو ما يرى في الهواء أثناء ضوء الشمس الداخل من الكوى أو النوافذ، أي جعلناه كالغبار المفرق في عدم النفع فيه مُسْتَقَرًّا أي مكانا يستقرون فيه أكثر الوقت للجلوس والمحادثة، والمعنى: أصحاب الجنة يوم القيامة خير مستقرا من الكافرين في الدنيا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا مكانا يؤوي إليه للقيلولة والراحة: وهي الاستراحة نصف النهار في الحر تشبيها بمكان القيلولة في الدنيا إذ لا نوم في الجنة. وأخذ من ذلك انقضاء

صفحة رقم 43

الحساب في نصف نهار، كما ورد في الحديث: أنه يفرغ من الحساب في نصف ذلك اليوم، فيقيل أهل الجنة في الجنة، وأهل النار في النار.
المناسبة:
هذا هو موضوع الشبهة الرابعة للمشركين منكري نبوة محمد صلّى الله عليه وسلم ومكذبي القرآن، ومفادها: لم لم ينزل الله الملائكة حتى يشهدوا أن محمدا محقّ في دعواه، أو نرى ربنا حتى يخبرنا بأنه أرسله إلينا.
والشبهات الثلاث المتقدمة لهم: هي قولهم: إِنْ هَذا إِلَّا إِفْكٌ افْتَراهُ وما حكي عنهم: وَقالُوا: أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها وذكرهم خمس صفات للرسول، زعموا أنها تخل بالرسالة، منها قولهم: مالِ هذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ إلخ.
التفسير والبيان:
هذا موقف عجيب من مواقف تعنت الكفار في كفرهم وعنادهم، صوره القرآن بقوله تعالى:
وَقالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا: أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ أَوْ نَرى رَبَّنا أي وقال المشركون الذين ينكرون البعث والثواب والعقاب: هلا أنزل علينا الملائكة كما تنزل على الأنبياء فنراهم عيانا، فيخبرونا بأن محمدا صلّى الله عليه وسلم صادق في دعواه النبوة، أو نرى ربنا جهارا نهارا، فيخبرنا بأنه أرسله إلينا، ويأمرنا بتصديقه واتباعه، كقولهم في آية أخرى: أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلًا [الإسراء ١٧/ ٩٢] والحقيقة أنهم لا يرومون من كلامهم هذا إلا المكابرة والتمادي في الإنكار والعناد، لذا قال تعالى:
لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ، وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيراً أي والله لقد تكبروا وأضمروا الاستكبار عن الحق، وهو الكفر والعناد في قلوبهم واعتقدوه كما قال سبحانه: إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ، ما هُمْ بِبالِغِيهِ [غافر ٤٠/ ٥٦] وتجاوزوا

صفحة رقم 44

الحد في الظلم والكفر تجاوزا بلغ أقصى الغاية، فهم لم يجسروا على هذا القول الشنيع إلا لأنهم بلغوا غاية الاستكبار وأقصى العتو.
ولن يؤمنوا في الحقيقة والواقع، كما قال تعالى في آية أخرى: وَلَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ، وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتى، وَحَشَرْنا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا، ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ [الأنعام ٦/ ١١١].
ثم أخبر الله تعالى مهددا عن حال رؤيتهم الملائكة، فقال:
يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ، لا بُشْرى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ، وَيَقُولُونَ: حِجْراً مَحْجُوراً أي هم لا يرون الملائكة في حال خير، وإنما في حال شر وسوء، فإنهم سيرونهم عند الموت أو يوم القيامة قائلين لهم: لا بشرى لهم بخير، ولا مرحبا بهم، وتبشرهم الملائكة بالنار وغضب الجبار، وتقول لهم: أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ، الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ، وَكُنْتُمْ عَنْ آياتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ [الأنعام ٦/ ٩٣].
ويقول الكفار: حجرا محجورا، أي استعاذة وطلبا من الله أن يمنع عنهم الخطر والضرر، والمقصود أنهم يتعوذون من الملائكة. قال ابن كثير: وهذا القول، وإن كان له مأخذ ووجه، ولكنه بالنسبة إلى السياق بعيد، لا سيما وقد نص الجمهور على خلافه. وإنما هذا من قول الملائكة لهم، يراد به: حرام محرم عليكم البشرى بالمغفرة والجنة، وبما يبشر به المتقون، وحرام محرم عليكم الفلاح اليوم.
وهذا بخلاف حال المؤمنين وقت احتضارهم، فإنهم يبشرون بالخيرات، وحصول المسرات قال الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ قالُوا: رَبُّنَا اللَّهُ، ثُمَّ اسْتَقامُوا، تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا، وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ، نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ، وَلَكُمْ فِيها ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ، وَلَكُمْ فِيها

صفحة رقم 45

ما تَدَّعُونَ، نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ
[فصلت ٤١/ ٣٠- ٣٢] وفي
الحديث الصحيح عن البراء بن عازب: «إن الملائكة تقول لروح المؤمن: اخرجي أيتها النفس الطيبة في الجسد الطيب، إن كنت تعمرينه، اخرجي إلى روح وريحان، وربّ غير غضبان».
ثم أخبر الله تعالى عن إحباط أعمال الكفار الخيرية التي كانوا يعتزون بها في الدنيا كالإكرام والصدقة وفك الأسير وإنقاذ الملهوف وحماية المستجير وخدمة البيت الحرام والحجيج، فقال:
وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً أي قصدنا يوم القيامة إلى محاسن أعمال هؤلاء الكفار في الدنيا، حين حساب العباد على ما عملوه من الخير والشر، تلك الأعمال التي ظنوا أنها منجاة لهم، كالتي ذكرت، فجعلناها مبددة لا نفع فيها ولا خير كالغبار المتناثر الذي لا جدوى فيه ولا فائدة، لفقد الشرط الشرعي لقبولها وهو إما الإخلاص فيها لله، وإما المتابعة لشرع الله، فكل عمل لا يكون خالصا لوجه الله الكريم، وليس على منهج الشريعة المرضية لله، فهو باطل، وأعمال الكفار تفقد أحد الشرطين أو كليهما، فتكون أبعد عن القبول.
ثم قارن الله تعالى حال هؤلاء الكفار بحال المؤمنين فقال:
أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا أي إن حال أهل الجنة خير مأوى ومنزلا، وأتم استقرارا، وأفضل راحة من حال المشركين في النار.
والمستقر: مكان الاستقرار، والمقيل: زمان القيلولة. وهذا إشارة إلى أنهم من المكان في أحسن مكان، ومن الزمان في أطيب زمان. وبما أنه لا خير في النار، فيكون المراد من قوله تعالى: خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا.. هو ما أريد من قوله:
أَذلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ وهو التقريع والتوبيخ، كما إذا أعطى السيد خادمه

صفحة رقم 46

مالا، فتمرد وأبى واستكبر، فيضربه ضربا وجيعا، ويقول له موبخا: هذا أطيب أم ذاك.
وهذا يدل على انتهاء حساب الخلائق في نصف يوم، كما
ورد في الحديث: «إن الله تبارك وتعالى يفرغ من حساب الخلق في مقدار نصف يوم، فيقيل أهل الجنة في الجنة، وأهل النار في النار».
ونظير الآية قوله تعالى: إِنَّ أَصْحابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فاكِهُونَ. هُمْ وَأَزْواجُهُمْ فِي ظِلالٍ عَلَى الْأَرائِكِ مُتَّكِؤُنَ [يس ٣٦/ ٥٥- ٥٦].
فقه الحياة أو الأحكام:
دلت الآيات على ما يلي:
١- إن عدم الخوف من البعث ولقاء الله، أي عدم الإيمان بذلك هو سبب التمادي في إنكار صدق القرآن والنبي المنزل عليه، والعناد والإصرار على الكفر. ثم إن التستر على الكفر والدفاع عنه يجعل الكفرة يطالبون بما فيه تعجيز وشطط وخروج عن المألوف، مثل المطالبة بإنزال الملائكة عليهم لإخبارهم أن محمدا صلّى الله عليه وسلم صادق، أو رؤية الله عيانا لإخبارهم برسالته، كما قال تعالى حاكيا مطالبهم في آيات أخرى: وَقالُوا: لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً إلى قوله: أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلًا [الإسراء ١٧/ ٩٠- ٩٢].
لذا قال الله تعالى في الآيات المفسرة هنا: لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيراً حيث سألوا الله الشطط لأن الملائكة لا ترى إلا عند الموت، والله تعالى لا تدركه الأبصار، وهو يدرك الأبصار، وهو اللطيف الخبير، فلا عين تراه. وإذا لم يكتفوا بالمعجزات وهذا القرآن فكيف يكتفون بالملائكة؟ وهم لا يميزون بينهم وبين الشياطين.

صفحة رقم 47

٢- إذا رؤيت الملائكة عند الموت، فتبشر المؤمنين بالجنة، وتضرب المشركين والكفار بمقامع الحديد حتى تخرج أنفسهم، وتقول الملائكة لهم:
حِجْراً مَحْجُوراً أي حراما محرما أن يدخل الجنة إلا من قال: لا إله إلا الله، وأقام شرائعها، وذلك القول يحصل عند الموت، كما روي عن ابن عباس وغيره.
وقيل: إن ذلك يوم القيامة.
٣- إن جميع أعمال الكفار لا سيما التي اعتقدوا أنها برّ وخير، وظنوا أنها تقربهم إلى الله تعالى تكون يوم القيامة مهدرة باطلة لا جدوى فيها ولا نفع منها بسبب الكفر، ولأن قبولها يفقد الشرط الشرعي لها وهو الإيمان بالله وإخلاص العمل له. وقوله سبحانه: وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ تنبيه على عظم قدر يوم القيامة، ومعناه كما بينا: قصدنا في ذلك إلى ما كان يعمله المجرمون من عمل برّ عند أنفسهم.
٤- أصحاب الجنة في مكان مستقر ومأوى ثابت، ومنزل حسن مريح طيب الإقامة، على النقيض من حال أهل النار. فقوله تعالى: أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا، وَأَحْسَنُ مَقِيلًا كقوله: قُلْ: أَذلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ التقريع والتوبيخ، وإنما قال: خَيْرٌ ولا خير في النار والعذاب: بالنظر إلى التفاوت بين منزلتي الجنة والنار، وهما من المنازل. أما من حيث الواقع فإن خَيْرٌ هنا ليس للمفاضلة التي تفهم من صيغة أفعل التفضيل، وإنما لتقرير أن الجنة هي الخير المحض والحسن المطلق، ولا خير أصلا في ضدها وهي النار.

صفحة رقم 48
التفسير المنير
عرض الكتاب
المؤلف
وهبة بن مصطفى الزحيلي الدمشقي
الناشر
دار الفكر المعاصر - دمشق
سنة النشر
1418
الطبعة
الثانية
عدد الأجزاء
30
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية