آيات من القرآن الكريم

تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِنْ ذَٰلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُورًا
ﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡ ﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕ ﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟ ﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱ

طعن المشركين في النبي المنزل عليه القرآن
[سورة الفرقان (٢٥) : الآيات ٧ الى ١٠]
وَقالُوا مالِ هذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِأُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً (٧) أَوْ يُلْقى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْها وَقالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَسْحُوراً (٨) انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً (٩) تَبارَكَ الَّذِي إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً (١٠)
الإعراب:
فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً فَيَكُونَ منصوب لأنه جواب التحضيض بالفاء، بتقدير «أن».
أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ معطوف على يُلْقى وكلاهما داخل في التحضيض، وليس بجواب له.
وَيَجْعَلْ معطوف على جواب الشرط وهو «جعل» وموضعه الجزم، وحسن أن يعطف المستقبل على الماضي لفظا لأنه في معنى المستقبل لأن «إن» الشرطية تنقل الفعل الماضي إلى الاستقبال. وقرئ بالرفع على أنه مستأنف، تقديره: وهو يجعل لك.
البلاغة:
مالِ هذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ استفهام يراد به التهكم والتحقير.
وَقالَ الظَّالِمُونَ وضع الظاهر موضع الضمير تسجيلا عليهم ظلم ما قالوه.
المفردات اللغوية:
مالِ هذَا الرَّسُولِ أي ما لهذا يزعم الرسالة؟ وفيه استهانة وتهكم. يَأْكُلُ الطَّعامَ كما

صفحة رقم 19

نأكل وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ لطلب المعاش كما نمشي، والمعنى: إن صح ادعاؤه، فما باله يخالف حاله حالنا، وذلك لقصور نظرهم على المحسوسات، فإن تميز الرسل عمن عداهم ليس بأمور جسمانية، وإنما بالأمور المعنوية، كما أشار تعالى: قُلْ: إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ [الكهف ١٨/ ١١٠، وفصلت ٤١/ ٦].
هلا. أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ، فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً يصدقه، فنعلم صدقه بتصديق الملك. أَوْ يُلْقى إِلَيْهِ كَنْزٌ من السماء ينفقه ويستغني به عن طلب المعاش. أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ بستان، أي إن لم يلق إليه كنز، فلا أقل من أن يكون له بستان، كما للدهاقين والمياسير، فيعيش من ريعه وغلته، وهذا منهم على سبيل التنزل. يَأْكُلُ مِنْها أي من أثمارها، فيكتفي بها ويتميز علينا بها. وقرئ نأكل أي نحن، وهذا كله تفكير الماديين. وَقالَ الظَّالِمُونَ الكافرون. إِنْ تَتَّبِعُونَ أي ما تتبعون. إِلَّا رَجُلًا مَسْحُوراً أي سحر فغلب على عقله واختل تفكيره. انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ أي قالوا فيك الأقوال العجيبة الشاذة التي جرت مجرى الأمثال، واخترعوا لك الأحوال النادرة، كالمسحور والمحتاج إلى ما ينفقه، وإلى ملك يعاونه في الأمر. فَضَلُّوا بذلك عن الهدى وعن الطريق الموصل إلى معرفة خواص النبي صلّى الله عليه وسلم، والمميز بينه وبين المتنبئ، فخبطوا خبط عشواء وقوله: ضلوا: أي بقوا متحيرين في ضلالهم.
فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا طريقا إلى الرشد والهدى، أو إلى القدح في نبوتك. قُصُوراً جمع قصر وهو كل بيت مشيد بالحجارة ونحوها، أما ما يتخذ من الصوف أو الشعر فهو البيت في عرف العرب.
سبب النزول:
أخرج ابن أبي شيبة في مصنفه وابن جرير وابن أبي حاتم عن خيثمة قال:
قيل للنبي صلّى الله عليه وسلم: إن شئت أعطيناك مفاتيح الأرض وخزائنها، لا ينقصك ذلك عندنا شيئا في الآخرة، وإن شئت جمعتهما لك في الآخرة، فقال: لا، بل اجمعها لي في الآخرة، فنزلت: تَبارَكَ الَّذِي إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذلِكَ الآية. أي أن عرض الخزائن من الله. وجاء في السيرة النبوية أن عروض الإغراء بالمال والغنى، والسيادة والجاه، والملك والسلطان كانت من زعماء قريش.

صفحة رقم 20

أخرج ابن إسحاق وابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس قال: إن عتبة بن ربيعة، وأبا سفيان بن حرب، والنضر بن الحارث، وأبا البحتري بن هشام، والأسود بن المطلب، وزمعة بن الأسود، والوليد بن المغيرة، وأبا جهل بن هشام، وعبد الله بن أمية، وأمية بن خلف، والعاص بن وائل، ومنبّه بن الحجاج اجتمعوا، فقال بعضهم لبعض:
ابعثوا إلى محمد، وكلّموه وخاصموه حتى تعذروا منه، فبعثوا إليه: إن أشراف قومك قد اجتمعوا ليكلموك، قال: فجاءهم رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقالوا: يا محمد، إنا بعثنا إليك لنعذر منك، فإن كنت إنما جئت بهذا الحديث تطلب مالا جمعنا لك من أموالنا، وإن كنت تطلب به الشرف، فنحن نسوّدك، وإن كنت تريد به ملكا ملّكناك؟.
فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: ما بي مما تقولون، ما جئتكم بما جئتكم به أطلب أموالكم، ولا الشرف فيكم، ولا الملك عليكم، ولكن الله بعثني إليكم رسولا، وأنزل علي كتابا، وأمرني أن أكون لكم بشيرا ونذيرا، فبلّغتكم رسالة ربي ونصحت لكم، فإن تقبلوا مني ما جئتكم به، فهو حظكم في الدنيا والآخرة، وإن تردوه عليّ أصبر حتى يحكم الله بيني وبينكم.
قالوا: يا محمد، فإن كنت غير قابل منا شيئا مما عرضناه عليك، فسل لربك، وسل لنفسك أن يبعث معك ملكا يصدّقك فيما تقول، ويراجعنا عنك، وسله أن يجعل لك جنانا وقصورا من ذهب وفضة، ويغنيك عما نراك تبتغي، فإنك تقوم بالأسواق، وتلتمس المعاش كما نلتمسه، حتى نعرف فضلك ومنزلتك من ربك، إن كنت رسولا كما تزعم.
فقال لهم رسول الله صلّى الله عليه وسلم: ما أنا بفاعل، ما أنا بالذي يسأل ربه هذا، وما بعثت إليكم بهذا، ولكن الله بعثني بشيرا ونذيرا، فأنزل الله في ذلك هذه الآية.

صفحة رقم 21

المناسبة:
بعد بيان شبهتي المشركين في القرآن، أبان الله تعالى شبهة ثالثة في النبي المنزل عليه القرآن، وهو الرسول محمد صلّى الله عليه وسلم، ثم أبطل تعالى تلك الشبه، وكشف سخفها وزيفها وعدم صلاحيتها للطعن في النبي صلّى الله عليه وسلم، فهي في غاية السخافة والسقوط، ولا دليل عليها، وإنما هي تعللات تشير إلى تعنت الكفار وعنادهم وتكذيبهم للحق بلا حجة.
التفسير والبيان:
ذكر المشركون خمس صفات للنبي صلّى الله عليه وسلم تتعارض مع النبوة في زعمهم وهي:
١- وَقالُوا: مالِ هذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ أي قال المشركون: لا ميزة لهذا النبي الذي يدعي الرسالة، فهو يأكل كما نأكل، ويشرب كما نشرب، ويحتاج إلى ذلك كما نحتاج إليه، يعنون أنه كان يجب أن يكون ملكا مستغنيا عن الأكل والتعيش.
٢- وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ أي يتردد فيها وإليها، طلبا للتكسب والتجارة وابتغاء للرزق والمعيشة، فمن أين له الفضل علينا، وهو مثلنا في هذه الأمور؟
وهذا منهم تصور مادي محض، وموازنة ساذجة، فإن الرسل لم يمتازوا بصفات حسية مادية، فهم في هذا كغيرهم من البشر، وإنما امتازوا بقيم معنوية، ومكاسب أدبية، وطهارة نفسية، لذا قال تعالى: قُلْ: إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ [الكهف ١٨/ ١١٠].
٣-أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ، فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً أي هلا أنزل إليه ملك من عند الله، فيكون له شاهدا على صدق ما يدعيه، ويرد على من خالفه، كما

صفحة رقم 22

قال فرعون عن موسى عليه السلام: فَلَوْلا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ، أَوْ جاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ [الزخرف ٤٣/ ٥٣].
٤- أَوْ يُلْقى إِلَيْهِ كَنْزٌ أي وهلا ألقي عليه كنز من السماء، فينفق منه، فلا يحتاج إلى التردد في الأسواق لطلب المعاش.
٥- أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْها أي إن لم يكن له كنز فلا أقل من أن يكون كأحد الدهاقين أو المياسير، له بستان يأكل منه، ويعيش من غلته وثمرته.
قال الزمخشري: إنهم يعنون أنه كان يجب أن يكون ملكا مستغنيا عن الأكل والتعيش، ثم نزلوا عن اقتراحهم أن يكون ملكا إلى اقتراح أن يكون إنسانا معه ملك، حتى يتساندا في الإنذار والتخويف، ثم نزلوا أيضا فقالوا: وإن لم يكن مرفودا بملك، فليكن مرفودا بكنز يلقى إليه من السماء يستظهر به، ثم نزلوا فاقتنعوا بأن يكون رجلا له بستان يأكل منه ويرتزق. «١»
وهذا تصور مادي محض، وقياس على أحوال أصحاب السلطة والنفوذ الدنيوي، وتقدير منهم أن الرسالة أمر آخر فوق البشرية، وما فهموا ولا أدركوا أن الرسول بشر أوحي إليه من عند ربه.
وبعد أن انتقصوا الرسول صلّى الله عليه وسلم بصفات أهل الدنيا، وعيروه بها، نفوا عنه صفة العقل، وهي شبهة أخرى أو صفة سادسة، فقالوا:
٦- وَقالَ الظَّالِمُونَ: إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُوراً أي وقال الكافرون: ما تتبعون إلا رجلا سحر فاختل عقله، فهو لا يدرك ما يقول، فكيف يطاع فيما يأمر؟.

(١) الكشاف: ٢/ ٤٠٠

صفحة رقم 23

فأجاب تعالى عن هذه الشبهة بقوله:
انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ، فَضَلُّوا، فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا أي انظر متعجبا أيها الرسول، كيف قالوا فيك تلك الأقوال، واخترعوا لك تلك الصفات، والأحوال النادرة، وقذفوك وافتروا عليك بقولهم: ساحر مسحور، مجنون، كذاب، شاعر، وكلها أقوال باطلة، وأوصاف مفتراة، لا يصدق بها من له أدنى فهم وعقل، فصاروا متحيرين ضلّالا عن طريق الهدى والحق، فلا يجدون طريقا إليه.
وهذا جواب إجمالي، أردفه بجواب خاص عن طلب البستان والكنز، فقال: تَبارَكَ الَّذِي إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ، وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً أي تكاثر خير ربك، فهو إن شاء وهب لك في الدنيا خيرا مما اقترحوا أو طلبوا، وهو أن يعجل لك مثلما وعدك به في الآخرة من الجنات التي تجري من تحتها الأنهار، والقصور الشامخة النادرة، وأن يؤتيك خيرا مما يقولون في الدنيا وأفضل وأحسن. ولكن الله تعالى ادخر لك العطاء في دار الآخرة الخالدة، لا في الدنيا الزائلة، حتى لا تشتغل بالدنيا عن الدين، وأداء مهمة تبليغ الرسالة، ولأن ما عند الله خير وأبقى.
قال خيثمة: قيل للنبي صلّى الله عليه وسلم: إن شئت أن نعطيك خزائن الأرض ومفاتيحها، ما لم نعطه نبيا قبلك، ولا نعطي أحدا من بعدك، ولا ينقص ذلك مما لك عند الله، فقال: «اجمعوها لي في الآخرة» فأنزل الله عز وجل في ذلك:
تَبارَكَ الَّذِي إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذلِكَ.
فقه الحياة أو الأحكام:
أرشدت الآيات إلى ما يأتي:
١- المقارنة البناءة المثمرة بين التفكير المادي الذي يؤثر الدنيا، والتفكير

صفحة رقم 24

الديني الذي يتخذ الدنيا وسيلة للحياة، وجسرا إلى الآخرة، وأن الدنيا ليست هي كل هدف الإنسان العاقل، فأمامه عالم آخر، عليه الاستعداد له، والإعداد للظفر بخيراته بالإيمان والعمل الصالح.
٢- إن دخول الأسواق مباح للتجارة وطلب العيش، وكان صلّى الله عليه وسلم يدخلها لحاجته، ولتذكير الناس بأمر الله ودعوته، وعرض نفسه فيها على القبائل، لعل الله أن يرجع بهم إلى الحق.
وقد تاجر الصحابة وبخاصة المهاجرون في الأسواق، كما خرّج البخاري عن أبي هريرة: «وإن إخواننا من المهاجرين كان يشغلهم الصّفق «١» في الأسواق».
٣- من لم يتأثر بعقل مجرد وقلب طاهر بأقوال النبي صلّى الله عليه وسلم وبرسالته لذاتها، لما فيها من هداية إلى الحق والخير والتوحيد، لم تنفعه إنذارات الملائكة، فما وراء الإنذار إلا العذاب.
٤- إن الاتهامات الرخيصة والأوصاف المرذولة زائفة باطلة عند أهل الحكمة والاتزان، والحصافة والعقل. فمن يصدّق أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم الذي عرف بالفطنة ورجاحة الرأي والعقل وسداد التفكير ساحر مسحور، وشاعر مأفون، ومجنون مختل العقل؟ إن الواقع خير شاهد على تكذيب تلك المزاعم والافتراءات. ولا تحتاج إلى جواب إلا كما قال تعالى: انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ.
٥- إن فضل الله وخيره ونعمه كثيرة لا تعد ولا تحصى، وقدرته شاملة لكل شيء، إذا أراد شيئا قال له: كُنْ فَيَكُونُ لكنه تعالى لا يريد لأنبيائه وأوليائه أن يكونوا أهل غنى وثروة ودنيا، فأهل الغنى والثروة تنتهي سمعتهم بموتهم، ولا يبقى لهم ذكر أو شهرة، وإنما أراد الله تعالى لأنبيائه تخليد آثارهم

(١) الصفق: التبايع.

صفحة رقم 25

وذكراهم في الحياة الإنسانية بالقيم الخالدة، والمعاني السامية، وبما قدموه للبشرية من عطاء تذكره لهم الأجيال، ويحتكم إلى أصالته الحكماء، ويظل أثرهم الخالد مضرب الأمثال، وقدوة لكل إنسان، وأمل الحيارى، وحلم المعذبين في الأرض، كما قال تعالى: بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا، وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقى.
[الأعلى ٨٧/ ١٦- ١٧].
يروى أن هذه الآية: تَبارَكَ الَّذِي إِنْ شاءَ أنزلها رضوان خازن الجنان إلى النبي صلّى الله عليه وسلم «١»
وفي الخبر: إن رضوان لما نزل سلّم على النبي صلّى الله عليه وسلم ثم قال: يا محمد، ربّ العزة يقرئك السلام، وهذا سفط «٢» - فإذا سفط من نور يتلألأ- يقول لك ربك: هذه مفاتيح خزائن الدنيا، مع أنه لا ينقص مالك في الآخرة مثل جناح بعوضة فنظر النبي صلّى الله عليه وسلم إلى جبريل كالمستشير له فضرب جبريل بيده الأرض، يشير أن تواضع، فقال: يا رضوان، لا حاجة لي فيها، الفقر أحب إليّ، وأن أكون عبدا صابرا شكورا، فقال رضوان: أصبت، الله لك.
٦- دل قوله تعالى: تَبارَكَ الَّذِي إِنْ شاءَ.. على أنه سبحانه يعطي العباد على حسب المصالح، فيرزق بعضهم نعمة المال، وآخر نعمة العلم، وغيرهم نعمة العقل والفهم، وهو فعال لما يريد.

(١) كان رضوان في هذا مع جبريل عليهما السلام أمين الوحي بدليل بقية الخبر.
(٢) السفط: المحفظة أو الوعاء المخصص لوضع الطيب ونحوه من أدوات النساء.

صفحة رقم 26
التفسير المنير
عرض الكتاب
المؤلف
وهبة بن مصطفى الزحيلي الدمشقي
الناشر
دار الفكر المعاصر - دمشق
سنة النشر
1418
الطبعة
الثانية
عدد الأجزاء
30
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية