آيات من القرآن الكريم

وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ
ﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞ ﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨ ﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴ ﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾ ﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈ

في الحال، والعزم عزما أكيدا على عدم الرجوع إليه أبدا بحال من الأحوال مهما كانت الظروف والملابسات، وأن يبعد عن الظروف التي قادته إلى مثل هذا العمل.
والإصلاح: يقتضى إصلاح نفسه، وتفكيره، وبيئته وظروفه، ويرد المظالم إلى أهلها إذا أمكنه ذلك، تلك يا أخى هي أصول التوبة الطاهرة التي تتوفر، على أن التوبة أمر قلبي لا يطلع عليه إلا الله فحذار حذار من التوبة باللسان فقط إذ هي لا تنفع شيئا.
قذف الرجل زوجته [سورة النور (٢٤) : الآيات ٦ الى ١٠]
وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ إِلاَّ أَنْفُسُهُمْ فَشَهادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهاداتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (٦) وَالْخامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كانَ مِنَ الْكاذِبِينَ (٧) وَيَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهاداتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكاذِبِينَ (٨) وَالْخامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْها إِنْ كانَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٩) وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ (١٠)
المفردات:
لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ اللعن: الطرد من الرحمة غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْها الغضب هو:
إنزال العذاب مع المقت وَيَدْرَؤُا يدفع.
الحكم الأول للزنا، والثاني للقذف به مع الأجانب، والثالث للقذف به مع الزوجة، وهذا ما يسمى في كتب الفقه باللعان.

صفحة رقم 656

المعنى:
والذين يرمون أزواجهم بالزنا، وكأن الكلمة قبل أن تتكلم بها تكون في ملكك فإذا خرجت منك كانت كالسهم إذا انطلق فلا يمكن رده ولعل هذا مما يساعد على تفهم السر في التعبير عن القذف بالرمي على ما فيه- كما قلنا- من الألم والضرر.
ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم، وهذا أمر معقول فربما يدخل الرجل على امرأته في أماكنها الخاصة فيجد معها الأجنبى على هيئة منكرة فماذا يعمل! أيخرج يطلب الشهود! قد لا يتصور هذا أيسكت ويلحق بنفسه من لا يستحق هذا النسب، ويتخذ لأولاده أخا يرثه ويرثهم وهو لا يستحق! إن هذا لأمر خطير.
ولكن الشارع الحكيم قال: إن لم يكن له شهداء يشهدون على مثل الشمس رؤية ويقينا، إذا لم يكن ذلك فليشهد أربع شهادات بالله، فيقول: أشهد بالله العظيم إنى لصادق فيم رميت به زوجتي فلانة من الزنى (أربع مرات) ويقول في المرة الخامسة:
وعلى لعنة الله إن كنت من الكاذبين في دعواي، وحينما رمى زوجته بالزنا وجب عليه الحد كما نصت الآية السابقة فإنها عامة من المحصنات سواء كن زوجات أو أجنبيات.
وليس يرفع الحد إلا البينة بأربعة شهود أو اللعان منه أى أن يشهد أربع شهادات ثم الخامسة كما تقدم... عند ذلك يجب عليها الحد إن لم تلاعن هي الأخرى، وذلك كله بعد تحذير الحاكم لهما من الكذب وخطره، وبيان أن عذاب الدنيا بالحد أخف بكثير من عذاب الآخرة فإن أصرت الزوجة على تكذيب زوجها لا عنت فشهدت أربع شهادات بالله العظيم إنه لمن الكاذبين، وتقول: أشهد: بالله العظيم إن فلانا هذا زوجي لمن الكاذبين فيما رمانى به من الزنى، وفي الخامسة تقول: وعلى غضب الله إن كان من الصادقين.
وهذا معنى قوله تعالى: وَيَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهاداتٍ ومن أحكام اللعان أنه متى لا عن الزوج حرمت عليه زوجته، قيل حرمة مؤبدة وقيل كالطلقة البائنة يجوز له أن ينكحها إذا عاد وكذب نفسه وأقيم عليه الحد.
ولولا ما حفكم من فضل الله ومزيد إحسانه الذي منشؤه الرحمة التي هي صفة

صفحة رقم 657

ذاتية لله كتبها على نفسه، وأنه هو التواب الذي يقبل التوبة عن عباده، ويعفو عن السيئات لولا ذلك كله لكان ما كان مما لا يطاق، ولا تحيط به العبارة.
حقا إن الله- سبحانه وتعالى- بما شرع من اللعان قد خلصنا من أزمات جسام! هب أن الرجل الحر فوجئ برجل على سريره يفعل المنكر فإن قتله قتل به أو ناله أذى على فعله شديد، وإن سكت سكت على ما لا يطاق، وإن تكلم ورمى زوجته بالزنى أقيم عليه الحد، وردت شهادته بين المسلمين فماذا يكون إذا؟
تفضل ربكم عليكم بتشريع يرفع هذا الحرج كله رحمة منه وفضلا فأباح للرجل أن يثبت قوله بشهادته أربع مرات على ما سبق بيانه، ولم يهمل شأن المرأة فقد يكون للظن السيئ والغيرة الشديدة أثر كبير في رمى الزوجة بالزنى وهي بريئة، ففتح لها باب الخلاص تدفع عن عرضها وشرفها وشرف قومها، فشرع لها اللعان، ورحمهما معا بالستر على الكاذب منهما في الدنيا، وقد يتوب فتقبل توبته فينجو من عذاب الدنيا والآخرة، فأى حكم أعدل وأرحم وأفضل من هذا؟!!!
وروى في سبب نزولها: أن هلال بن أمية قذف امرأته عند النبي صلّى الله عليه وسلّم بشريك ابن سحماء فقال النبي صلّى الله عليه وسلم: «البيّنة أو حدّ في ظهرك قال: يا رسول الله، إذا رأى أحد رجلا على امرأته يلتمس البينة! فجعل النبي صلّى الله عليه وسلّم يقول: «البيّنة وإلّا حدّ في ظهرك» فقال هلال. والذي بعثك بالحق إنى لصادق، ولينزلن الله في أمرى ما يبرئ ظهري من الحد فنزلت الآية
. وقيل إن القاذف لزوجته عويمر بن زيد لا هلال بن أمية.
وروى أن آية القذف لما نزلت وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ الآية وتناول ظاهرها الأزواج وغيرهم قال سعد بن معاذ: يا رسول الله إن وجدت مع امرأتى رجلا أمهله حتى آتى بأربعة! والله لأضربنه بالسيف غير مصفح عنه فقال رسول الله:
«أتعجبون من غيرة سعد لأنا أغير من سعد. والله أغير منّى»
ثم لم يمض يسير من الزمن حتى جاء هلال بن أمية ورمى زوجته بالزنى، ونزلت الآية..

صفحة رقم 658
التفسير الواضح
عرض الكتاب
المؤلف
محمد محمود حجازي
الناشر
دار الجيل الجديد
سنة النشر
1413
الطبعة
العاشرة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية