
- قَوْله تَعَالَى: وعد الله الَّذين آمنُوا مِنْكُم وَعمِلُوا الصَّالِحَات ليَستَخْلِفنهم فِي الأَرْض كَمَا اسْتخْلف الَّذين من قبلهم وليمكنن لَهُم دينهم الَّذِي ارتضى لَهُم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لَا يشركُونَ بِي شَيْئا وَمن كفر بعد ذَلِك فَأُولَئِك هم الْفَاسِقُونَ وَأقِيمُوا الصَّلَاة وَآتوا الزَّكَاة وَأَطيعُوا الرَّسُول لَعَلَّكُمْ ترحمون لَا تحسبن الَّذين كفرُوا معجزين فِي الأَرْض ومأواهم النَّار ولبئس الْمصير
أخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن الْبَراء فِي قَوْله ﴿وعد الله الَّذين آمنُوا مِنْكُم﴾ الْآيَة
قَالَ: فِينَا نزلت وَنحن فِي خوف شَدِيد
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه بِمَكَّة نَحوا من عشر سِنِين يدعونَ إِلَى الله وَحده وعبادته وَحده لَا شريك لَهُ سرا وهم خائفون لَا يؤمرون بِالْقِتَالِ حَتَّى أمروا بِالْهِجْرَةِ إِلَى الْمَدِينَة فقدموا الْمَدِينَة فَأَمرهمْ الله بِالْقِتَالِ وَكَانُوا بهَا خَائِفين يمسون فِي السِّلَاح ويصبحون فِي السِّلَاح فغيروا بذلك مَا شَاءَ الله ثمَّ إِن رجلا من أَصْحَابه قَالَ: يَا رَسُول الله أَبَد الدَّهْر نَحن خائفون هَكَذَا أما يَأْتِي علينا يَوْم نَأْمَن فِيهِ وَنَضَع فِيهِ السِّلَاح فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لن [] تغيرُوا إِلَّا قَلِيلا حَتَّى يجلس الرجل مِنْكُم فِي املأ الْعَظِيم مُحْتَبِيًا لَيست فيهم جَدِيدَة فَأنْزل الله ﴿وعد الله الَّذين آمنُوا مِنْكُم وَعمِلُوا الصَّالِحَات ليَستَخْلِفنهم فِي الأَرْض﴾ إِلَى آخر الْآيَة
فاظهر الله نبيه على جَزِيرَة الْعَرَب فَأمنُوا وَوَضَعُوا السِّلَاح ثمَّ إِن الله قبض نبيه فَكَانُوا كَذَلِك آمِنين فِي امارة أبي بكر وَعمر وَعُثْمَان حَتَّى وَقَعُوا فِيمَا وَقَعُوا وَكَفرُوا النِّعْمَة فَأدْخل الله عَلَيْهِم الْخَوْف الَّذِي

كَانَ رفع عَنْهُم وَاتَّخذُوا الْحجر وَالشّرط وغيروا فَغير مَا بهم
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل والضياء فِي المختارة عَن أبيّ بن كَعْب قَالَ: لما قدم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه الْمَدِينَة وآوتهم الْأَنْصَار رَمَتْهُمْ الْعَرَب عَن قَوس وَاحِدَة فَكَانُوا لَا يبيتُونَ إِلَّا فِي السِّلَاح وَلَا يُصْبِحُونَ إِلَّا فِيهِنَّ فَقَالُوا: أَتَرَوْنَ أَنا نَعِيش حَتَّى نبيت آمِنين مُطْمَئِنين لَا نَخَاف إِلَّا الله فَنزلت ﴿وعد الله الَّذين آمنُوا مِنْكُم وَعمِلُوا الصَّالِحَات﴾
وَأخرج أَحْمد وَابْن مرْدَوَيْه وَاللَّفْظ لَهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن أبي بن كَعْب قَالَ: لما نزلت على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿وعد الله الَّذين آمنُوا مِنْكُم وَعمِلُوا الصَّالِحَات﴾ قَالَ: بشر هَذِه الْأمة بالسنا والرفعة وَالدّين والنصر والتمكين فِي الأَرْض فَمن عمل مِنْهُم عمل الْآخِرَة للدنيا لم يكن لَهُ فِي الْآخِرَة من نصيب
وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ (ليستخلفهم) بِالْيَاءِ (فِي الأَرْض كَمَا اسْتخْلف) بِرَفْع التَّاء وَكسر اللَّام (وليمكنن) بِالْيَاءِ مثقلة (وليبدلنهم) مُخَفّفَة بِالْيَاءِ
وَأخرج عبد بن حميد عَن عَطِيَّة ﴿وعد الله الَّذين آمنُوا مِنْكُم وَعمِلُوا الصَّالِحَات ليَستَخْلِفنهم فِي الأَرْض﴾ قَالَ: أهل بَيت هَهُنَا وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الْقبْلَة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة ﴿وليمكنن لَهُم دينهم الَّذِي ارتضى لَهُم﴾ قَالَ: هُوَ الإِسلام
وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس ﴿يعبدونني لَا يشركُونَ بِي شَيْئا﴾ قَالَ: لَا يخَافُونَ أحدا غَيْرِي
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد ﴿يعبدونني لَا يشركُونَ بِي شَيْئا﴾ قَالَ: لَا يخَافُونَ أحدا غَيْرِي ﴿وَمن كفر بعد ذَلِك فَأُولَئِك هم الْفَاسِقُونَ﴾ قَالَ: العاصون
وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي الْعَالِيَة ﴿وَمن كفر بعد ذَلِك﴾ قَالَ: كفر بِهَذِهِ النِّعْمَة لَيْسَ الْكفْر بِاللَّه
وَعبد بن حميد ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي الشعْثَاء قَالَ: كنت جَالِسا مَعَ حُذَيْفَة وَابْن مَسْعُود فَقَالَ حُذَيْفَة: ذهب النِّفَاق إِنَّمَا كَانَ النِّفَاق على عهذ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَإِنَّمَا هُوَ

الْيَوْم الْكفْر بعد الإِيمان فَضَحِك ابْن مَسْعُود ثمَّ قَالَ: بِمَ تَقول قَالَ: بِهَذِهِ الْآيَة ﴿وعد الله الَّذين آمنُوا مِنْكُم وَعمِلُوا الصَّالِحَات﴾ إِلَى آخر الْآيَة
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة ﴿لَا تحسبن الَّذين كفرُوا معجزين فِي الأَرْض﴾ قَالَ: سابقين فِي الأَرْض وَالله تَعَالَى أعلم