آيات من القرآن الكريم

لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ ۚ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَٰئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ
ﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍ

(لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ (١٣)
(لَوْلَا) للحض كالسابقة، والحض حض على التثبت في القول، ولا يقبله المؤمن والمؤمنة، إلا أن يكون مثل الشمس وضوحا، وقد قال النبي - ﷺ - لشاهد جاء يشهد: " على مثلها فاشهد " وأشار إلى الشمس في رائعة النهار (١).
وإن التثبت يكون بأربعة شهداء، فالحض على التثبت، وليس على جمع الشهود ليشهدوا، فإن ذلك لَا يخلو من إشاعة للفاحشة، وقد دل الحض على
أمرين:
أولهما: أنه لَا يصح التكلم إلا إذا جاءوا بأربعة شهداء يشهدون، فإنه في هذه الحال يحل التكلم؛ لأنه سيقام الحد ويشهد عليه طائفة من المؤمنين.
________
(١) رواه أبو سعيد النقاش في القضاة. كنز العمال (١٧٧٨٢): ج ١/ ١٣١٠

صفحة رقم 5158

الأمر الثاني: أنه لَا يصح المبادرة إلى الكلام، بل يُكفُّ، ويلزم الصمت إذا لم يكن هؤلاء الأربعة من الشهداء، وإلا حق عليه الحد للافتراء، أو كما يعبر الفقهاء حد الفرية، وهو حد القذف، ولذا قال تعالى:
(فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ) الفاء الأولى فاء الإفصاح أو عاطفة، والفاء الثانية هي الواقعة في جواب الشرط، والإشارة إلى الذين يرمون من غير بينة، وهذه الإشارة تفيد أن هذه الحال سبب للحكم عليهم بالكذب الملازم الثابت فيهم الذي يمنع أن يقبل منهم قول بعد ذلك، وهم الذين يحدون حد القذف كما بينا، ولا تقبل لهم شهادة أبدا؛ لأن وصف الكذب ملازم لهم، ولا تقبل شهادة كاذب، ويعاقب عقوبة المفترين المبعدين، والتبعية، والأدبية، وهي الحكم عليه بالفسق.
والتعدية بـ " على " في قوله تعالى: (لَوْلا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ) معناها إثبات الإفك إذ الضمير يعود عليه، وإثبات الإفك المراد موضوعه، وهو رمى المحصنة الكريمة بنت الكريم وزوج الكريم، وفي ذلك إشارة إلى أنه غير ممكن، فـ " لَوْلَا " تدل مع التحضيض على الاستبعاد، بل الاستحالة لمقام موضوع الافتراء.
وقد بين سبحانه عظم الإثم وضرره في الجماعة المسلمة، فقال عز من قائل:

صفحة رقم 5159
زهرة التفاسير
عرض الكتاب
المؤلف
محمد بن أحمد بن مصطفى بن أحمد المعروف بأبي زهرة
الناشر
دار الفكر العربي
عدد الأجزاء
10
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية