آيات من القرآن الكريم

لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ ۚ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَٰئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ
ﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍ

قوله: «لَوْلاَ جَاءُوا» : هَلاَّ جاءوا ﴿عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَآءَ﴾ أي: على ما زعموا يشهدون على معاينتهم ما رَمَوْها به ﴿فَإِذْ لَمْ يَأْتُواْ بِالشُّهَدَآءِ﴾ ولم يقيموا بينةً على ما قالوه ﴿فأولئك عِندَ الله﴾ أي: في حكمه «هُمُ الكَاذِبُون».
فإن قيل: كيف يصيرون عند الله كاذبين إذا لم يأتوا بالشهداء ومن كذب فهو عند الله كاذب سواء أتى بالشهداء أو لم يأت؟
فالجواب: معناه: كذبوهم بأمر الله.
وقيل: هذا في حق عائشة خاصة، فإنهم كانوا عند الله كاذبين.
وقيل: المعنى: في حكم الكاذبين، فإن الكاذب يجب زجره عن الكذب، والقاذف إذا لم يأت بالشهود فإنه يجب زجره، فلما (كان) شأنه (شأن) الكاذب في الزجر أطلق عليه أنه كاذب مجازاً.
قوله: ﴿فَإِذْ لَمْ يَأْتُواْ بِالشُّهَدَآءِ﴾. «إذْ» منصوب ب «الكَاذِبُونَ» في قوله: ﴿فأولئك عِندَ الله هُمُ الكاذبون﴾، وهذا كلام في قوة شرط وجزاء.
قوله: ﴿وَلَوْلاَ فَضْلُ الله عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدنيا والآخرة لَمَسَّكُمْ فِي مَآ أَفَضْتُمْ فِيهِ﴾ من

صفحة رقم 323

الإفك ﴿عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾. (وهذا زجر) و «لَوْلاَ» هاهنا لامتناع الشيء لوجود غيره ويقال: أفاض في الحديث: اندفع وخاض. والمعنى: ولو أني قضيت أن أتفضل عليكم في الدنيا بالنعم التي من جملتها الإمهال، وأتَرَحَّم عليكم في الآخرة بالعفو، لعاجلتُكم بالعقاب على ما خضتم فيه من حديث الإفك.
وقيل: المعنى: وَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ لمَسَّكُم العَذَابُ في الدُّنْيَا والآخرة معاً، فيكون فيه تقديم وتأخير. وهذا الفضل هو حكم الله لمن تاب.
وقال ابن عباس: المراد بالعذاب العظيم أي: عذاب لا انقطاع له. أي: في الآخرة لأنه ذكر عذاب الدنيا من قبل فقال: ﴿والذي تولى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [النور: ١١] وقد أصابه، فإنه جلد وحدّ.

صفحة رقم 324
اللباب في علوم الكتاب
عرض الكتاب
المؤلف
أبو حفص سراج الدين عمر بن علي بن عادل الحنبلي الدمشقي النعماني
تحقيق
عادل أحمد عبد الموجود
الناشر
دار الكتب العلمية - بيروت / لبنان
سنة النشر
1419 - 1998
الطبعة
الأولى، 1419 ه -1998م
عدد الأجزاء
20
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية