آيات من القرآن الكريم

لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَٰذَا إِفْكٌ مُبِينٌ
ﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽ

إِنْ كَانَ مِنَ الْأَوْسِ ضَرَبْتُ عُنُقَهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ إِخْوَانِنَا مَنِ الْخَزْرَجِ فَمَا أَمَرْتَنَا فَعَلْنَاهُ، فَقَامَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ وَهُوَ سَيِّدُ الْخَزْرَجِ/ وَكَانَ رَجُلًا صَالِحًا وَلَكِنْ أَخَذَتْهُ الْحَمِيَّةُ فَقَالَ لِسَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ كَذَبْتَ واللَّه لَا تَقْدِرُ عَلَى قَتْلِهِ، فَقَامَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ وَهُوَ ابْنُ عَمِّ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ وَقَالَ كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّه لَنَقْتُلَنَّهُ وَإِنَّكَ لَمُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنِ الْمُنَافِقِينَ، فَثَارَ الْحَيَّانِ الْأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ حَتَّى هَمُّوا أَنْ يَقْتَتِلُوا، وَرَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَلَمْ يَزَلْ يُخَفِّضُهُمْ حَتَّى سَكَتُوا، قَالَتْ
وَمَكَثْتُ يَوْمِي ذَلِكَ لَا يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ وَأَبَوَايَ يَظُنَّانِ أَنَّ الْبُكَاءَ فَالِقٌ كَبِدِي، فَبَيْنَا هُمَا جَالِسَانِ عِنْدِي وَأَنَا أَبْكِي إِذْ دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَلَّمَ ثُمَّ جَلَسَ، قَالَتْ وَلَمْ يَجْلِسْ عِنْدِي مُنْذُ قِيلَ فِيَّ مَا قِيلَ وَلَقَدْ لَبِثَ شَهْرًا لَا يُوحِي اللَّه إِلَيْهِ فِي شَأْنِي شَيْئًا، ثم قال: أَمَّا بَعْدُ يَا عَائِشَةُ فَإِنَّهُ بَلَغَنِي عَنْكِ كَذَا وَكَذَا فَإِنْ كُنْتِ بَرِيئَةً فَسَيُبَرِّئُكِ اللَّه تَعَالَى وَإِنْ كُنْتِ أَلْمَمْتِ بِذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرِي اللَّه وَتُوبِي إليه، فإن العبد إذا تاب اللَّه عليه قالت فما قَضَى رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَقَالَتَهُ، فَاضَ دَمْعِي ثُمَّ قُلْتُ لِأَبِي أَجِبْ عَنِّي رَسُولَ اللَّه، فَقَالَ واللَّه مَا أَدْرِي ما أقول، فقلت لأمي أجنبي عَنِّي رَسُولَ اللَّه فَقَالَتْ واللَّه لَا أَدْرِي مَا أَقُولُ، فَقُلْتُ وَأَنَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ مَا أَقْرَأُ مِنَ الْقُرْآنِ كَثِيرًا إِنِّي واللَّه لَقَدْ عَرَفْتُ أَنَّكُمْ قَدْ سَمِعْتُمْ بِهَذَا حَتَّى اسْتَقَرَّ فِي نُفُوسِكُمْ وَصَدَّقْتُمْ بِهِ فَإِنْ قُلْتُ لَكُمْ إِنِّي بَرِيئَةٌ لَا تُصَدِّقُونِي وَإِنِ اعْتَرَفْتُ لَكُمْ بِأَمْرٍ واللَّه يَعْلَمُ أَنِّي بَرِيئَةٌ لَتُصَدِّقُونِي واللَّه لَا أَجِدُ لِي وَلَكُمْ مَثَلًا إِلَّا كَمَا قَالَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ أَبُو يُوسُفَ وَلَمْ أَذْكُرِ اسْمَهُ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ، وَاللَّهُ الْمُسْتَعانُ عَلى مَا تَصِفُونَ [يُوسُفَ: ١٨] قَالَتْ ثُمَّ تَحَوَّلْتُ وَاضْطَجَعْتُ على فراشي، وأنا واللَّه تَعَالَى يُبَرِّئُنِي وَلَكِنْ واللَّه مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَنْ يَنْزِلَ فِي شَأْنِي وَحْيًا يُتْلَى فَشَأْنِي كَانَ أَحْقَرَ فِي نَفْسِي مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ اللَّه فِيَّ بِأَمْرٍ يُتْلَى، وَلَكِنْ كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَرَى رَسُولُ اللَّه فِي النَّوْمِ رُؤْيَا يبرئني اللَّه بها.
قالت فو اللَّه مَا قَامَ رَسُولُ اللَّه مِنْ مَجْلِسِهِ وَلَا خَرَجَ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ أَحَدٌ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّه الْوَحْيَ عَلَى نَبِيِّهِ، فَأَخَذَهُ مَا كَانَ يَأْخُذُهُ عِنْدَ نُزُولِ الْوَحْيِ حَتَّى إِنَّهُ لَيَتَحَدَّرُ عَنْهُ مِثْلُ الْجُمَانِ مِنَ الْعَرَقِ فِي الْيَوْمِ الشَّاتِي مِنْ ثِقَلِ الْوَحْيِ، فَسُجِّيَ بِثَوْبٍ وَوُضِعَتْ وسادة تحت رأسه فو اللَّه مَا فَرَغْتُ وَلَا بَالَيْتُ لِعِلْمِي بِبَرَاءَتِي، وَأَمَّا أبواي فو اللَّه مَا سُرِّيَ عَنْ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّ نَفْسَيْ أَبَوَيَّ سَتَخْرُجَانِ فَرَقًا مِنْ أَنْ يَأْتِيَ اللَّه بِتَحْقِيقِ مَا قَالَ النَّاسُ، فَلَمَّا سُرِّيَ عَنْهُ وَهُوَ يَضْحَكُ فَكَانَ أَوَّلُ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا أَنْ قَالَ: أَبْشِرِي يَا عَائِشَةُ أَمَا واللَّه لَقَدْ بَرَّأَكِ اللَّه. فَقُلْتُ بِحَمْدِ اللَّه لَا بِحَمْدِكَ وَلَا بِحَمْدِ أَصْحَابِكَ، فَقَالَتْ أُمِّي قَوْمِي إِلَيْهِ، فَقَلْتُ واللَّه لَا أَقُومُ إِلَيْهِ وَلَا أَحْمَدُ أَحَدًا إِلَّا اللَّه أَنْزَلَ بَرَاءَتِي، فَأَنْزَلَ اللَّه تعالى: إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ الْعَشْرَ آيَاتٍ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ واللَّه لَا أُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحٍ بَعْدَ هَذَا وَكَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ لِقَرَابَتِهِ مِنْهُ وَفَقْرِهِ، فأنزل اللَّه تعالى: وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ إِلَى قَوْلِهِ: أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ [النُّورِ: ٢٢] فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: بَلَى واللَّه إِنِّي لَأُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللَّه لِي فَرَجَّعَ النَّفَقَةَ عَلَى مِسْطَحٍ قَالَتْ فَلَمَّا نَزَلَ عُذْرِي قَامَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَذَكَرَ ذَلِكَ وَتَلَا الْقُرْآنَ فَلَمَّا نَزَلَ ضَرَبَ عَبْدَ اللَّه بْنَ أُبَيٍّ وَمِسْطَحًا وحمنة وحسان الحد».
[سورة النور (٢٤) : آية ١٢]
لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً وَقالُوا هذا إِفْكٌ مُبِينٌ (١٢)
وَاعْلَمْ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَمَّا ذَكَرَ الْقِصَّةَ وَذَكَرَ حَالَ الْمَقْذُوفَيْنِ وَالْقَاذِفِينَ عَقَّبَهَا بِمَا يَلِيقُ بها من الآداب والزواجر، هي أنواع:
النوع الأول

صفحة رقم 340

وَهَذَا مِنْ جُمْلَةِ الْآدَابِ الَّتِي كَانَ يَلْزَمُهُمُ الْإِتْيَانُ بِهَا، وَ (لَوْلَا) مَعْنَاهُ هَلَّا وَذَلِكَ كَثِيرٌ فِي اللُّغَةِ إِذَا كَانَ يَلِيهِ الْفِعْلُ كَقَوْلِهِ: لَوْلا أَخَّرْتَنِي [الْمُنَافِقُونَ: ١٠] وَقَوْلِهِ: فَلَوْلا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ [يُونُسَ: ٩٨] فَأَمَّا إِذَا وَلِيَهُ الِاسْمُ فَلَيْسَ كَذَلِكَ كَقَوْلِهِ: لَوْلا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ [سَبَأٍ: ٣١] وَقَوْلِهِ: وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ [النور: ١٠] والمراد كان الواجب على المؤمنين إذا سَمِعُوا قَوْلَ الْقَاذِفِ أَنْ يُكَذِّبُوهُ وَيَشْتَغِلُوا بِإِحْسَانِ الظَّنِّ وَلَا يُسْرِعُوا إِلَى التُّهْمَةِ فِيمَنْ عَرَفُوا فِيهِ الطَّهَارَةَ، وَهَاهُنَا سُؤَالَاتٌ:
السُّؤَالُ الْأَوَّلُ: هَلَّا قِيلَ لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَنْتُمْ بِأَنْفُسِكُمْ خَيْرًا وَقُلْتُمْ فَلِمَ عَدَلَ عَنِ الْخِطَابِ إِلَى الْغَيْبَةِ وَعَنِ الْمُضْمَرِ إِلَى الظَّاهِرِ؟ الْجَوَابُ: لِيُبَالِغَ فِي التَّوْبِيخِ بِطَرِيقَةِ الِالْتِفَاتِ، وَفِي التَّصْرِيحِ بِلَفْظِ الْإِيمَانِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الِاشْتِرَاكَ فِيهِ يَقْتَضِي أَنْ لَا يُظَنَّ بِالْمُسْلِمِينَ إِلَّا خَيْرًا، لِأَنَّ دِينَهُ يَحْكُمُ بِكَوْنِ الْمَعْصِيَةِ مَنْشَأً لِلضَّرَرِ وَعَقْلِهِ يَهْدِيهِ إِلَى وُجُوبِ الِاحْتِرَازِ عَنِ الضَّرَرِ، وَهَذَا يُوجِبُ حصول الظن باحترازه عن العصية، فَإِذَا وُجِدَ هَذَا الْمُقْتَضَى لِلِاحْتِرَازِ وَلَمْ يُوجَدْ فِي مُقَابَلَتِهِ رَاجِحٌ يُسَاوِيهِ فِي الْقُوَّةِ وَجَبَ إِحْسَانُ الظَّنِّ، وَحَرُمَ الْإِقْدَامُ عَلَى الطَّعْنِ.
السُّؤَالُ الثَّانِي: مَا الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ بِأَنْفُسِهِمْ؟ الْجَوَابُ: فِيهِ وَجْهَانِ: الْأَوَّلُ: الْمُرَادُ أَنْ يَظُنَّ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ خَيْرًا وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ: وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ [الْحُجُرَاتِ: ١١] وَقَوْلُهُ: فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ [الْبَقَرَةِ: ٥٤] وَقَوْلُهُ:
فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ [النُّورِ: ٦١] وَمَعْنَاهُ أَيْ بِأَمْثَالِكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ هُمْ كَأَنْفُسِكُمْ، رُوِيَ أَنَّ أَبَا أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيَّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ لِأُمِّ أَيُّوبَ أَمَا تَرَيْنَ مَا يُقَالُ؟ فَقَالَتْ لَوْ كُنْتَ بَدَلَ صَفْوَانَ أَكُنْتَ تَظُنُّ بِحَرَمِ رَسُولِ اللَّه سُوءًا؟ قَالَ لَا، قَالَتْ وَلَوْ كُنْتُ بَدَلَ عَائِشَةَ مَا خُنْتُ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَائِشَةُ خَيْرٌ مِنِّي وَصَفْوَانُ خَيْرٌ مِنْكَ. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ ذَلِكَ مُعَاتَبَةً لِلْمُؤْمِنِينَ إِذِ الْمُؤْمِنُ لَا يَفْجُرُ بِأُمِّهِ وَلَا الْأُمُّ بِابْنِهَا وَعَائِشَةُ رَضِيَ اللَّه عَنْهَا هِيَ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ وَالثَّانِي: أَنَّهُ جَعَلَ الْمُؤْمِنِينَ كَالنَّفْسِ الْوَاحِدَةِ فِيمَا يَجْرِي عَلَيْهَا مِنَ الْأُمُورِ فَإِذَا جَرَى عَلَى أَحَدِهِمْ مَكْرُوهٌ فَكَأَنَّهُ جَرَى عَلَى جَمِيعِهِمْ.
عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «مَثَلُ الْمُسْلِمِينَ فِي تواصلهم وتراحمهم كمثل الجسد إذا وجع بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى وَجِعَ كُلُّهُ»
وَعَنْ أَبِي بُرْدَةَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «الْمُؤْمِنُونَ لِلْمُؤْمِنِينَ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا».
السُّؤَالُ الثَّالِثُ: مَا مَعْنَى قَوْلِهِ: هذا إِفْكٌ مُبِينٌ وهل يحل لمن يسمح مَا لَا يَعْرِفُهُ/ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ؟
الْجَوَابُ: مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: كَذَلِكَ يَجِبُ أَنْ يَقُولَ، لَكِنَّهُ يُخْبِرُ بِذَلِكَ عَنْ قَوْلِ الْقَاذِفِ الَّذِي لَا يَسْتَنِدُ إِلَى أَمَارَةٍ وَلَا عَنْ حَقِيقَةِ الشَّيْءِ الَّذِي لَا يَعْلَمُهُ الثَّانِي: أَنَّ ذَلِكَ وَاجِبٌ فِي أَمْرِ عَائِشَةَ لِأَنَّ كَوْنَهَا زَوْجَةَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَعْصُومِ عَنْ جَمِيعِ الْمُنَفِّرَاتِ كَالدَّلِيلِ الْقَاطِعِ فِي كَوْنِ ذَلِكَ كَذِبًا، قَالَ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيُّ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ فِيمَنْ كَانَ ظَاهِرُهُ الْعَدَالَةُ أَنْ يُظَنَّ بِهِ خَيْرًا، وَيُوجِبَ أَنْ يَكُونَ عُقُودُ الْمُسْلِمِينَ وَتَصَرُّفَاتُهُمْ مَحْمُولَةً عَلَى الصِّحَّةِ وَالْجَوَازِ، وَلِذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُنَا فِيمَنْ وَجَدَ رَجُلًا مَعَ امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ فَاعْتَرَفَا بِالتَّزْوِيجِ إِنَّهُ لَا يَجُوزُ تَكْذِيبُهُمَا بَلْ يَجِبُ تَصْدِيقُهُمَا وَزَعَمَ مَالِكٌ أَنَّهُ يَحُدُّهُمَا إِنْ لَمْ يُقِيمَا بَيِّنَةً عَلَى النِّكَاحِ، وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا مَا قَالَ أَصْحَابُنَا رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ فِيمَنْ بَاعَ دِرْهَمًا وَدِينَارًا بِدِرْهَمَيْنِ وَدِينَارَيْنِ إِنَّهُ يُخَالِفُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّا قَدْ أُمِرْنَا بِحُسْنِ الظَّنِّ بِالْمُؤْمِنِينَ فَوَجَبَ حَمْلُهُ عَلَى مَا يَجُوزُ وَهُوَ الْمُخَالَفَةُ بَيْنَهُمَا، وَكَذَلِكَ إِذَا بَاعَ سَيْفًا مُحَلًّى فِيهِ مِائَةُ دِرْهَمٍ بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ إِنَّا نَجْعَلُ الْمِائَةَ بِالْمِائَةِ وَالْفَضْلَ بِالسَّيْفِ، وَهُوَ يَدُلُّ أَيْضًا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّه فِي أَنَّ الْمُسْلِمِينَ عُدُولٌ مَا لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُمْ رِيبَةٌ لِأَنَّا مَأْمُورُونَ بِحُسْنِ الظَّنِّ، وَذَلِكَ يُوجِبُ قَبُولَ الشَّهَادَةِ مَا لَمْ يَظْهَرْ منه ريبة توجب التوقف عنها أوردها، قال

صفحة رقم 341
مفاتيح الغيب
عرض الكتاب
المؤلف
أبو عبد الله محمد بن عمر (خطيب الري) بن الحسن بن الحسين التيمي الرازي
الناشر
دار إحياء التراث العربي - بيروت
سنة النشر
1420
الطبعة
الثالثة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية