آيات من القرآن الكريم

قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ
ﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙ ﯛﯜﯝﯞﯟﯠ

وَوَجْهُ ذِكْرِ الْآبَاءِ دَفْعُ مَا عَسَى أَنْ يَقُولَ لَهُمْ قَائِلٌ: إِنَّكُمْ تُبْعَثُونَ قَبْلَ أَنْ تَصِيرُوا تُرَابًا وَعِظَامًا، فَأَعَدُّوا الْجَوَابَ بِأَنَّ الْوَعْدَ بِالْبَعْثِ لَمْ يَكُنْ مُقْتَصِرًا عَلَيْهِمْ فَيَقَعُوا فِي شَكٍّ بِاحْتِمَالِ وُقُوعِهِ بِهِمْ بَعْدَ مَوْتِهِمْ وَقَبْلَ فَنَاءِ أَجْسَامِهِمْ بَلْ ذَلِكَ وَعْدٌ قَدِيمٌ وُعِدَ بِهِ آبَاؤُهُمُ الْأَوَّلُونَ وَقَدْ مَضَتْ أَزْمَانٌ وَشُوهِدَتْ رفاتهم فِي أجدائهم وَمَا بُعِثَ أَحَدٌ مِنْهُمْ.
وَجُمْلَةُ إِنْ هَذَا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ مِنَ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَهِيَ مستأنفة استئنافا بَيَانا لِجَوَابِ سُؤَالٍ يُثِيرُهُ قَوْلُهُمْ لَقَدْ وُعِدْنا نَحْنُ وَآباؤُنا هَذَا مِنْ قَبْلُ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ سَائِلٌ:
فَكَيْفَ تَمَالَأَ عَلَى هَذِهِ الدَّعْوَى الْعَدَدُ مِنَ الدُّعَاةِ فِي عُصُورٍ مُخْتَلِفَةٍ مَعَ تَحَقُّقِهِمْ عَدَمَ وُقُوعِهِ، فَيُجِيبُونَ بِأَنَّ هَذَا الشَّيْءَ تَلَقَّفُوهُ عَنْ بَعْضِ الْأَوَّلِينَ فَتَنَاقَلُوهُ.
وَالْإِشَارَةُ فِي قَوْلِهِ لَقَدْ وُعِدْنا هَذَا إِلَى مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِمْ أَإِذا مِتْنا إِلَى آخِرِهِ، أَيْ هَذَا الْمَذْكُورُ مِنَ الْكَلَامِ. وَكَذَلِكَ اسْمُ الْإِشَارَةِ الثَّانِي إِنْ هَذَا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ.
وَصِيغَةُ الْقَصْرِ بِمَعْنَى: هَذَا مُنْحَصِرٌ فِي كَوْنِهِ مِنْ حِكَايَاتِ الْأَوَّلِينَ. وَهُوَ قَصْرٌ إِضَافِيٌّ لَا يَعْدُو كَوْنَهُ مِنَ الْأَسَاطِيرِ إِلَى كَوْنِهِ وَاقِعًا كَمَا زَعَمَ الْمُدَّعُونَ.
وَالْعُدُولُ عَنِ الْإِضْمَارِ إِلَى اسْمِ الْإِشَارَةِ الثَّانِي لِقَصْدِ زِيَادَةِ تَمْيِيزِهِ تَشْهِيرًا بِخَطَئِهِ فِي زَعْمِهِمْ.
وَالْأَسَاطِيرُ: جَمْعُ أُسْطُورَةٍ وَهِيَ الْخَبَرُ الْكَاذِبُ الَّذِي يُكْسَى صِفَةَ الْوَاقِعِ مِثْلُ الْخُرَافَاتِ وَالرِّوَايَاتِ الْوَهْمِيَّةِ لِقَصْدِ التَّلَهِّي بِهَا. وَبِنَاءُ الْأُفْعُولَةِ يَغْلِبُ فِيمَا يُرَادُ بِهِ التَّلَهِّي مِثْلُ: الْأُعْجُوبَةِ وَالْأُضْحُوكَةِ وَالْأُرْجُوحَةِ وَالْأُحْدُوثَةِ وَقَدْ مضى قَرِيبا.
[٨٤، ٨٥]
[سُورَة الْمُؤْمِنُونَ (٢٣) : الْآيَات ٨٤ إِلَى ٨٥]
قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيها إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٨٤) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ

صفحة رقم 108
تحرير المعنى السديد وتنوير العقل الجديد من تفسير الكتاب المجيد
عرض الكتاب
المؤلف
محمد الطاهر بن عاشور
الناشر
الدار التونسية للنشر
سنة النشر
1403
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية