آيات من القرآن الكريم

حَتَّىٰ إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ
ﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈ ﰿ

(حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِم بِالْعَذَابِ) فتقرعهم القارعة، أي أنهم غافلون، حتى تنبههم من الغفلة قارعة تمس المترفين، وخص المترفين بالذكر، مع أن القارعة تعمهم وغيرهم إذ المهلكات تعم، ولا تخص المترفين منهم. خص المترفين؛ لأنهم أصل الإنكار الذين تلهيهم الغفلة عن الحق، أو يلهبهم ما هم فيه من ترف عن أن يدركوا الحق؛ لأنهم لا شدائد تنبههم، فالشدائد ترهف المدارك، وتوقظ الأفهام، ولأنهم لَا يصبرون على الابتلاء، بل يخرون صاغرين أمام أي شدة، أو كارثة تكرثهم؛ ولذا قال: (حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِم بِالْعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ) (إِذَا) للمفاجأة، والمفاجأة تحوُّل حالهم من استكبار واعتزاز وغفلة إلى صغار وتنبه، وضراعة، فالجؤار مصدر جأر وهو رفع الصوت بالضراعة والاستغاثة.

صفحة رقم 5090

والعذاب قيل: هو عذاب الدنيا بكارثة دنيوية أو حرب هازمة لهم، والتعبير (أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِم بِالْعَذَابِ) معناها أنزلنا بهم العذاب جزاء ما أجرموا. وكنى عن ذنوبهم بالعذاب الذي استحقوه بها، وقال أخذناهم، كناية عن أنه أخذهم حتى لا يفلتوا منه، وشبه إنزاله بهم بأخذهم إليه أخذا مصحوبا بالعذاب الشديد. وإنهم إذ يضرعون ويجأرون يفعلون ذلك في وقت غير مناسب؛ لأنه قد فات وقت الضراعة والاستعانة باللَّه، إذ إن تلك الضراعة كانت وهم في وقت التكليف؛ ولذا قال تعالى:

صفحة رقم 5091
زهرة التفاسير
عرض الكتاب
المؤلف
محمد بن أحمد بن مصطفى بن أحمد المعروف بأبي زهرة
الناشر
دار الفكر العربي
عدد الأجزاء
10
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية