آيات من القرآن الكريم

حَتَّىٰ إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ
ﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢ ﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰ ﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿ ﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈ ﰿ ﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑ ﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛ ﮝﮞﮟﮠ

وروي عن عائشة أيضاً أنها قالت: قلت للنبي: يا رسول الله،
﴿والذين يُؤْتُونَ مَآ آتَواْ وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ﴾ أي، هو الرجل يزني أو يسرق أو يشرب الخمر، قال: لا يا ابنة أبي بكر، أو قال يا ابنة الصديق ولكنه الرجل يصوم ويصلي ويتصدق ويخاف ألا يتقبل منه ".
وقرأ ابن عباس: (يأتون ما أتوا من المجيء). وروى ذلك عن عائشة على تقدير: يعملون ما علموا وهم خائفون.
قوله تعالى ذكره: ﴿أولئك يُسَارِعُونَ فِي الخيرات﴾ إلى قوله ﴿سَامِراً تَهْجُرُونَ﴾.
معناه: أولئك يسارعون في الخيرات، أي: الذين [هم] هذه صفتهم " يسارعون " أي: يسابقون في الأعمال الصالحة.
قال ابن زيد: " الخيرات " المخافة، والوجل، والإيمان، والكف عن الشرك بالله.
ثم قال: ﴿وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ﴾.
أي: قد سبقت لهم من الله السعادة فذلك سبقهم في الخيرات كل من عنده.
قال ابن عباس: " وهم لها سابقون " سبقت لهم من الله تعالى السعادة.
وقيل: معناه: وهم إليها سابقون.
وقيل المعنى: وهم من أجلها سابقون، أي من أجل اكتسابهم الخيرات يسبقون

صفحة رقم 4979

إلى رحمة الله.
وقيل المعنى: فهم إلى أوقاتها سابقون، لأن الصلاة في أول الوقت أفضل.
ثم قال تعالى ذكره: ﴿وَلاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا﴾.
أي: إلا ما تطيق من العبادة. ﴿وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنطِقُ بالحق﴾ أي: وعندنا كتاب يبين بالصدق عما عملوا من عمل في الدنيا.
﴿وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ﴾.
أي: لا يزاد على أحد من سيئات غيره ولا ينقص من حسناته، وهو الكتاب الذي كتبت فيه أعمال الخلق عند الملائكة تحتفظ به.
ثم قال تعالى: ﴿بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِّنْ هذا﴾.
أي في عمامية من هذا القرآن.
وقيل: المعنى: بل قلوبهم في غطاء عن المعرفة بأن الذي نمدهم به من مال وبنين، إنما هو استدراج لهم.
وقال قتادة: المعنى، بل قلوبهم في غمرة من وصف أهل البر ببرهم، وهو ما تقدم من صفة المؤمنين.
والغمرة، الغطاء والغفلة.
ثم قال تعالى: ﴿وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِّن دُونِ ذلك هُمْ لَهَا عَامِلُونَ﴾.

صفحة رقم 4980

أي: ولهؤلاء الكفار أعمال من المعاصي والكفر من دون أعمال أهل الإيمان بالله، قاله قتادة.
قال مجاهد: " من دون ذلك " من دون الحق.
وقال الحسن: معناه: ولهم أعمال لم يعملوها، سيعملونها يعني الكفار.
وقيل: معناه، لهؤلاء الكفار أعمال سبقت في اللوح المحفوظ أنهم سيعملونها ويسعلمونها.
وقال مجاهد: لم يعملوها وسيعملونها.
ثم قال تعالى: ﴿حتى إِذَآ أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بالعذاب﴾.
أي: لكفار قريش أعمال من الشر من دون أعمال أهل البر هم لها عاملون إلى أن يأخذ الله أهل النعمة والبطر منهم بالعذاب إذا هم يضجون ويستغيثون.
قال ابن زيد: " المترفين " العظماء.
قال مجاهد: " حتى إذا أخذنتا مترفيهم بالعذاب ". قال: بالسيوف يوم بدر.
وقال الربيع بن أنس: ﴿يَجْأَرُونَ﴾ يجزعون.
قال ابن جريج: " بالعذاب " يعني عذاب يوم بدر، ﴿إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ﴾ يعني أهل

صفحة رقم 4981

مكة يعني يضجون ويستغيثون على قتالهم.
قال الضحاك: أهل بدر أخذوا بالعذاب يوم بدر.
ثم قال: ﴿لاَ تَجْأَرُواْ اليوم إِنَّكُمْ مِّنَّا لاَ تُنصَرُونَ﴾.
أي: لا تضجوا وتستغيثوا قد نزل بكم العذاب، فلا ناصر لكم منه.
وقد قيل: هو عذاب الآخرة.
وعلى القول الأول أكثر الناس.
ثم قالت: ﴿قَدْ كَانَتْ آيَاتِي تتلى عَلَيْكُمْ فَكُنتُمْ على أَعْقَابِكُمْ تَنكِصُونَ﴾.
هنا مخاطبة للمشركين، أي: قد كانت آيات القرآن تتلى عليكم.
قال الضحاك: وذلك قبل أن يعذبوا بالقتل، فكنتم تولون مدبرين/ عنها تكذيباً بها وكراهة أن تسمعوها.
تقول العرب لكل من رجع من حيث جاء، نكص فلان على عقبيه.
قال ابن عباس: يعني بذلك أهل مكة.
ثم قال تعالى: ﴿مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ﴾.
أي: بالحرم قاله ابن عباس ومجاهد وقتادة والضحاك والحسن وأبو مالك.

صفحة رقم 4982

قال أبو مالك وذلك لأمنهم والناس يتخطفون من حولهم.
وقيل: الهاء عائدة على الكتاب، أي مستكبرين بالكتاب.
أي: يَحْدُثُ لكم بتلاوته عليكم استكبارٌ.
وقوله: ﴿سَامِراً تَهْجُرُونَ﴾.
أي: تسمرون بالليل في الحرم.
يقال لجماعة يجتمعون للحديث " سامر " كما يقال: " باقر " لجماع البقر، " وجامل " لجماعة الجمال.
وأكثر ما يستعمل " سامراً " للذين يسمرون بالليل، وأصله من قولهم لا أكلمه السمر والقمر أي: الليل والنهار.
وقال الثوري: يقال لظل القمر، السمر، ومنه السمرة في اللون وقرأ أبو رجاء: سُمّاراً، جعله جمع سامر.
قال ابن عباس وابن جبير: معناه: يسمرون بالليل حول الكعبة، يقولون المنكر.

صفحة رقم 4983

وقال الضحاك: يعني سمر الليل.
قال الطبري: إنما وحد " سامر "، وهو في موضع جمع، لأنه وضع موضع الوقت، ومعنى الكلام تهجرون ليلاً، فوضع السامر موضع الليل فوحد لذلك.
ومن قرأ: تُهجرون بالضم في التاء، أخذه من أهجر يهجر، إذ نطق بالفحش.
وقيل: الخنا ومعناه التجاوز ومنه قيل: " الهاجرة، لأنه وقت تجاوز الشمس من الشرق إلى الغرب ".
وأما معناه، فقال ابن عباس فيه: معناه، تسمرون برسول الله ﷺ وتقولون الهجر.
وقال عكرمة: تشركون.
وقال الحسن: تسبون النبي ﷺ.
وقال مجاهد: تقولون القول السيء في القرآن.
ومن قرأ بفتح التاء فهو من هجر المريض إذا هذى، هذا قول الكسائي.

صفحة رقم 4984

ويقال هجر المحموم، إذا غلب على عقله، فيكون معناه: إنكم كالهاذي في مرضه بما لا ينتفع به، كذلك أنتم تتكلمون في النبي عليه السلام بما لا يضره.
وقيل: معناه: من هَجَرَهُ، إذا لم يكلمه فمعناه على هذا: تهجرون النبي ﷺ وأصحابه.
وقد قال الحسن: تهجرون نبيي وكتابي.
وقال ابن عباس: معناه: تهجرون ذكر الله والحق.
وقال السدي: تهجرون البيت.
وقال ابن جبير: تسمرون بالليل وتخوضون في الباطل.
وقال أهل اللغة: يقال هجر وأهجر في كلامه، إذا أفحش غير أن الأصمعي قال: هجر يهجر، إذا هذى، وأهجر إذا تكلم بالقبيح. " ومستكبرين " وقف عند أبي حاتم ثم تبتدئ: " سامراً تهجرون " أي في البيت.
وقيل: " مستكبرون به " الوقف.
وقيل: تهجرون التمام.

صفحة رقم 4985
الهداية الى بلوغ النهاية
عرض الكتاب
المؤلف
أبو محمد مكي بن أبي طالب حَمّوش بن محمد بن مختار القيسي القيرواني ثم الأندلسي القرطبي المالكي
الناشر
مجموعة بحوث الكتاب والسنة - كلية الشريعة والدراسات الإسلامية - جامعة الشارقة
سنة النشر
1429
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية