
جزاء لهم بتكذيبهم.
قال أهل المعاني: وهذا دعاء عليهم بالإهلاك (١) من أجل التكذيبة (٢)
٢٧، ٢٨ - قوله: ﴿فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ﴾ مفسر في سورة هود إلى قوله. ﴿فَإِذَا اسْتَوَيْتَ﴾ (٣).
قوله: ﴿فَاسْلُكْ فِيهَا﴾ أي ادخل في سفينتك. وذكرنا تفسيره عند قوله: ﴿كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ﴾ [الحجر: ١٢].
٢٩ - قوله تعالى: ﴿وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبَارَكًا﴾ المنزل يجوز أن يكون مصدرًا بمنزلة: أنزلني إنزالاً مباركًا، وعلى هذا يجوز أن يعلى الفعل إلى مفعول آخر. ويجوز أن يكون المنزل موضعًا للإنزال كأنه قيل: أنزلني مكانًا أو موضعًا. وعلى هذا الوجه قد استوفى الإنزال مفعوليه. وقرأ أبو بكر عن عاصم (مَنزِلًا) بفتح الميم وكسر الزاي (٤). ويجوز على هذه القراءة الوجهان، أحدهما: أن يكون موضع نزول. والآخر أن يكون مصدرًا. ودل (أنزلني) على أنزل (٥) فانتصب (منزلًا) على أنه مصدر. وعلى الوجه الأول على أنه محل (٦).
(٢) ذكر الجشمي في "تهذيبه" ٦/ ١٩٧ ب نحو هذا المعنى ولم ينسبه لأحد.
(٣) انظر: "البسيط" سورة هود: ٣٧ - ٣٨.
(٤) وقرأ الباقون: (منزلا) بضم الميم وفتح الزاي. "السبعة" ص ٤٤٥، "التبصرة" ص ٢٦٩،"التيسير" ص ١٥٩.
(٥) في "الحجة": على نزلت.
(٦) هذا كلام أبي علي في "الحجة" ٥/ ٢٩٤ - ٢٩٤ مع تقديم وتأخير وتصرف. وانظر في توجيه القراءتين أيضًا. "علل القراءات" للأزهري ٢/ ٤٣٤، "الكشف" لمكي بن أبي طالب ٢/ ١٢٨.

والمفسرون على أنه أُمر أن (١) يقول عند استوائه على الفلك: الحمد لله، وعند نزوله منها (٢) ﴿أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبَارَكًا﴾ (٣).
قال مجاهد (٤): [قال نوح] (٥) حين خرج من السفينة ﴿أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبَارَكًا﴾ (٦). وقال مقاتل: يعني بالبركة أنهم توالدوا وأكثروا (٧) (٨).
وهذا يدل على أن هذا الدعاء كان عند الهبوط. وقال الكلبي: منزلا مباركًا بالماء والشجر.
وقال ابن عباس في قوله: ﴿وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ﴾ يريد من السفينة، مثل قوله: ﴿اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا﴾ [هود: ٤٨] (٩).
وذهب بعض أهل المعاني إلى أن المنزل المبارك هو السفينة؛ لأنها كانت سبب النجاة (١٠).
(٢) في (أ): (فيها).
(٣) انظر: "الطبري" ١٨/ ١٨، و"الدر المنثور" ٦/ ٩٧.
(٤) في (ع) (مقاتل)، وهو خطأ.
(٥) ما بين المعقوفين في (ع): (يعني...).
(٦) رواه الطبري ١٨/ ١٨ بلفظ: قال نوح حين نزل من السفينة. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" ٦/ ٩٧ بمثل لفظ الطبري وعزاه لابن أبي شيبة وعبدين حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٧) في (أ)، (ظ): (وكثروا)، والمثبت من (ع) هو الموافق لما في "تفسير مقاتل".
(٨) "تفسير مقاتل" ٢/ ٣٠ ب.
(٩) ذكره عنه القرطبي ١٢/ ١٢٠.
(١٠) ذكر الطوسي في "التبيان" ٧/ ٣٢١ هذا القول ونسبه للجبائي، وكذا ذكرِه الجشمي في "التهذيب" ٦/ ١٩٨ أ، وذكر الماوردي ٤/ ٥٣ وابن الجوزي ٥/ ٤٧، والقرطبي ١٢/ ١٢٠ هذا القول من غير نسبة لأحد. =