آيات من القرآن الكريم

ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَٰلِكَ لَمَيِّتُونَ
ﯜﯝﯞﯟﯠ

قوله: ﴿بَعْدَ ذلك﴾ : أي: بعدما ذُكِر، ولذلك أُفْرِد اسمُ الإِشارة. وقرأ العامَّةُ «لَمَيِّتُون». وزيد بن علي وابن أبي عبلة وابن

صفحة رقم 324

محيصن «لَمائِتون» والفرقُ بينهما: أنَّ الميِّتَ يدلُّ على الثبوت والاستقرار، والمائِت على الحدوثِ كضيِّق وضائق، وفرَِح وفارِح. فيُقال لِمَنْ سيموتُ: ميِّت ومائت، ولمن مات: مَيّت فقط دون مائت لاستقرارِ الصفةِ وثبوتِها وسيأتي مثلُه في الزمر إن شاء الله تعالى، فإن قيل: الموتُ لم يَخْتَلِفْ فيه اثنان، وكم مِنْ مخالفِ في البعثِ فلِمَ أَكَّد المُجْمَعَ عليه أبلغَ تأكيدٍ، وتُرك المختلَفُ فيه من تلك المبالغةِ في التأكيد؟ فالجواب: أنَّ البعثَ لمَّا تظاهَرَتْ أدلتُه وتضافَرَتْ أَبْرَزَ في صورةِ المُجْمَعِ عليه المستغني عن ذلك، وأنَّهم لَمَّا لم يعملوا للموتِ ولم يهتموا بأمورِه نُزِّلوا منزلةَ مَنْ يُنكره فأبرزهم في صورةِ المُنْكِرِ الذي استبعدوه كلَّ استبعادٍ.
وكان الشيخُ، سُئِل عن ذلك. فأجاب بأنَّ اللامَ غالباً تُخَلِّص المضارعَ للحال، ولا يمكنُ دخولُها في «تُبْعثون» لأنه مخلِّصٌ للاستقبال لعملِه في الظرف المستقبل. واعترض على نفسِه بقوله: ﴿وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ القيامة﴾ [النحل: ١٢٤] فإنَّ اللامَ دَخَلَتْ على المضارع العاملِ في ظرفٍ مستقبلٍ وهو يومُ القيامة. وأجاب بأنه خَرَجَ هذا بقوله «غالباً» أو بأنَّ العاملَ في يوم القيامة مقدرٌ، وفيه نظرٌ لا يَخْفى؛ إذ فيه تهيئةٌ العاملِ للعملِ وقَطْعُه عنه.
و «بعد ذلك» متعلقٌ ب «مَيِّتون» ولا تَمْنَعُ لامُ الابتداءِ من ذلك.

صفحة رقم 325
الدر المصون في علوم الكتاب المكنون
عرض الكتاب
المؤلف
أبو العباس، شهاب الدين، أحمد بن يوسف بن عبد الدائم المعروف بالسمين الحلبي
تحقيق
أحمد بن محمد الخراط
الناشر
دار القلم
عدد الأجزاء
11
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية