آيات من القرآن الكريم

فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ
ﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯ ﯱﯲﯳﯴﯵﯶ ﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁ ﰃﰄﰅﰆﰇﰈ

- ١٠١ - فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلاَ أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَاءَلُونَ
- ١٠٢ - فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
- ١٠٣ - وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ
- ١٠٤ - تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ
يُخْبِرُ تَعَالَى أَنَّهُ إِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةُ النُّشُورِ، وَقَامَ الناس من القبور ﴿فَلاَ أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَآءَلُونَ﴾

صفحة رقم 575

أي لا تنفع الإنسان يومئذٍ قرابة وَلَا يَرْثِي وَالِدٌ لِوَلَدِهِ وَلَا يَلْوِي عَلَيْهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَلاَ يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً يُبَصَّرُونَهُمْ﴾ أَيْ لَا يَسْأَلُ الْقَرِيبُ قَرِيبَهُ وَهُوَ يُبْصِرُهُ، وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الْأَوْزَارِ مَا قَدْ أثقل ظهره، ولو كان أعز الناس عليه فِي الدُّنْيَا مَا الْتَفَتَ إِلَيْهِ وَلَا حَمَلَ عَنْهُ وَزْنَ جَنَاحِ بَعُوضَةٍ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وصاحبته وَبَنِيهِ﴾ الآية. وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ جَمَعَ اللَّهُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ ثُمَّ نَادَى مُنَادٍ: إلا من كان له مظلمة فليجيء فَلْيَأْخُذْ حَقَّهُ، قَالَ: فَيَفْرَحُ الْمَرْءُ أَنْ يَكُونَ لَهُ الْحَقُّ عَلَى وَالِدِهِ أَوْ وَلَدِهِ أَوْ زَوْجَتِهِ وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا، وَمِصْدَاقُ ذَلِكَ فِي كتاب الله، قال الله تَعَالَى: ﴿فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلاَ أَنسَابَ
بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يتساءلون﴾
(أخرجه ابن أبي حاتم عن ابن مسعود). وروى الإمام أحمد عن المسور بن مَخْرَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مني يغيظني ما يغيظها وينشطني ما ينشطها، وإن الأنساب تنقطع يوم القيامة ألا نسبي وسبي وصهري»؛ وهذا الحديث له أصل في الصحيحين: «فاطمة بضعة مني يريبني ما يريبها ويؤذيني ما آذاها». وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي مُسْنَدِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مِنْ طُرُقٍ مُتَعَدِّدَةٍ عَنْهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ لَمَّا تَزَوَّجَ (أُمَّ كُلْثُومٍ) بِنْتَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: أَمَا وَاللَّهِ مَا بِي إِلَّا إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «كُلُّ سَبَبٍ وَنَسَبٍ فَإِنَّهُ مُنْقَطِعٌ يوم القيامة ألا سبي ونسبي» (رواه الطبراني والبزار والبيهقي والحافظ الضياء في المختارة وذكر أنه أصدقها أربعين ألفاً إعظاماً وإكراماً)، وروى الحافظ ابن عساكر عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُلُّ نَسَبٍ وَصِهْرٍ ينقطع يوم القيامة ألا نسبي وصهري».
وقوله تعالى: ﴿فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ أَيْ مَنْ رَجَحَتْ حَسَنَاتُهُ عَلَى سَيِّئَاتِهِ وَلَوْ بِوَاحِدَةٍ، قال ابْنُ عَبَّاسٍ ﴿فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ أَيِ الَّذِينَ فازوا فنجوا من النار وأدخلوا الجنة، ﴿وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ﴾: أَيْ ثَقُلَتْ سَيِّئَاتُهُ عَلَى حَسَنَاتِهِ ﴿فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ﴾ أَيْ خَابُوا وهلكوا وباءوا بالصفقة الخاسرة. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ يَرْفَعُهُ قَالَ: إِنَّ لِلَّهِ مَلَكًا مُوَكَّلًا بِالْمِيزَانِ فَيُؤْتَى بِابْنِ آدَمَ فَيُوقَفُ بَيْنَ كِفَّتَيِ الْمِيزَانِ، فَإِنْ ثَقُلَ مِيزَانُهُ نادى ملك بصوت يسمعه الْخَلَائِقَ: سَعِدَ فُلَانٌ سَعَادَةً لَا يَشْقَى بَعْدَهَا أَبَدًا، وَإِنْ خَفَّ مِيزَانُهُ نَادَى مَلَكٌ بِصَوْتٍ يُسْمِعُ الْخَلَائِقَ: شَقِيَ فَلَانٌ شَقَاوَةً لَا يَسْعَدُ بعدها أبداً (رواه الحافظ البزار وفي إسناده ضعف). وقال تعالى: ﴿في جَهَنَّمَ خَالِدُونَ﴾ أي ماكثون فيها دائمون مقيمون فلا يَظْعَنُونَ ﴿تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ﴾، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وتغشى وُجُوهَهُمُ النار﴾، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ حِينَ لاَ يَكُفُّونَ عَن وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلاَ عَن ظُهُورِهِمْ﴾ الآية. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال: «إن جهنم لما سيق لها أهلها، تلقَّاهم لهبها ثم تلفحهم لفحة فلم يبق لهم لحم إلا سقط على العرقوب» (أخرجه ابن أبي حاتم عن أبي هريرة). وعن أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ في قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ﴾ قَالَ: تلفحهم لفحة تسيل لحومهم على أعقابهم (أخرجه ابن
مردويه عن أبي الدرداء). وقوله تعالى: ﴿وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ﴾ قال ابن عباس: يعني عابسون، وقال ابن مَسْعُودٍ ﴿وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ﴾ قَالَ: أَلَمْ تَرَ إِلَى الرَّأْسِ الْمَشِيطِ الَّذِي قَدْ بَدَا أَسْنَانُهُ وقلصت شفتاه، وعن أبي سعيد

صفحة رقم 576

الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «﴿وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ﴾ قَالَ تَشْوِيهِ النَّارُ، فَتُقَلِّصُ شَفَتَهُ الْعُلْيَا حَتَّى تَبْلُغَ وَسَطَ رَأْسِهِ وتسترخي شفته السفلى حتى تبلغ سرته» (أخرجه أحمد والترمذي، وقال الترمذي: حسن غريب).

صفحة رقم 577
مختصر تفسير ابن كثير
عرض الكتاب
المؤلف
محمد علي بن الشيخ جميل الصابوني الحلبي
الناشر
دار القرآن الكريم، بيروت - لبنان
سنة النشر
1402 - 1981
الطبعة
السابعة
عدد الأجزاء
3
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية