آيات من القرآن الكريم

يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ ۚ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ ۖ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ۚ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯ ﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺ ﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇ ﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓ

- وقوله تعالى: «النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ» - هو جواب على هذا السؤال الذي سئلوه من قبل فى قوله تعالى: «هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكَ؟» ثم جاءهم الجواب على هذا السؤال، سواء طلبوا ذلك أو لم يطلبوا:
«النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ» أي هذا الشر الذي أخبركم به، هو النار، التي وعدها الله الذين كفروا وأعدّها لهم.. وأنتم أيها الكافرون لا مصير لكم غير هذا المصير، وإنه لبئس المصير..
الآيات: (٧٣- ٧٦) [سورة الحج (٢٢) : الآيات ٧٣ الى ٧٦]
يا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ (٧٣) ما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (٧٤) اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (٧٥) يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (٧٦)
التفسير:
قوله تعالى: «يا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ.. إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ.. وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ.. ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ».
مناسبة هذه الآية لما قبلها، هى أن الآيات السابقة تحدثت عن المشركين، وأنهم يعبدون من دون الله ما أملته عليهم أهواؤهم، دون أن يكون بين

صفحة رقم 1099

أيديهم كتاب سماوىّ يدعوهم إلى عبادتها، أو يكون معهم عقل دلّهم عليها، وأراهم منها ما تستحق به أن تؤلّه وتعبد.. ثم كشفت الآيات بعد ذلك عن موقف هؤلاء المشركين عند استماعهم لآيات الله إذا تلاها عليهم قال.. إنهم يضيقون بها، حتى لتكاد تختنق أنفاسهم منها..
وهنا فى هذه الآية، يضرب الله سبحانه وتعالى لهم مثلا مجسما، يمكن أن يوضع موضع التجربة والاختبار من الناس، وخاصة المشركين، وهو أن يدعوا هذه الآلهة جميعها إلى أن يخلقوا كائنا من أضأل مخلوقات الله، وهو الذباب..
فإن فعلوا- ولن يفعلوا- فليكن لهم أن يجعلوها آلهة، وأن يعبدوها كما يعبد الله.. وإن لم يخلقوا جناح ذبابة- وهو ما تكشف عنه التجربة- فإن عبادتهم لها بعد ذلك، ضلال فى ضلال: «أَيُشْرِكُونَ ما لا يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ؟ وَلا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْراً وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ» (١٩١- ١٩٢: الأعراف).
هذا، وقد مرّ تفسير هذه الآية فى أول هذه السورة، فى مبحث [الخالق وما خلق].
قوله تعالى:
«ما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ».
أي أن هؤلاء المشركين، قد جهلوا قدر الله، ونظروا إليه كما ينظرون إلى ما يكبر فى صدورهم، من مخلوقات ومصنوعات.. فلم يجاوزوا بقدر الله ما يرفعه فوق هذه المعبودات، ويجعلها جميعا عابدة له، خاضعة لتصريفه فيها، بل إن ظنّهم بالله، جعلهم يجعلونه إلها فى مجمع هذه الآلهة، ومن أحسن الظنّ منهم بالله، جعله إلها على رأس هذه الآلهة، تشاركه الملك والتدبير، وأن لهم بهذا أن يقربوهم إلى الله، وينزلوهم منازل الرضوان عنده، وقالوا: «ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى» (٣: الزمر).

صفحة رقم 1100

- وفى قوله تعالى: «إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ» - إشارة إلى ما لله سبحانه وتعالى من قوة ومن عزة، وأن قوته متفردة بالقوة كلها، لا قوة لأحد مع قوته، وأن عزته تملك العزة كلّها، لا عزّة لعزيز مع عزّته.. فكيف يسوغ لعاقل أن يستمدّ القوة والعزّة من غير مالك القوة والعزة؟ إن أي متجه يتجه إليه طالب القوة والعزة غير الاتجاه إلى الله وحده، هو سعى إلى تباب، واتجاه إلى بوار.
قوله تعالى:
«اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ.. إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ».
هو بيان يكشف عن ضلال هؤلاء المشركين الذين يعبدون الملائكة، أو يعبدون بعضا من أنبياء الله ورسله، كما عبد بعض اليهود العزيز، وكما عبد بعض النصارى المسيح.. فهؤلاء، وأولئك- من الملائكة والرسل- هم عباد من عباد الله، وخلق من خلقه، اصطفاهم الله، وأكرمهم، ومنحهم ما منحهم من قوى وآيات.. ولن يخرج بهم هذا عن أن يكونوا عبيد الله.. فكيف يعبد العبد من دون السيّد، وكيف يؤله المخلوق مع الإله الخالق؟ ذلك سفه سفيه، وضلال مبين..
- وفى قوله تعالى: «أَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ» تهديد لهؤلاء المشركين الذين يعبدون عباد الله، من دون الله.. فالله سبحانه «سَمِيعٌ» لمقولاتهم المنكرة فى هؤلاء المخلوقين.. «بَصِيرٌ» بما يعملون من أعمال، وما يقدّمون من عبادات وقربات لهؤلاء المخلوقين.. وليس وراء هذا إلا الحساب، والجزاء، والعذاب الأليم..
قوله تعالى:
«يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ.. وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ».. هو تهديد ووعيد كذلك، لأولئك المشركين، وأن الله السميع البصير «يَعْلَمُ ما بَيْنَ

صفحة رقم 1101
التفسير القرآني للقرآن
عرض الكتاب
المؤلف
عبد الكريم يونس الخطيب
الناشر
دار الفكر العربي - القاهرة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية