آيات من القرآن الكريم

لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ ۗ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ
ﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴ ﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽ ﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆ ﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣ ﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖ ﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭ

ثم قال عز وجل: وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وهو النضر بن الحارث. وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ في العذاب. وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ، يعني: إن يوماً من الأيام التي وعد لهم في العذاب عِنْدَ رَبِّكَ في الآخرة، كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ في الدنيا.
ثم بيَّن لهم العذاب حيث قال: وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ، ووصف طول عذابهم. ويقال:
إنه أراد بذلك قدرته عليهم بحال استعجالهم، أنه يأخذهم متى شاء. قرأ ابن كثير وحمزة والكسائي مّمَّا يَعْدُونَ بالياء، وقرأ الباقون بالتاء على معنى المخاطبة.
ثم قال عز وجل: وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَها، فلم أعجل عليها العقوبة. وَهِيَ ظالِمَةٌ، أي كافرة. ثُمَّ أَخَذْتُها بالعذاب، ولكن لم يذكر العذاب لأنه سبق ذكره. ثم قال:
وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ، يعني: المرجع في الآخرة.
[سورة الحج (٢٢) : الآيات ٤٩ الى ٥١]
قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّما أَنَا لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٤٩) فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (٥٠) وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ (٥١)
قوله عز وجل: يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّما أَنَا لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ، يعني: رسول مبين أبلغكم بلغة تعرفونها. فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ، يعني: الطاعات، لَهُمْ مَغْفِرَةٌ لذنوبهم، وَرِزْقٌ كَرِيمٌ حسن في الجنة. وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آياتِنا، يعني: عملوا في القرآن بالتكذيب مُعاجِزِينَ. قرأ ابن كثير وأبو عمرو: معجزين بغير ألف والتشديد في جميع القرآن، وقرأ الباقون بالألف والتخفيف. فمن قرأ: معجزين، أي: يعجزون من اتبع النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ويثبطونهم، ومن قرأ: مُعاجِزِينَ، أي ظانين أنهم يعجزوننا، لأنهم يظنون أنهم لا يبعثون.
وقيل: مُعاجِزِينَ أي معاندين، ومعناه: ليسوا بفائتين. أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ، يعني:
النار.
[سورة الحج (٢٢) : الآيات ٥٢ الى ٥٤]
وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلاَّ إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آياتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٥٢) لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ (٥٣) وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٥٤)
قوله عز وجل: وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذا تَمَنَّى، أي: حدثت نفسه، أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ أي في حديثه. ويقال: تمنى أي قرأ، كما قال القائل:

صفحة رقم 464

وقال آخر:
تَمَنَّى دَاوُدُ الزَّبُورَ عَلَى الرِّسْلِ أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ أي في تلاوته فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطانُ، يعني: يذهب الله به ويبطله. ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آياتِهِ، يعني: بيّن الله عز وجل الناسخ من المنسوخ. قال ابن عباس في رواية أبي صالح: «أتاه الشيطان في صورة جبريل، وهو يقرأ سورة وَالنَّجْمِ إِذا هَوى [النجم ١] عند الكعبة، حتى انتهى إلى قوله: أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى [النجم:
١٩، ٢٠]، ألقى الشيطان على لسانه تلك الغرانيق العلى منها الشفاعة ترتجى، فلما سمعه المشركون يقرأ ذلك، أعجبهم: فلما انتهى إلى آخرها، سجد وسجد المسلمون والمشركون معه، فلما فأتاه جبريل عليه السلام فقال: ما جئتك بهذا. فنزل: وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ الآية «١»
.
وروى سعيد بن جبير، عن ابن عباس نحو هذا. قال: حدثنا الخليل بن أحمد قال:
حدثنا إبراهيم بن محمد قال: حدّثنا جعفر بن زيد الطيالسي قال: حدّثنا إبراهيم بن محمد قال:
حدّثنا أبو عاصم، عن عمار بن الأسود، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: «قرأ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى ثم قال: تلك الغرانيق العلى، وإن الشفاعة منها ترتجى، فقال المشركون: قد ذكر آلهتنا في أحسن الذكر فنزلت الآية».
وقال مقاتل: قرأ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم والنجم بمكة عند مقام إبراهيم، فنعس، فقرأ تلك الغرانيق العلى. فلما فرغ من السورة، سجد وسجد من خلفه فنزل وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ وقال قتادة: لما ألقى الشيطان ما ألقى، قال المشركون: قد ذكر الله آلهتنا بخير ففرحوا بذلك فذلك قوله: لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ.
روى أسباط، عن السدي، قال: خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى المسجد فقرأ سورة النجم، فلما انتهى إلى قوله: وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى [النجم: ٢٠] فألقى الشيطان على لسانه تلك الغرانيق العلى، وإن شفاعتهن لترتجى، حتى بلغ إلى آخر السورة، سجد وسجد أصحابه وسجد المشركون لذكره آلهتهم. فلما رفع رأسه، حملوه وأسندوا به بين قطري مكة، حتى إذا جاءه جبريل عليه السلام عرض عليه، فقرأ عليه الحرفين، فقال جبريل عليه السلام: معاذ الله أن أكون أقرأتك هذا، واشتد عليه، فأنزل الله تعالى لتطييب نفس رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وأخبره أن الأنبياء عليهم السلام قبله قد كانوا مثله.

(١) عزاه السيوطي: ٦/ ٦٥ إلى عبد بن حميد من طريق السدي عن أبي صالح. والبزار والطبراني وابن مردويه بسند رجاله ثقات من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس. وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه بسند صحيح عن سعيد بن جبير. وابن مردويه من طريق الكلبي عن أبي صالح.

صفحة رقم 465
بحر العلوم
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الليث نصر بن محمد بن أحمد بن إبراهيم السمرقندي
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية
تَمَنَّى كِتَابَ الله أوَّلَ لَيْلِه وَآخِرَهُ لاَقَى حِمَامَ المَقَادِرِ