آيات من القرآن الكريم

وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ۗ فَإِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا ۗ وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ
ﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔ ﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤ

روى أن النبي صلّى الله عليه وسلّم أهدى مائة بدنة فيها جمل لأبى جهل فى أذنه برة- حلق- من ذهب، وأن عمر أهدى نجيبة- ناقة- طلبت منه بثلاثمائة دينار، وقد سأل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن يبيعها ويشترى بثمنها بهما فنهاه عن ذلك وقال بل أهدها، وكان ابن عمر رضى الله عنهما يسوق البدن مجللّة بالقباطي- ثياب مصرية غالية الثمن- فيتصدق بلجومها وبجلالها.
(لَكُمْ فِيها مَنافِعُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) أي لكم فى تلك الهدايا منافع كركوبها حين الحاجة وشرب ألبانها حين الضرورة إلى أن تنحر ويؤكل منها ويتصدق بلحومها (ثُمَّ مَحِلُّها إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ) أي ثم مكان حل نحرها عند البيت العتيق أي عند الحرم جميعه، إذ الحرم كله فى حكم البيت الحرام.
أخرج البخاري فى تاريخه والترمذي وحسنه والحاكم وصححه وابن جرير والطبري وغيرهم عن ابن الزبير قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «إنما سماه الله البيت العتيق، لأنه أعتقه من الجبابرة فلم يظهر عليه جبار قط»
وإلى هذا ذهب قتادة، وقد قصده تبّع ليهدمه فأصابه الفالج فأشير عليه أن يكف عنه، وقيل له إن ربّا يمنعه، فتركه وكساه، وهو أول من كساه، وقصده أبرهة فأصابه ما أصابه.
[سورة الحج (٢٢) : الآيات ٣٤ الى ٣٥]
وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ فَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ (٣٤) الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلى ما أَصابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلاةِ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (٣٥)
تفسير المفردات
المنسك (بكسر السين وفتحها) والنسك فى الأصل: العبادة مطلقا، وشاع استعماله فى أعمال الحج، والمراد به هنا الذبح وإراقة الدماء على وجه التقرب إليه تعالى، أسلموا:

صفحة رقم 111

أي انقادوا له، المخبتين: أي المتواضعين الخاشعين، من أخبت الرجل: إذا سار فى الخبت وهو المطمئن من الأرض، وجلت: أي خافت.
المعنى الجملي
بعد أن ذكر سبحانه أن تعظيم الشعائر من أعظم دعائم التقوى، وأن محل نحرها هو البيت العتيق- قفىّ على ذلك ببيان أن الذبح وإراقة الدماء على وجه التقرب إليه تعالى ليس بخاص بهذه الأمة، بل لكل أمة مناسك وذبائح تذكر بالله حين ذبحها والشكر له على توفيقه لإقامة هذه الشعائر، فالإله واحد والتكاليف تختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة والمصالح، وبعدئذ أمر رسوله أن يبشر المتواضعين الخاشعين لله الذين يقيمون الصلاة وينفقون مما رزقناهم بجنات تجرى من تحتها الأنهار.
الإيضاح
(وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً) أي جعلنا لأهل كل دين من الأديان التي سلفت من قبلكم ذبحا يذبحونه، ودما يريقونه على وجه التقرب لله، وليس ذلك خاصا بقوم دون آخرين.
ثم بين السبب فى ذلك فقال:
(لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ) أي وإنما شرعنا لهم ذلك كى يذكروا الله حين ذبحها، ويشكروه على ما أنعم به عليهم، إذ هو المقصود الأهم.
وفى الصحيحين عن أنس قال: «أتى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بكبشين أملحين (فيهما بياض يخالطه سواد) أقرنين فسمّى وكبّر ووضع رجله على صفاحهما»
وروى أحمد عن زيد بن أرقم قال: «قلت يا رسول الله ما هذه الأضاحى؟ قال:
«سنة أبيكم إبراهيم»
قالوا ما لنا منها؟ قال: «بكل شعرة حسنة» قالوا فالصوف؟
قال: «بكل شعرة من الصوف حسنة»

صفحة رقم 112
تفسير المراغي
عرض الكتاب
المؤلف
أحمد بن مصطفى المراغي
الناشر
شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابى الحلبي وأولاده بمصر
الطبعة
الأولى، 1365 ه - 1946 م
عدد الأجزاء
30
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية