آيات من القرآن الكريم

وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ۗ فَإِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا ۗ وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ
ﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔ

﴿وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ (٣٤) الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (٣٥) ﴾.
يُخْبِرُ تَعَالَى أَنَّهُ لَمْ يَزَل ذبحُ الْمَنَاسِكِ وإراقةُ الدِّمَاءِ عَلَى اسْمِ اللَّهِ مَشْرُوعًا فِي جَمِيعِ الْمِلَلِ.
قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا﴾ قَالَ: عِيدًا.
وَقَالَ عِكْرِمَةُ: ذَبَحًا. وَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا﴾، إِنَّهَا مَكَّةُ، لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لِأُمَّةٍ قَطُّ مَنْسَكًا غَيْرَهَا.
[وَقَوْلُهُ] (١) :﴿لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأنْعَامِ﴾، كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، فسمَّى وَكَبَّرَ، وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحهما (٢).
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنْبَأَنَا سَلام بْنُ مِسْكِينٍ، عَنْ عَائِذِ اللَّهِ الْمُجَاشِعِيِّ، عَنْ أَبِي دَاوُدَ -وَهُوَ نُفَيْع بْنُ الْحَارِثِ-عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ: قُلْتُ -أَوْ: قَالُوا-: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا هَذِهِ الْأَضَاحِيُّ؟ قَالَ: "سُنَّةُ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ". قَالُوا: مَا لَنَا مِنْهَا؟ قَالَ: "بِكُلِّ شَعْرَةٍ حَسَنَةٌ" قَالُوا: فَالصُّوفُ؟ قَالَ: "بِكُلِّ شَعْرَةٍ مِنَ الصُّوفِ حَسَنَةٌ".
وَأَخْرَجَهُ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ ابْنِ مَاجَهْ فِي سُنَنِهِ، مِنْ حَدِيثِ سَلَّامِ بْنِ مِسْكِينٍ، بِهِ (٣).
وَقَوْلُهُ: ﴿فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا﴾ أَيْ: مَعْبُودُكُمْ وَاحِدٌ، وَإِنْ تَنوّعَت شَرَائِعُ الْأَنْبِيَاءِ ونَسخَ بَعْضُهَا بَعْضًا، فَالْجَمِيعُ يَدْعُونَ إِلَى عِبَادَةِ اللَّهِ وَحْدَهُ، لَا شَرِيكَ لَهُ، ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلا نُوحِي (٤) إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾ (٥) [الْأَنْبِيَاءِ: ٢٥]. وَلِهَذَا قَالَ: ﴿فَلَهُ أَسْلِمُوا﴾ أَيْ: أَخْلِصُوا وَاسْتَسْلِمُوا لحُكْمه وَطَاعَتِهِ.
﴿وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ﴾ : قَالَ مُجَاهِدٌ: الْمُطْمَئِنِّينَ، وَقَالَ الضَّحَّاكُ، وَقَتَادَةُ: الْمُتَوَاضِعِينَ. وَقَالَ السُّدِّيُّ: الْوَجِلِينَ. وَقَالَ عَمْرُو بْنُ أَوْسٍ (٦) : الْمُخْبِتُونَ (٧) : الَّذِينَ لَا يَظلمون، وَإِذَا ظُلموا لَمْ يَنْتَصِرُوا.
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: ﴿وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ﴾ قَالَ: الْمُطْمَئِنِّينَ الرَّاضِينَ بِقَضَاءِ اللَّهِ، الْمُسْتَسْلِمِينَ له.

(١) زيادة من ف، أ.
(٢) صحيح البخاري برقم (٥٥٥٨) وصحيح مسلم برقم (١٩٦٦).
(٣) المسند (٤/٣٦٨).
(٤) في ت، أ: "يوحى".
(٥) في ت: "فاعبدوني".
(٦) في ت، ف، أ: "إدريس".
(٧) في ت: "المختبتين".

صفحة رقم 424
تفسير القرآن العظيم
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي
تحقيق
سامي سلامة
الناشر
دار طيبة للنشر والتوزيع
سنة النشر
1420
الطبعة
الثانية
عدد الأجزاء
8
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية