وَ (هَلْ يُذْهِبَنَّ) : فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بِـ «يَنْظُرْ».
وَالْجُمْهُورُ عَلَى كَسْرِ اللَّامِ فِي «لِيَقْطَعْ». وَقُرِئَ بِإِسْكَانِهَا عَلَى تَشْبِيهِ «ثُمَّ» بِالْوَاوِ وَالْفَاءِ لِكَوْنِ الْجَمِيعِ عَوَاطِفَ.
قَالَ تَعَالَى: (وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَأَنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يُرِيدُ (١٦)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَأَنَّ اللَّهَ يَهْدِي) : أَيْ وَأَنْزَلْنَا أَنَّ اللَّهَ يَهْدِي ; وَالتَّقْدِيرُ: ذَكِّرْ أَنَّ اللَّهَ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ: وَلِأَنَّ اللَّهَ يَهْدِي بِالْآيَاتِ مَنْ يَشَاءُ أَنْزَلْنَاهَا.
قَالَ تَعَالَى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (١٧)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا) خَبَرُ «إِنَّ» : إِنَّ الثَّانِيَةُ وَاسْمُهَا وَخَبَرُهَا، وَهُوَ قَوْلُهُ: «إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ» وَقِيلَ: «إِنَّ» الثَّانِيَةَ تَكْرِيرٌ لِلْأُولَى. وَقِيلَ: الْخَبَرُ مَحْذُوفٌ، تَقْدِيرُهُ: مُفْتَرِقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، وَالْمَذْكُورُ تَفْسِيرٌ لَهُ.
قَالَ تَعَالَى: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ (١٨)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَالدَّوَابُّ) : يُقْرَأُ بِتَخْفِيفِ الْبَاءِ ; وَهُوَ بَعِيدٌ ; لِأَنَّهُ مِنَ الدَّبِيبِ، وَوَجْهُهَا أَنَّهُ حَذَفَ الْبَاءَ الْأُولَى كَرَاهِيَةَ التَّضْعِيفِ وَالْجَمْعِ بَيْنَ السَّاكِنَيْنِ.
وَ (
كَثِيرٌ) : مُبْتَدَأٌ.
وَ (مِنَ النَّاسِ) : صِفَةٌ لَهُ، وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ ; تَقْدِيرُهُ: مُطِيعُونَ، أَوْ مُثَابُونَ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ.
وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ: (وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ) وَالتَّقْدِيرُ: وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ. وَلَا يَكُونُ مَعْطُوفًا عَلَى قَوْلِهِ: «مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ» لِأَنَّ النَّاسَ دَاخِلُونَ فِيهِ.
وَقِيلَ: هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَيْهِ، وَكُرِّرَ لِلتَّفْصِيلِ.
(مِنْ مُكْرِمٍ) : بِكَسْرِ الرَّاءِ. وَيُقْرَأُ بِفَتْحِ الرَّاءِ، وَهُوَ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الْإِكْرَامِ.
قَالَ تَعَالَى: (هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ (١٩) يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ (٢٠)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (خَصْمَانِ) : هُوَ فِي الْأَصْلِ مَصْدَرٌ، وَقَدْ وُصِفَ بِهِ، وَأَكْثَرُ الِاسْتِعْمَالِ تَوْحِيدُهُ: فَمَنْ ثَنَّاهُ وَجَمَعَهُ حَمَلَهُ عَلَى الصِّفَاتِ وَالْأَسْمَاءِ.
وَ (اخْتَصَمُوا) : إِنَّمَا جُمِعَ حَمْلًا عَلَى الْمَعْنَى ; لِأَنَّ كُلَّ خَصْمٍ فَرِيقٌ فِيهِ أَشْخَاصٌ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: (يُصَبُّ) : جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ. وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ خَبَرًا ثَانِيًا، وَأَنْ تَكُونَ حَالًا مِنَ الضَّمِيرِ فِي «لَهُمْ».
(يُصْهَرُ) بِالتَّخْفِيفِ. وَقُرِئَ بِالتَّشْدِيدِ لِلتَّكْثِيرِ، وَالْجُمْلَةُ حَالٌ مِنَ «الْحَمِيمُ».
قَالَ تَعَالَى: (كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (٢٢)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (كُلَّمَا) : الْعَامِلُ فِيهَا «أُعِيدُوا».
وَ «مِنْ غَمٍّ» : بَدَلٌ بِإِعَادَةِ الْخَافِضِ بَدَلَ الِاشْتِمَالِ. وَقِيلَ: الْأُولَى لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ، وَالثَّانِيَةُ بِمَعْنَى: مِنْ أَجْلِ.
وَ (ذُوقُوا) أَيْ: وَقِيلَ لَهُمْ، فَحُذِفَ الْقَوْلُ.