
يقتل فقالوا: إن له بينة، فأرسل معه إلى الشجرة والبقعة، فشهدتا له أن يونس لقيه. فرجع القوم مذعورين مما رأوا، فأعلموا بذلك الملك، فتناول الملك بيد الغلام فأجلسه مجلسه، وقال: " أنت أحق بهذا الملكان مني. فأقام لهم ذلك الغلام أمرهم أربعين سنة ".
قوله تعالى: ﴿وَزَكَرِيَّآ إِذْ نادى رَبَّهُ﴾ إلى قوله: ﴿فاعبدون﴾.
أي: واذكر اي محمد زكريا حين نادى ربه ﴿رَبِّ لاَ تَذَرْنِي فَرْداً﴾ أي وحيداً، لا ولد لي ولا عصبة، فارزقني وراثاً من آل يعقوب: ﴿وَأَنتَ خَيْرُ الوارثين﴾، فاستجبنا له دعاءه، ووهبنا له يحيى وارثاً. ثم قال: ﴿وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ﴾.
أي: جعلناها ولوداً بعد أن كانت عقيماً.
وقال عطاء: كانت سيئة الخلق طويلة اللسان، فأصلحها الله وصيرها حسنة الخلق، وهو قول محمد بن كعب وعون بن عبد الله.
ثم قال تعالى: ﴿إِنَّهُمْ كَانُواْ يُسَارِعُونَ فِي الخيرات﴾. يعني زكريا وزوجته ويحيى، أي: يسارعون في طاعة الله، والعمل بما يقرب إليه.

ثم قال تعالى: ﴿وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً﴾.
أي: رغبة فيما يرجون من ثوابه ورهبه مما يخافون من عقابه.
قال قتادة: رغباً في رحمة الله ورهباً من عذاب الله.
والدعاء في هذا الموضع: العبادة. كما قال: ﴿وَأَدْعُو رَبِّي عسى﴾ [مريم: ٤٨] أي: أعبد ربي.
قال ابن زيد: معناه: خوفاً وطمعاً.
قال ابن جريج: رغباص في رحمة الله ورهباً من عذاب الله.
ثم قال تعالى: ﴿وَكَانُواْ لَنَا خاشِعِينَ﴾ أي: متواضعين متذللين لا يستكبرون عن العبادة والدعاء والتضرع.
قال سفيان: هو الحزن الدائم في القلب.
ثم قال: ﴿والتي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا﴾.
أي: واذكر يا محمد التي أحصنت فرجها، يعني مريم: وأحصنت، حفظت ومنعت. وعنى بالفرج جيبها وقيل: فرج نفسها.
وقوله: فنفخنا فيها من روحنا: أي: من جبريل ﷺ، لأنه روح الله، نفخ في

جيب ذراعها بعد أمن منعته منه إذ لم تعرفه.
وقيل: أمر الله تعالى جبريل ﷺ، فنفخ الروح الذي هو روح عيسى في فرجها فحيي بذلك.
ثم قال تعالى: ﴿وَجَعَلْنَاهَا وابنهآ آيَةً لِّلْعَالَمِينَ﴾ أي: عبرة لعالم زمانهما. والتقدير على مذهب سيبويه: وجعلناها آية وابنها آية، ثم حذف الأولى. أي: علماً وحجة على العالمين والمعنى: جعلها آية إذا ولدت من غير فحل، وجعله آية إذ ولد من غير نطفة، وإذ نطق في يوم ولد، وتكلم بالحكمة في ذلك اليوم.
ثم قال تعالى ذكره: ﴿إِنَّ هذه أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً﴾.
أي: وإن هذه ملتكم ملة واحدة، وأنا ربكم أيها الناس فاعبدون، دون الأصنام والأوثان.
قال مجاهد وابن عباس: " أمتكم أمة واحدة " أي: دينكم دين واحد. وأمة نصبت على الحال/.