آيات من القرآن الكريم

۞ وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ
ﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩ

(وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (٨٣)
(أَيُّوبَ) نصوب على أنه مفعول لفعل محذوف تقديره " اذكر "، والمخاطب النبي محمد - ﷺ -، وتقديره اذكر يا محمد وتذكَّر أيوب، و (الضُّرُّ) هو ما يصيب الإنسان في جسمه أو نفسه وأحبائه، وقد أصيب أيوب عليه السلام في جسمه فأصيب بمرض عضال، قيل إنه الجذام، وقد ذكر ذلك ابن كثير في تفسيره فقد جاء فيه: " ذكر تعالى عن أيوب عليه السلام ما كان أصابه من البلاء في ماله وولده وجسده، وذلك أنه كان له من الدواب والأنعام والحرث شيء كثير وأولاد كثيرون ومنازل مرضية، فابتلي في ذلك كله وذهب عن آخره، ثم ابتلي في جسده، يقال

صفحة رقم 4905

بالجذام في كل بدنه، ولم يبق منه شيء سليم سوى قلبه ولسان يذكر بهما الله تعالى، حتى عافه الجليس، وانفرد في ناحية في البلد ولم يبق أحد من الناس يحنو عليه سوى زوجه كانت تقوم بأمره، ويقال إنها احتاجت فصارت تخدم الناس لأجله ".
ومع هذا المرضِ الممض المنفر، ومع الانفراد كان صابرا، كما قال الله تعالى: (... إِنَّا وَجَدنَاهُ صَابِرًا نِّعْمَ الْعَبْدُ إِنَّه أَوَّابٌ)، ولم يشكُ لأحد غير الله، والشكوى لله لَا تنافي الصبر، وإنما الذي ينافيه الأنين والشكوى للناس، قال لربه: (مَسَّنِيَ الضُّرُّ)، هذه الجملة الهادية، أي أصاب نفسي وحسِّي، قال ذلك طالبا رفع الضرر، فقال: (وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) لم يطلب من الله بصريح اللفظ، ولكنه ذكر حاله وكفى، وهو بها عليم، وإن ذكر الرحمة ينبئ عن الطلب، وهو أن يرحمه سبحانه، ولكن لم تتعين الرحمة كاشفة عن الضر، فقد يكون الضر من الرحمة، ففي حديث النبي - ﷺ -: " يبتلى الرجل على قدر دينه، فإن كان في دينه صلابه زيد في بلائه " (١) وصف الله تعالى بأنه (أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ)، وأفعل التفضيل ليس على بابه لأنه لَا رحم يقارب رحمته، وإنما يفسر على أنه سبحانه وتعالى بلغ في رحمته أعلى درجاتها.
________
(١) رواه الإمام أحمد في مسنده (١٤٩٣).

صفحة رقم 4906
زهرة التفاسير
عرض الكتاب
المؤلف
محمد بن أحمد بن مصطفى بن أحمد المعروف بأبي زهرة
الناشر
دار الفكر العربي
عدد الأجزاء
10
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية