آيات من القرآن الكريم

۞ وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ
ﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩ ﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻ

لحكمه، وتنقله إلى الأرض التي باركنا فيها، وهي أرض الشام كما تقدم، وكان الله بكل شيء عليما.
وسخرنا له من الشياطين من يغوصون في البحار، ويستخرجون من المعادن ما يحتاج إليه! ويعملون غير ذلك من بناء أبنية، ومحاريب وجفان كالجواب وقدور راسيات، وكنا لهم حافظين، فلا هرب ولا إفساد، ولا لعب بل كل يجتهد حسب ما يكلف.
هذه الآيات شهادة للعمال وأهل الحرف والصنائع، بأن العمل شرف واتخاذ الحرفة كرامة، ولقد قيل: صنعة في اليد أمان من الفقر، وقد أخبر الله- سبحانه وتعالى- عن نبيه داود- عليه السلام- أنه كان يصنع الدروع، وكان يأكل من عمل يده وكان نوح نجارا يصنع السفن، ولقمان خياطا، وهكذا التاريخ يحدثنا أن العمل كان ديدن الصالحين وطريق المؤمنين اثروا العمل على ذل السؤال وفي
الحديث الشريف: «لأن يأخذ أحدكم حبله فيحتطب خير له من أن يسأل النّاس أعطوه أو منعوه».
فالإسلام دين لا يعرف البطالة ولا الكسل بل هو دين العمل والجد، والكسب والغنى، ولكن عن طريق الحلال لا عن طريق الحرام.
ولقد يفهم الناس خطأ أن الإسلام يدعو إلى الفقر والزهد والمكث في المساجد وعدم العمل، وهذا فهم خطأ، وإنما يحث الدين على القناعة والإجمال في الطلب وعدم التكالب على الدنيا فإن ذلك قد يدفع صاحبه إلى التعدي على أخيه وظلمه إرضاء لشهوة المال وجمعه.
أيوب عليه السلام [سورة الأنبياء (٢١) : الآيات ٨٣ الى ٨٤]
وَأَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (٨٣) فَاسْتَجَبْنا لَهُ فَكَشَفْنا ما بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْناهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَذِكْرى لِلْعابِدِينَ (٨٤)

صفحة رقم 547

المفردات:
الضُّرُّ بفتح الضاد الضرر في كل شيء، وبالضم الضرر في النفس من مرض وهزال.
المعنى:
واذكر يا محمد أيوب وخبره الحق وقت أن نادى ربه أنى مسنى الضر ولحقني التعب والهم، وأنت يا رب أرحم الراحمين.
أما ضر أيوب الذي لحقه فالمفسرون جالوا في تحديده وصالوا، وذكر القرطبي في ذلك خمسة عشر قولا. الأول: أنه وثب ليصلى فلم يقدر على النهوض فقال: مسنى الضر: إخبارا عن حاله لا شكوى لبلائه، وهذا لا ينافي الصبر إلى آخر الأقوال التي ذكرت في تفسير الآية.
والناس يروون في بلاء أيوب أقوالا يوردونها تدل على أنه مرض مرضا مشوها ومنفرا للناس.
وهذا يتنافى مع منصب النبوة، إذ الأنبياء منزهون عن الأمراض المنفرة، ويمكن أن نفهم أن الابتلاء بهذا الشكل كان قبل النبوة فلما صبر وصابر اجتباه الله واختاره نبيا، على أن المبالغين في تصوير ضر أيوب ومرضه إنما اعتمدوا فيما يقولون على ما جاء عند أهل الكتاب في السفر المسمى «سفر أيوب».
وبهذه المناسبة هذا السفر اختلفوا في وضعه هل هم اليهود. أو أيوب، أو سليمان، أو أشعيا، أو رجل مجهول الاسم، أو حزقيال، أو عزرا؟
واختلف أهل الكتاب في زمانه هل هو معاصر لموسى؟ أو لأزدشير، أو لسليمان أو لبختنصر، أو كان زمان قبل إبراهيم إلخ، حتى قال أحد علماء البروتستانت: إن خفة هذه الخيالات دليل كاف على ضعفها.
أما القول الحق فهو: أيوب عبد صالح امتحنه الله في ماله وأهله وولده وبدنه قصير ثم من الله عليه بالعافية، وأعطاه أكثر مما فقد، وأثنى عليه ثناء جميلا في القرآن وجعله نبيا، ولم يكن عنده المرض المنفر.

صفحة رقم 548
التفسير الواضح
عرض الكتاب
المؤلف
محمد محمود حجازي
الناشر
دار الجيل الجديد
سنة النشر
1413
الطبعة
العاشرة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية