آيات من القرآن الكريم

وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ ۖ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ
ﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪ ﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕ ﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞ

وَأَبْهَرُ وَأَقْطَعُ وَأَقْهَرُ مِمَّا شُوهِدَ مَعَ غَيْرِهِ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: ذُكِرَ عَنْ زَيْدِ بْنِ الْحُبَابِ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ: حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ يَزِيدَ الْحَضْرَمِيُّ عَنْ عُلَيِّ بْنِ رَبَاحٍ اللَّخْمِيِّ، حَدَّثَنِي مَنْ شَهِدَ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ يَقُولُ: كُنَّا فِي الْمَسْجِدِ وَمَعَنَا أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُقْرِئُ بَعْضُنَا بَعْضًا الْقُرْآنَ، فَجَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولَ وَمَعَهُ نُمْرُقَةٌ وَزِرْبِيَّةٌ، فَوَضَعَ وَاتَّكَأَ، وَكَانَ صَبِيحًا فَصِيحًا جَدِلًا، فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ، قُلْ لِمُحَمَّدٍ يَأْتِينَا بِآيَةٍ كَمَا جَاءَ الْأَوَّلُونَ، جَاءَ مُوسَى بالألواح، وجاء دواد بِالزَّبُورِ، وَجَاءَ صَالِحٌ بِالنَّاقَةِ، وَجَاءَ عِيسَى بِالْإِنْجِيلِ وَبِالْمَائِدَةِ، فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال أبو بكر: قوموا بنا إلى رسول الله ﷺ نَسْتَغِيثُ بِهِ مِنْ هَذَا الْمُنَافِقِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّهُ لَا يُقَامُ لِي إِنَّمَا يُقَامُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا لَقِينَا مِنْ هَذَا الْمُنَافِقِ، فَقَالَ: «إِنَّ جِبْرِيلَ قَالَ لِي اخْرُجْ فَأَخْبِرْ بِنِعَمِ اللَّهِ الَّتِي أَنْعَمَ بِهَا عَلَيْكَ، وَفَضِيلَتِهِ الَّتِي فُضِّلْتَ بِهَا، فَبَشَّرَنِي أَنِّي بُعِثْتُ إِلَى الْأَحْمَرِ وَالْأَسْوَدِ، وَأَمَرَنِي أَنْ أُنْذِرَ الْجِنَّ، وَآتَانِي كِتَابَهُ وَأَنَا أُمِّيٌّ، وَغَفَرَ ذَنْبِي مَا تَقَدَّمَ وَمَا تَأَخَّرَ، وَذَكَرَ اسْمِي فِي الأذان، وأمدني بِالْمَلَائِكَةِ، وَآتَانِي النَّصْرَ، وَجَعَلَ الرُّعْبَ أَمَامِي، وَآتَانِي الكوثر، وجعل حوضي من أكثر الحياض يوم القيامة ورودا، ووعدني المقام المحمود والناس مهطعون مقنعون رؤوسهم، وَجَعَلَنِي فِي أَوَّلِ زُمْرَةٍ تَخْرُجُ مِنَ النَّاسِ، وَأَدْخَلَ فِي شَفَاعَتِي سَبْعِينَ أَلْفًا مِنْ أُمَّتِي الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ، وَآتَانِي السُّلْطَانَ وَالْمُلْكَ، وَجَعَلَنِي فِي أَعْلَى غُرْفَةٍ فِي الْجَنَّةِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ، فَلَيْسَ فَوْقِي أَحَدٌ إِلَّا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ يحملون العرش، وأحل لي ولأمتي الْغَنَائِمَ وَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ كَانَ قَبْلَنَا» وَهَذَا الحديث غريب جدا.
[سورة الأنبياء (٢١) : الآيات ٧ الى ٩]
وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (٧) وَما جَعَلْناهُمْ جَسَداً لَا يَأْكُلُونَ الطَّعامَ وَما كانُوا خالِدِينَ (٨) ثُمَّ صَدَقْناهُمُ الْوَعْدَ فَأَنْجَيْناهُمْ وَمَنْ نَشاءُ وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ (٩)
يَقُولُ تَعَالَى رَادًّا عَلَى مَنْ أَنْكَرَ بِعْثَةَ الرُّسُلِ مِنَ الْبَشَرِ: وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ إِلَّا رِجالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ أَيْ جَمِيعُ الرُّسُلِ الَّذِينَ تَقَدَّمُوا كَانُوا رِجَالًا مِنَ الْبَشَرِ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ أَحَدٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، كَمَا قَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرى [يُوسُفَ:
١٠٩] وَقَالَ تَعَالَى: قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ [الْأَحْقَافِ: ٩] وَقَالَ تَعَالَى حِكَايَةً عَمَّنْ تَقَدَّمَ مِنَ الْأُمَمِ، لأنهم أَنْكَرُوا ذَلِكَ فَقَالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنا [التَّغَابُنِ: ٦] وَلِهَذَا قال تعالى: فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ أَيِ اسْأَلُوا أَهْلَ الْعِلْمِ مِنَ الْأُمَمِ كَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَسَائِرِ الطَّوَائِفِ: هَلْ كَانَ الرُّسُلُ الَّذِينَ أَتَوْهُمْ بشرا أو ملائكة؟ وإنما كانوا بشرا، وذلك من تمام نعمة اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رُسُلًا مِنْهُمْ يَتَمَكَّنُونَ مِنْ تَنَاوُلِ الْبَلَاغِ مِنْهُمْ وَالْأَخْذِ عنهم.

صفحة رقم 292
تفسير القرآن العظيم
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي
تحقيق
محمد حسين شمس الدين
الناشر
دار الكتب العلمية، منشورات محمد علي بيضون - بيروت
الطبعة
الأولى - 1419 ه
عدد الأجزاء
1
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية