آيات من القرآن الكريم

قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ
ﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥ ﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱ ﯔﯕﯖﯗﯘ ﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡ

ومنها ان السخاء مفتاح باب المراد. ومنها ان المراجعة عند الحيرة الى الله لها تأثير عظيم. ومنها ان رعاية كلام الله سبب السلطنة مطلقا صورية كانت او معنوية إذ هو ذكر مبارك. ومنها ان ترك الرعاية سبب لزوال قوتها بل لزوال نفسها كما وقع فى هذه الاعصار فان الترقي الواقع فى زمان السلاطين المتقدمين آل الى التنزل وقد عزل السلطان محمد الرابع فى زماننا بسبب الترك المذكور فهذا هو زوال السلطنة نسأل الله تعالى ان يجعل القرآن ربيع قلوبنا وجلاء احزاننا وَلَقَدْ آتَيْنا إِبْراهِيمَ رُشْدَهُ الرشد خلاف الغى وهو الابتداء لمصالح الدين والدنيا وكماله يكون بالنبوة اى بالله لقد آتينا بجلالنا وعظم شأننا ابراهيم الخليل عليه السلام الرشد اللائق به وبامثاله من الرسل الكبار على ما افادته الاضافة مِنْ قَبْلُ من قبل إيتاء موسى وهارون التوراة وتقديم ذكر ايتائها لما بينه وبين إنزال القرآن من الشبه التام وَكُنَّا بِهِ عالِمِينَ اى وكنا عالمين بانه اهل لما آتيناه من الرشد والنبوة وتقديم الظرف لمجرد الاهتمام مع رعاية الفاصلة ونظير الآية قوله تعالى اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ واعلم ان الاهلية ايضا من الله تعالى

قابلى كر شرط فعل حق بدى همچومعدومى بهستى نامدى
وقد قالوا القابلية صفة حادثة من صفات المخلوق والعطاء صفة قديمة من صفات الخالق والقديم لا يتوقف على الحادث إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ ظرف لآتينا على انه وقت متسع وقع فيه الإيتاء وما ترتب عليه من أفعاله وأقواله يقول الفقير والظاهر من عدم التعرض لامه كونها مؤمنة كما يدل عليه تبريه وامتناعه من أبيه دونها والمراد من قومه اهل بابل بالعراق وهى بلاد معروفة من عبادان الى الموصل طولا ومن القادسية الى حلوان عرضا سميت بها لكونها على عراق دجلة والفرات اى شاطئهما ما [چيست] هذِهِ التَّماثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَها عاكِفُونَ التماثيل جمع تمثال وهو الشيء المصور المصنوع مشبها بخلق من خلائق الله والممثل المصور على مثال غيره من مثلث الشيء بالشيء إذا شبهته به والعكوف الإقبال على الشيء وملازمته على سبيل التعظيم لغرض من الأغراض ضمن معنى العبادة كما يدل عليه الجواب الآتي ولذا جيئ باللام دون على اى ما هذه الأصنام التي أنتم عبادون لها مقيمون عليها وهذا السؤال تجاهل منه والا فهو يعرف ان حقيقتها حجر أو شجر اتخذوها معبودا قال الكاشفى [آن هفتاد دو صورت بود. ودر تيسير كويد نود بت بود وبزركتر همه را از زر ساخته بودند ودو كوهر شاهوار در چشمهاى او تركيب كرده. ودر تبيان آورده كه صورتها بودند بر هيأت سباع وطيور وبهائم وانسان. وبقول بعضى تماثيل بر مصور هياكل كواكب بود]- روى- ان عليا رضى الله عنه مر بقوم يلعبون بالشطرنج. فقال ما هذه التماثيل كما فى تفسير ابى الليث وفيه تقبيح للعب. الشطرنج حيث عبر عن شخوصه بما عبر به ابراهيم عن الأصنام فاشار الى ان العكوف على هذا اللعب. كالعكوف على عبادة الأصنام قال صاحب الهداية يكره اللعب بالنرد والشطرنج والاربعة عشر والكل لهو لانه ان قامر بها فالميسر حرام بالنص وهو اسم لكل قمار وان لم يقامر فهو عبث ولهو وقال عليه السلام (لهو المؤمن باطل الا لثلاث تأديبه لفرسه

صفحة رقم 490

ومناضلته عن قوسه وملاعبته مع اهله) وحكى عن الشافعي رحمه الله اباحة اللعب بالشطرنج لما فيه من تسخية الخاطر قال زين العرب فى شرح المصابيح رجع الشافعي عن هذا القول قبل موته بأربعين يوما وذكر الغزالي ايضا فى خلاصته انه مكروه عند الشافعي اى فى قوله الأخير وكيف لا يكون مكروها وهو احياء سنة المجوس وقد قال عليه السلام (من لعب بالشطرنج والنرد شير فكأنما غمس يده فى دم الخنزير) واما قول ابن خيام

زمانى بحث ودرس قيل وقالى كه انسان را بود كسب كمالى
زمانى شعر وشطرنج وحكايات كه خاطر را شود دفع ملالى
فمن قبيل القول الباطل الناشئ عن هوى النفس الامارة بالسوء أعاذنا الله وإياكم من مكرها وتسويلها وفى الآية اشارة الى احوال اهل الدين فانهم يرون اهل الدنيا بنور الرشد عاكفين لاصنام الهوى والشهوات يقولون لهم ما هذه التماثيل إلخ ولو لم يكن نور الرشد والهداية من الله لكانوا معهم عاكفين لها وما رأوها بنظر التماثيل قالُوا كأنه قال ابراهيم عليه السلام أي شىء حملكم على عبادتها فقالوا وَجَدْنا آباءَنا لَها عابِدِينَ اى عابدين لها فنحن نعبدها اقتداء بهم وهو جواب العاجز عن الإتيان بالدليل قالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ اى وبالله لقد كنتم أنتم ايها المقلدون وآباؤكم الذين سنوا لكم هذه السنة الباطلة مستقرين فى ضلال عظيم وخطأ ظاهر لكل أحد لعدم استناده الى دليل ما والتقليد انما يجوز فيما يحتمل الحقية فى الجملة والباطل لا يصير حقا بكثرة القائلين به وفيه اشارة الى ان التقليد غالب على الخلق كافة فى عبادة الهوى والدنيا الا من آتاه الله رشده واعلم ان التقليد قبول قول الغير بلا دليل وهو جائز فى الفروع والعمليات ولا يجوز فى اصول الدين والاعتقاديات بل لا بد من النظر والاستدلال لكن ايمان المقلد صحيح عند الحنفية والظاهرية وهو الذي اعتقد جميع ما وجب عليه من حدوث العالم ووجود الصانع وصفاته وإرسال الرسل وما جاؤا به حقا من غير دليل لان النبي عليه السلام قبل ايمان الاعراب والصبيان والنسوان والعبيد والإماء من غير تعليم الدليل ولكنه يأثم بترك النظر والاستدلال لوجوبه عليه وفى فصل الخطاب من نشأ فى بلاد المسلمين وسبح الله عند رؤية صنائعه فهو خارج عن حد التقليد اى فان تسبيحه عند رؤية المصنوعات عين الاستدلال فكأنه يقول الله خالق هذا على هذا النمط البديع ولا يقدر أحد غيره على خلق مثل هذا فهو استدلال بالأثر واثبات للقدرة والارادة الى غير ذلك فالمقصود من الاستدلال هو الانتقال من الأثر الى المؤثر ومن المصنوع الى الصانع بأى وجه كان لا ملاحظة الصغرى والكبرى وترتيب المقدمات للانتاج على قاعدة المعقول يقول الفقير ادى جهل هذا الزمان الى حيث ان من سبح عند كل اعجوبة لم يلزم ان يكون مستدلا مطلقا لانه سمع الناس يقولون سبحان الله عند رؤية سيل عظيم او شجر كبير او حريق هائل او نحوها مما خرج عن حد جنسه فيقلدهم فى ذلك من غير ان يخطر بباله انه صنع الله تعالى وقد رأيت ملاحا ذميا يحث خدام السفينة على بعض الأعمال ويقول لهم اجتهدوا وكونوا من اهل الغيرة فان الغيرة من الايمان

صفحة رقم 491
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية