آيات من القرآن الكريم

وَهَٰذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنْزَلْنَاهُ ۚ أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ
ﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚ

وَالدِّقَّةِ. وَبَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُ: هُوَ زَرِيعَةُ الْجِرْجِيرِ. وَأُنِّثَ الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ بِهَا هُوَ رَاجِعٌ إِلَى الْمُضَافِ الَّذِي هُوَ مِثْقَالَ وَهُوَ مُذَكَّرٌ لِاكْتِسَابِهِ التَّأْنِيثَ مِنَ الْمُضَافِ إِلَيْهِ الَّذِي هُوَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ عَلَى حَدِّ قَوْلِهِ فِي الْخُلَاصَةِ:

وَرُبَّمَا أَكْسَبَ ثَانٍ أَوَّلًا تَأْنِيثًا إِنْ كَانَ لِحَذْفٍ مُؤَهَّلًا
وَنَظِيرُ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ قَوْلُ عَنْتَرَةَ فِي مُعَلَّقَتِهِ:
جَادَتْ عَلَيْهِ كُلُّ عَيْنٍ ثَرَّةٍ فَتَرَكْنَ كُلَّ قَرَارَةٍ كَالدِّرْهَمِ
وَقَوْلُ الرَّاجِزِ:
طُولُ اللَّيَالِي أَسْرَعَتْ فِي نَقْضِي نَقَضْنَ كُلِّي وَنَقَضْنَ بِعْضِي
وَقَوْلُ الْأَعْشَى:
وَتُشْرِقُ بِالْقَوْلِ الَّذِي قَدْ أَذَعْتُهُ كَمَا شَرِقَتْ صَدْرُ الْقَنَاةِ مِنَ الدَّمِ
وَقَوْلُ الْآخَرِ:
مَشَيْنَ كَمَا اهْتَزَّتْ رِمَاحٌ تَسَفَّهَتْ أَعَالِيَهَا مَرُّ الرِّيَاحِ النَّوَاسِمِ
فَقَدْ أَنَّثَ فِي الْبَيْتِ الْأَوَّلِ لَفْظَةَ «كُلُّ» لِإِضَافَتِهَا إِلَى «عَيْنٍ». وَأَنَّثَ فِي الْبَيْتِ الثَّانِي لَفْظَةَ «طُولُ» لِإِضَافَتِهَا إِلَى «اللَّيَالِي» وَأَنَّثَ فِي الْبَيْتِ الثَّالِثِ الصَّدْرَ لِإِضَافَتِهِ إِلَى «الْقَنَاةِ» وَأَنَّثَ فِي الْبَيْتِ الرَّابِعِ «مَرُّ» لِإِضَافَتِهِ إِلَى «الرِّيَاحِ». وَالْمُضَافَاتُ الْمَذْكُورَةُ لَوْ حُذِفَتْ لَبَقِيَ الْكَلَامُ مُسْتَقِيمًا، كَمَا قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ:.
......... إِنْ كَانَ لِحَذْفٍ مُؤَهَّلًا
وَقَرَأَ هَذَا الْحَرْفَ عَامَّةُ الْقُرَّاءِ مَا عَدَا نَافِعًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ بِنَصْبِ مِثْقَالَ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ كَانَ أَيْ: وَإِنْ كَانَ الْعَمَلُ الَّذِي يُرَادُ وَزْنُهُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ.
وَقَرَأَ نَافِعٌ وَحْدَهُ وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ بِالرَّفْعِ، فَاعِلُ كَانَ عَلَى أَنَّهَا تَامَّةٌ. كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنْزَلْنَاهُ أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ.
ذَكَرَ - جَلَّ وَعَلَا - فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: أَنَّ هَذَا الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَيْ: كَثِيرُ الْبَرَكَاتِ وَالْخَيْرَاتِ؛ لِأَنَّ فِيهِ خَيْرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. ثُمَّ وَبَّخَ مَنْ يُنْكِرُونَهُ مُنْكِرًا عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ: أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ. وَمَا ذَكَرَهُ - جَلَّ وَعَلَا - فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ مِنْ أَنَّ هَذَا

صفحة رقم 161
أضواء البيان
عرض الكتاب
المؤلف
محمد الأمين بن محمد المختار بن عبد القادر الجكني الشنقيطي
سنة النشر
1415
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية