آيات من القرآن الكريم

وَهَٰذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنْزَلْنَاهُ ۚ أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ
ﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈ ﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑ ﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚ ﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥ

لُقْمَانَ، أَيْ وَإِنْ وَقْعَ مِثْقَالُ حَبَّةٍ، وَنَصَبَهَا الْآخَرُونَ عَلَى مَعْنًى: وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الشَّيْءُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ أَيْ زِنَةَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ، ﴿أَتَيْنَا بِهَا﴾ أَحْضَرْنَاهَا لِنُجَازِيَ بِهَا.
﴿وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ﴾ قَالَ السُّدِّيُّ: مُحْصِينَ، وَالْحَسْبُ مَعْنَاهُ: الْعَدُّ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: عَالِمِينَ حَافِظِينَ، لِأَنَّ مَنْ حَسَبَ شَيْئًا عَلِمَهُ وَحَفِظَهُ.
﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْرًا لِلْمُتَّقِينَ (٤٨) الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ (٤٩) وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنْزَلْنَاهُ أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (٥٠) وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ (٥١) ﴾
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ﴾ يَعْنِي الْكِتَابَ الْمُفَرِّقَ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، وَهُوَ التَّوْرَاةُ. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: الْفَرْقَانُ النَّصْرُ عَلَى الْأَعْدَاءِ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ﴾ (الْأَنْفَالِ: ٤١)، يَعْنِي يَوْمَ بَدْرٍ، لِأَنَّهُ قَالَ ﴿وَضِيَاءً﴾ أَدْخَلَ الْوَاوَ فِيهِ أَيْ آتَيْنَا مُوسَى النَّصْرَ وَالضِّيَاءَ وَهُوَ التَّوْرَاةُ.
وَمَنْ قَالَ: الْمُرَادُ بِالْفُرْقَانِ التَّوْرَاةُ، قَالَ: الْوَاوُ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَضِيَاءً﴾ زَائِدَةٌ مُقْحَمَةٌ، مَعْنَاهُ: آتَيْنَاهُ التَّوْرَاةَ ضِيَاءً، وَقِيلَ: هُوَ صِفَةٌ أُخْرَى لِلتَّوْرَاةِ، ﴿وَذِكْرًا﴾ تَذْكِيرًا، ﴿لِلْمُتَّقِينَ﴾ ﴿الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ﴾ أَيْ يَخَافُونَهُ وَلَمْ يَرَوْهُ، ﴿وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ﴾ خَائِفُونَ. ﴿وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنْزَلْنَاهُ﴾ يَعْنِي الْقُرْآنَ وَهُوَ ذِكْرٌ لِمَنْ تَذَكَّرَ بِهِ، مُبَارَكٌ يَتَبَرَّكُ بِهِ وَيَطْلُبُ مِنْهُ الْخَيْرَ، ﴿أَفَأَنْتُمْ﴾ يَا أَهْلَ مَكَّةَ، ﴿لَهُ مُنْكِرُونَ﴾ جَاحِدُونَ (١) وَهَذَا اسْتِفْهَامُ تَوْبِيخٍ وَتَعْبِيرٍ. قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ﴾ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: أَيْ صَلَاحَهُ، ﴿مِنْ قَبْلُ﴾ أَيْ مِنْ قَبْلِ مُوسَى وَهَارُونَ، وَقَالَ الْمُفَسِّرُونَ: رُشْدَهُ، أي هداه ١٧/أمِنْ قَبْلُ أَيْ مِنْ قَبْلِ الْبُلُوغِ، وَهُوَ حِينُ خَرَجَ مِنَ السَّرْبِ وَهُوَ صَغِيرٌ، يُرِيدُ هَدْيَنَاهُ صَغِيرًا كَمَا قَالَ تَعَالَى لِيَحْيَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: ﴿وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا﴾ (مَرْيَمَ: ١٢)، ﴿وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ﴾ أَنَّهُ أَهْلٌ لِلْهِدَايَةِ وَالنُّبُوَّةِ.

(١) ساقط من "ب".

صفحة رقم 322
معالم التنزيل
عرض الكتاب
المؤلف
محيي السنة، أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوي الشافعي
تحقيق
محمد عبد الله النمر
الناشر
دار طيبة للنشر والتوزيع
سنة النشر
1417
الطبعة
الرابعة
عدد الأجزاء
8
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية