آيات من القرآن الكريم

بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ
ﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐ

﴿وَهُوَ السَّمِيعُ﴾ لما تكلموا به (١) ﴿الْعَلِيمُ﴾ بما قولوا وبما في قلوبهم.
٥ - قوله تعالى: ﴿بَلْ قَالُوا﴾ قال المبرد: "بل" لها موضعان في الكلام يجمعهما (٢) شيء واحد وهو التنقل من خبر إلى خبر، ومن أمر إلى أمر، وقد يكون الانتقال رغبة عن الأول، إمَّا غلط القائل فاسْتَثْبَتَ (٣) وترك الأول وإما نسي فذكر. وقد يكون لما فرغ من خبر انتقل إلى آخر على أن الأول (٤) مصحح مفروغ منه، والذي يأتي من عند الله [لا يكون] (٥) إلا الانتقال من خبر إلى خبر، وكلاهما محكم (٦).
قال صاحب النظم: فقوله -عز وجل-: ﴿بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ﴾ خبر (٧) من الله -عز وجل- معطوف على قوله: ﴿هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ﴾ أي أنهم قد قالوهما (٨) جميعًا، إلا أنهم خلطوا من جهة الحَيْرة التي دخلتهم في أمر الرسول -صلى الله عليه وسلم- فلم يدروا ما قصته، فقالوا: ﴿بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ﴾ فأعلم الله -عز وجل- أنهم قالوا هذه الأقوال على حيرة منهم في أمره.

(١) في (أ): (أنه)، وهو خطأ.
(٢) في (أ): (مجمعهما).
(٣) في (أ)، (ت): (فاستب)، مهملة الآخر.
(٤) في (د)، (ع): (إلى آخر عن الأول).
(٥) ساقط من (ع).
(٦) في "المقتضب" ٣/ ٣٠٥ نحو هذا القول باختصار. وانظر: "حروف المعاني والصفات" للزجاجي ص ٢٩، "الأزهية في علم الحروف" للهروي ص ٢٢٩ - ٢٣٠، "رصف المباني في شرح حروف المعاني" للمالقي ص٢٣٠، "مغني اللبيب" لابن هشام ١/ ١٣٠ - ١٣١.
(٧) في (أ)، (ت): (وخير).
(٨) في (أ)، (ت): (قالوا هما)، وهو خطأ.

صفحة رقم 17

وقوله تعالى: ﴿أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ﴾ أي: الذي أتى به النبي (١) -صلى الله عليه وسلم- أضغاث أحلام.
قال قتادة: تخاليط (٢) رؤيا رآها في المنام (٣).
وذكرنا الكلام في أضغاث الأحلام (٤) في سورة يوسف.
وقوله تعالى: ﴿بَلِ افْتَرَاهُ﴾ أي: اختلقه وفتعله من نفسه ﴿بَلْ هُوَ شَاعِرٌ﴾.
قال أبو إسحاق (٥): أي أخذوا ينقضون [أقوالهم] (٦) بعضها ببعض، فمرة يقولون: هذه أحلام، ومرة يقولون (٧): هذا شعر، ومرة (٨): هذا (٩) مفترى (١٠).
وعلى هذا معنى "بل": الإخبار عنهم بنقضهم قولهم في القرآن،

(١) في (د)، (ع): (الرسول).
(٢) في (أ): (مخاليط).
(٣) ذكره بهذا النص عن قتادة: الطوسي في "التبيان" ٧/ ٢٠٣، والحاكم الجشمي في "التهذيب" ٦/ ١٣٦ ب، وأخرج عبد الرزاق في "تفسيره" (ج١ ق ٢)، والطبري في "تفسيره" ١٦/ ١١٨ طبعة شاكر عن قتادة - في قوله (قالوا أضغاث أحلام) [يوسف: ٤٤] قال: أخلاط أحلام. وذكر السيوطي في "الدر المنثور" ٥/ ٦١٧ عن ابن المنذر وابن أبي حاتم أخرجا عن قتادة في قوله "بل قالوا أضغاث أحلام" قال: أي: فعل الأحلام، إنما هي رؤيا رآها.
(٤) في (د): (أضغاث أحلام).
(٥) هو أبو إسحاق الزجَّاج.
(٦) كشط في (ت).
(٧) (يقولون): ساقط من (أ).
(٨) في (د): (ومرة ومرة). تكرار.
(٩) في (أ): (هذه)، وهو خطأ.
(١٠) "معاني القرآن وإعرابه" للزجاج ٣/ ٣٨٤.

صفحة رقم 18

وقوله تعالى: ﴿وَعْدًا عَلَيْنَا﴾ قال الزجاج: منصوب على المصدر؛ لأن قوله: ﴿نُعِيدُهُ﴾ بمعنى وعدنا هذا وعدا (١).
وقوله تعالى: ﴿إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ﴾ قال ابن عباس: يريد الفعل بعينه.
ومعنى هذا ما ذكره الزجاج: أي قادرين على فعل ما نشاء (٢).
وقال الآخرون (٣): يعني البدء والإعادة. والمعنى إنا كنا فاعلين (٤) ما وعدناكم من ذلك والموعود هو الإعادة.
١٠٥ - قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ﴾ الزبور: جميع (٥) الكتب المنزلة من السماء، والمراد بالذكر أم الكتاب الذي عند الله.
هذا قول سعيد بن جبير، ومجاهد، وابن زيد (٦)، واختيار أبي إسحاق، قال: الزبور جميع الكتب: التوراة والإنجيل والقرآن (٧)، زبور

(١) "معاني القرآن" للزجاج ٣/ ٤٠٦. وانظر: "البحر المحيط" ٦/ ٣٤٤، "الدر المصون" ٨/ ٢١٣.
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ٣/ ٤٠٧.
(٣) هذا قول الطبري ١٧/ ١٠٢، والثعلبي في "الكشف والبيان" ٣/ ٤٥ ب.
(٤) عند الطبري ١٧/ ١٠٢: إنا كنا فاعلي.
(٥) في (د)، (ع): (جمع)، وهو خطأ.
(٦) ذكره الثعلبي في "الكشف والبيان" ٣/ ٤٥ ب عن ابن جبير ومجاهد وابن زيد. ورواه عن سعيد بن جبير سفيان في "تفسيره" ص ٢٠٦، وسعيد بن منصور في "تفسيره" ل ١٥٥ أ، وهناد في "الزهد" ١/ ١٢٣، والطبري في "تفسيره" ١٧/ ١٠٣، وذكره السيوطي في "الدر المنثور" ٥/ ٦٨٥ وعزاه لهناد وعبد بن حميد وابن جرير.
ورواه عن مجاهد الطبري ١٧/ ١٠٣، وذكره السيوطي في "الدر المنثور" ٥/ ٦٨٥ وعزاه لعبد بن حميد وابن جرير. ورواه عن ابن زيد الطبري ١٧/ ١٠٣.
(٧) في المطبوع من المعاني: الفرقان.

صفحة رقم 226

لأنّ الزبور والكتاب في معنى واحد، يقال: زبرت وكتبت، والمعنى: ولقد كتبنا في الكتب من بعد ذكرنا في السماء (١).
قال ابن عباس في رواية الكلبي، والضحاك، والسدي: الذكر: التوراة، والزبور: الكتب المنزلة بعد التوراة (٢).
وقال في رواية عطاء: يريد زبور داود من بعد التوراة. وهذا قول عامر الشعبي (٣).
والمختار قول سعيد لأنَّه الأجمع (٤)، وتأويل الكلام: لقد حكمنا فأثبتنا حكمنا في الكتب من بعد أم الكتاب.
﴿أَنَّ الْأَرْضَ﴾ يعني أرض الجنة. قاله ابن عباس -في رواية عطاء- ومجاهد والسدي، وأبو صالحِ، وأبو العالية، وسعيد بن جبير، وابن زيد (٥)، واحتجوا بقوله: ﴿وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ﴾ [الزمر: ٧٤] الآية، {يَرِثُهَا

(١) "معاني القرآن" للزجاج ٣/ ٤٠٧.
(٢) ذكره الثعلبي في "الكشف والبيان" ٣/ ٤٥ ب عن ابن عباس والضحاك. ورواه الطبري في "تفسيره" ١٧/ ١٠٣ عن ابن عباس من طريق العوفي. ورواه عن الضحاك أيضًا ١٧/ ١٠٣. ورواه عبد الرزاق في تفسيره ٢/ ٣٠ عن الكلبي.
(٣) رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه" ١٠/ ٥٥٥، والطبري في "تفسيره" ١٧/ ١٠٣، والحاكم في "مستدركه" ٢/ ٥٨٧، وذكره السيوطي في "الدر المنثور" ٥/ ٦٨٦ وعزاه لابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم.
(٤) وهو اختيار الطبري في "تفسيره" ١٧/ ١٠٤، وما نقله الواحدي بعد ذلك من قوله: وتأويل الكلام. هو كلام الطبري رحمه الله.
(٥) رواه الطبري في "تفسيره" ١٧/ ١٠٤ من طريق مجاهد عن ابن عباس، وذكره السيوطي في "الدر المنثور" ٥/ ٦٨٧ وعزاه للفريابي وابن جرير وابن أبي حاتم. =

صفحة رقم 227
التفسير البسيط
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي، النيسابوري، الشافعي
الناشر
عمادة البحث العلمي - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
سنة النشر
1430
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية